توطين السلاح السعودي
كتب د. بدر بن سعود في صحيفة الرياض:
المملكة تعمل على استراتيجية أقرت منذ 2017، من أجل الوصول بالدولة إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق باحتياجاتها الأســــاسية من المعــــدات والتجهيـزات العسكرية، ونسبة الـ 50 % تخاطب هذه الرغبة، وتشل قدرات من يفكر في استخدام هذا الملف لأغراض سياسية أو مصلحية، وقد أنشئت لذلك الشركة السعودية للصناعات العسكرية (سامي)
مدينـــــة الرياض على مـــــوعد مع حدث مهم بعد أقل من شهر، وتحديدا ما بين يومي 4 و8 فبراير القادم، حيث ستقام الدورة الثانية من معرض الدفاع العالمي، بحضور 12 شركة فضاء دولية من الوزن الثقيل، بينــــها وكالة الفضـــاء الاتحادية الروسيــــة، وسيضم المعرض مشاركات من خمسة وسبعين دولة، وسيحضره 100 ألف زائر و125 وفداً رسمياً، والمعرض يستهدف توطين الصناعات العسكرية وخفض الإنفاق العسكري الخارجي بنسبة 50 % في 2030، والذي يتراوح ما بين 50 الى 70 مليار دولار حالياً، وتحفيز الشركات العسكرية الأجنبية على نقل التقنية ومعارفها للسعوديين المؤهلين، بجانب تشجيعه للابتكار في المجال العسكري، وستقدم خلاله وللمرة الأولى جائزة للابتكار، وبما مجموعه ست مئة ألف ريال أو ما يعادل 160 ألف دولار.
جائزة الابتكار العسكري فيها شراكة بين القطاعين العام والخاص، وتستهدف كل المواطنين والمقيمين داخل الأراضي السعودية، بدون تحديد لفئات أو تخصصات أو مؤهلات معينة، وبالإضافة لقيمتها المالية سيتم توفير دعم مكمل لأصحاب الابتكارات الفائزة، وذلك عن طريق ربطهم بمراكز بحثية وحاضنات أعمال ومصنعين وطنيين، وبما يضمن رفع المتوسط المحلي للأبحاث في الصناعات العسكرية من نصف في المئة إلى 4 % بعد ستة أعوام، والثاني يمثل المتوسط العالمي، وجرى تخصيص عشرة مليارات دولار لهذا الغرض، فالأبحاث والتطوير يمثلان العمود الفقري للصناعات العسكرية.
في 2016 ومع بداية رؤية المملكة، كانت نسبة توطين الإنفاق العسكري السعودي لا تتجاوز 3 % في المتــوسط، وقد وصــــلت في 2021 إلى 12 %، والمتوقـــع أن تصــــل في 2025 إلى 25 %، ويعود الارتفـــــــاع إلى قيام الهيئــــــة العـامة للصناعات العسكرية السعودية، التـــــي بدأت أعمـــالها في 2019، بإقــرار سيــــاسات ولــــوائح وتشـــريعات تنظم القطاع، أبرزها، لائحة مزاولة نشاط الصناعات العسكرية، ووضعها أول منصة لإصدار تراخيص هذه الصناعة للمستثمرين والشركات، ما رفع أعداد الشركات المرخصة من خمس شركات إلى 151 شركة في عام 2022، وما نسبته 80 % من التراخيص السابقة، يخص التصنيع والخدمات المساندة، بينما لا تتجاوز نسبة التوريد 20 %.
من الأمثلة، أنه لم يكن يوجد إلا مصنعان أو ثلاثة مصانع محلية، لصناعة الملبوسات والتجهيزات العسكرية، وهذا النوع من المشتريات كان معظمه يأتي من الخارج، وعملت الهيئة على توحيد المواصفات، وفي أكثر من أربعين نوعا من الملبوسات، وتم إبرام اتفاقية إطارية تقوم بموجبها ثلاث شركات محلية مؤهلة بسد الاحتياج، وتقيد القطاعات العسكرية والأمنية بالشراء منها دون غيرها، وفي الوقت الحــــالي، غالبيـة الملبوســــات والتجهيزات العسكـرية تصنع سعودياً، ومن الأمور التي تم توطينها، الصيانة العسكرية، وصناعات الزوارق السريعة، وستركز أولويات التصنيع السعودي في قادم الأيام، على التقنيات الدفاعية التقليدية والإلكترونية.
السوق العسكري السعودي يعتبر الثالث في الإنفاق على مستوى العالم، ومن مصلحة الشركات الكبرى أن تضمن حصتها فيه، وهذا لن يتحقق إلا بشروط سعودية جديدة، أكد عليها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فالدولة تشترط في عقود شراء احتياجاتها العسكرية، أن تحتوي على نقل تقنية وتصنيع، وفق سياسة المشاركة الفعالة، التي وضعتها هيئة الصناعات العسكرية السعودية، والعقود العسكرية التي تزيد قيمتها على 150 مليون ريال أو قرابة 40 مليون دولار، لن تتم الموافقة عليها ما لم تنص على مشاركة صناعية فاعلة، والدليل أن الشركات العسكرية العاملة في المملكة، يعمل فيها 21 ألف موظف غالبيتهم من السعوديين المؤهلين من الناحية الفنية، وتوجد استراتيجية خاصة بالكوادر البشرية السعودية، بدأتها هيئة الصناعات العسكرية في فبراير 2022، وتستهدف توطين الصناعات العسكرية، من خلال تأهيل 12 ألف مهندس و30 ألف فني من الجنسين، على 800 مهارة مطلوبة في ما يزيد على 120 وظيفة في قطاع توطين الصناعات العسكرية، وهو ما سيوفر 62 ألف وظيفة للسعوديين والسعوديات، في المجالات الهندسية والفنية العسكرية.
المملكة تعمل على استراتيجية أقرت منذ 2017، من أجل الوصول بالدولة إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق باحتياجاتها الأســــاسية من المعــــدات والتجهيـزات العسكرية، ونسبة الـ 50 % تخاطب هذه الرغبة، وتشل قدرات من يفكر في استخدام هذا الملف لأغراض سياسية أو مصلحية، وقد أنشئت لذلك الشركة السعودية للصناعات العسكرية (سامي)، والتي تعتبر واحدة من شركات صندوق الاستثمارات العامة، وتمثل الشريك الاستراتيجي لهيئة الصناعات العسكرية في مجال التوطين، وقد استطاعت الاستحواذ على أكبر أربع شركـــات محلية في الصناعات العسكــــرية، ونسبة المـوظفات والقياديات فيها تقــدر بـ 22 %، ورغم أن عمرها لم يتجاوز الخمسة أعوام، إلا أنها نجحت بإنجازاتها في دخول قائمة أكبر 100 شركة تسليح في العالم، علاوة على أنها الشركة العربية الوحيدة فيها، وقفزت في فترة وجيزة، من المركز 98 إلى المركز 79، متقدمة على شركات أقدم وأكثر خبرة، وتؤمل الوصول إلى المركز 25 في الأعوم المتبقية من عمر الرؤية في مرحلتها التمهيدية.