
حسين زلغوط – خاص, موقع “رأي سياسي” :
صحيح أن ملف النازحين السوريين سيحتل حيزاً واسعاً من النقاش والمحادثات الجانبية إن في اجتماعات القمة العربية التي ستعقد اليوم في عاصمة البحرين المنامة، او في المؤتمر الثامن المخصص لدعم مستقبل سوريا والمنطقة الذي سينعقد في السابع والعشرين من الشهر الحالي في بروكسل والذي سيمثل فيه لبنان وزير الخارجية عبدالله بو حبيب عوضاً من الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان تلقى نصيحة من بعثة لبنان هناك بعدم الحضور نظراً لتدني مستوى تمثيل الدول المشاركة والذي سيقتصر على بعض وزراء الخارجية والسفراء، بعد ان كان هذا الملف نجم الجلسة العامة لمجلس النواب اللبناني الذي صادق بعد نقاش نيابي متشعب على توصية مؤلفة من تسعة بنود هي بمثابة خارطة طريق للحكومة حول كيفية مقاربة الملف بشقيه الداخلي والدولي، واتخاذ الاجراءات الآيلة الى مواجهة تداعيات هذه الأزمة، فان كل ذلك يبقى من دون جدوى ما لم تكن هناك ارادة دولية بحل هذه الأزمة بمعزل عن مصالح الدول المعنية.
وإذا كان من السابق لأوانه معرفة القرار الذي سيتخذ في قمة المنامة بشأن النازحين، او ما سيقرره مؤتمر بروكسل بهذا الخصوص، فإن ما انبثق عن مجلس النواب من توصية شكل طريقة جديدة من التعاطي مع هذا الملف كان يفترض ان يعتمدها لبنان منذ سنوات، لولا الإنقسام السياسي الذي حصل في مقاربة هذا الملف، ولولا سياسة النكد والنكايات التي اتبعت منذ العام 2011 حتى اليوم. فمع صدور التوصية يمكن القول ان ملف النازحين وضعت معالجته على سكة الحل في حال شرعت الحكومة من خلال اجهزتها المختصة في تنفيذ البنود التسعة التي تشكلت منها توصية البرلمان التي كتبت مفرداتها خلال اجتماع تشاوري ضم مختلف الكتل عشية انعقاد الجلسة، وفي حال لم تضغط بعض الدول المعنية، والمنظمات الدولية لفرملة اندفاع الحكومة والعمل على حرف الأمور عن مسارها الصحيح، سيما وأن العامل المالي يلعب دوراً محوريا وأساسيًا في عملية العودة، ولبنان كما هو معلوم يرزخ تحت وطأة أزمة مالية واقتصادية هو بحاجة لمساعدة المجتمع الدولي لتجاوزها أو الحد من تفاقمها. وفي مقابل الصعوبات التي ستواجه لبنان لاعادة النازحين، فإن الدول الأوروبية غير مستعدة لإستقبال المزيد من النازحين وهي بصدد اتخاذ اجراءات وقائية لتقييد وصول النازحين الى بعض الدول الاوروبية من لبنان عن طريق قبرص .
وفي هذا السياق رأى مصدر نيابي لموقع “رأي سياسي” أن ما قام به المجلس بشأن مواجهة تداعيات النزوح السوري يشكل خطوة هامة على طريق التخلص من هذا الحمل الثقيل الذي لم يعد يستطيع لبنان حمله، لكن ما يكتب على الورق مختلف تماما عن عملية الترجمة على أرض الواقع ، فهل سيكون في مقدور الحكومة تنفيذ بنود التوصية في حال لم تتأمن مظلة دولية، وفي حال بقيت الساحة الداخلية على ما هي عليه من اختلاف حول كيفية مقاربة هذا الملف، والأهم من ذلك كله، هل سيكون لبنان قادرًا على التخلص من أزمة النزوح في حال بقي يعتمد سياسة الأبواب المغلقة مع سوريا.
ويؤكد المصدر ان ما قيل داخل جلسة الأمس من مواقف للكتل النيابية على اختلافها يسر القلب، لكن الخشية تبقى في ان يذهب كل ما قيل، وكل ما تم التوافق عليه أدراج الرياح عند أول مفترق، سيما وان محطات كثيرة مماثلة كانت سرعان ما تتلاشى بفعل الصراعات السياسية والعوامل الخارجية التي دائماً لها التأثير الكبير على الواقع اللبناني.
ويختم المصدر بالإشارة الى انه لا يمكن الحكم المبكر على قدرة الحكومة في الالتزام بتنفيذ التوصية النيابية، وتبقى العبرة بالتنفيذ ما دام أهل الحل والربط في لبنان ليسوا على قلب واحد.