
تيريز القسيس صعب.
خاص رأي سياسي …
من المتوقع ان تعود بعد عطلة عيد الفطر السعيد ، حركة الاتصالات الخارجية بوتيرة عالية، وسط توقعات بعودة وفود عربية واوروبية حاملة في جعبتها اشارات ونقاطا تفصيلية، ربما قد تحدث تقدم او فجوات ضيقة في الجدار الرئاسي.
وفي هذا الإطار، بدا التحضير لزيارة الموفد القطري الوزير الخليفي، والمتوقعة في الأسبوع الاخير من هذا الشهر، والتي قد تحمل معطيات لانطلاقة جديدة من الاتصالات والمشاورات مع المراجع والقيادات اللبنانية، علّها تفضي هذه المرة إلى توحيد الآراء والتوافق على اختيار اكثر من مرشح جدي للرئاسة الأولى.
وعلى الرغم من الاجازة القصيرة للاحتفال بعيد الفطر السعيد، بقيت المواقف العربية والدولية من الازمة الرئاسية قيد المتابعة والاهتمام من قبل القيادات والمراجع السياسية، ولعل ابرزها ما صدر عن الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن كلير لوجاندر حول تنصل فرنسا بدعم اي مرشح لرئاسة الجمهورية، مما آثار حفيطة المراجع الديبلوماسية والدولية لما تضمنته من رسائل مباشرة لجهات لبنانية، كما طرح تساؤلات عدة حول توقيت هذا التصريح الذي جاء بعد استدعاء السفيرة الفرنسية في لبنان الى باريس آن غريو، والكلام الذي صدر عن مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الاوسط باتريك دوريل خلال اتصال مع الرئيس نبيه بري.
وبحسب المتابعين للحراك الفرنسي، فإن بيان الخارجية يدل بشكل ثابت وواضح على وجود تناقضات او تمايزات بين الاليزية، والكي دورسيه اي الخارجية الفرنسية في معالجتهما ومقاربتهما للازمة الرئاسية في لبنان.
فرنسا مستاءة ومنزعجة جدا من التسريبات الاعلامية التي تتصدر الصحف ووسائل الإعلام في لبنان والتي تصفها “بغير الدقيقة”، وتستغرب كيف ان المسؤولين اللبنانيين بعد كل لقاء لمسؤول في باريس يحاولون الكشف عن فحواه ومضمونه بحسب قراءتهم لا بحسب الواقع والظروف التي فرضته.
ومن المعروف ان باريس ومنذ تسلمها الملف اللبناني لم يصدر عن مسؤوليها او مراجعها الديبلوماسية اي موقف رسمي ياستثناء المواقف التي تعلن في البيانات او الاجتماعات الرسمية. وها هي اليوم توعز إلى كل من يعنيهم الامر عدم تسريب اي معلومات او اشارات عن الحراك الديبلوماسي حرصا منها على نجاح التسوية او الاتفاق.
ففريق العمل الديبلوماسي في الاليزيه والذي يتراسه مستشار الرئيس ماكرون لشؤون الشرق الاوسط باتريك دوريل، ينقل عنه أنه طالما ليس هناك من توافق بين القيادات والاحزاب في لبنان حول مرشح رئاسي واقعي غير ما يتم تداوله عن رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، فمن الطبيعي دعمه لسدة الرئاسة.
في حين ان “الكي دورسيه” يرى ضرورة والحاحا في اتفاق اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية لان الوضع الاقتصادي الذي وصل إليه لبنان بات مخيفا وخطرا للغاية.
لذلك فإن هذا الامر يستدعي تحركا سريعا وتوافقا على اسم يمكنه من تشكيل حكومة والبدء مباشرة العمل والتنسيق مع صندوق النقد الدولي. فعلى اللبنانيين أنفسهم إيجاد الحل واختيار من يمثلهم في سدة الرئاسة، وبدورها فان باريس لن تتخلى عن تقديم الدعم والتأييد السياسي والاقتصادي لاعادة لبنان الى ما كان عليه سابقا.
صدمة عربية
وفي الاطار عينه فإن “الصدمة الباريسية” لم تحط رحالها في لبنان فقط، بل طالت ايضا مواقف الدول الخمس المهتمة بمعالجة الازمة اللبنانية،(قطر، السعودية، مصر، الاردن ،الولايات المتحدة الاميركية، اضافة الى فرنسا) حيث أكد سفير احدى الدول العربية المعتمد في باريس في اتصال مع موقع” رأي سياسي”، ان الموقف الفرنسي متخبط حيال الازمة في لبنان، وهو يسترعي مزيدا من التواصل والتنسيق في البيت الفرنسي، كما ايضا يتطلب مزيدا من التشاور بين أعضاء اللجنة الخماسية والتي تتابع عن كثب اي تحركات او تطورات حول الملف الرئاسي.
المصدر الديبلوماسي الذي رفض ذكر اسمه نفى “ان يكون هناك اجتماعا قريبا للجنة الخماسية من اجل لبنان، لكنه اكد في المقابل ان شهر أيار المقبل سيشهد اجتماعات عربية مكثفة قبيل عقد القمة العربية في الرياض، ولا أعتقد أن هناك مانعا من لقاء قد يجمع مسؤولين وديبلوماسيي الدول الخمس في الرياض للتشاور في آخر مستجدات الملف اللبناني.”
وقال المرجع” ان فرنسا تحاول لعب ورقة الضغط على اللبنانيين لاجبارهم على التوافق لانتخاب رئيس، وهي تدرك جيدا أنه في حال اتفق السعوديين والايرانيون على تسوية للحل في لبنان، فإن دورها قد يكون مكملا وداعما لاي تسوية قد تساعد لبنان، وستكون فسحة التعاطي في الملف اللبناني اكثر ارتياحا وتنسيقا، وفقا لخريطة طريق شاملة قد يضعها الطرفان السعودي والايراني في شقيها السياسي والاقتصادي.”
الا ان بعض القراءات الدولية ترى عكس ذلك بحيث ان تقاطع المصالح الدولية قد لا تفتح العباءة السعودية الإيرانية الباب للتحرك الفرنسي في المنطقة، وسط تراجع للدور الأميركي، وصعود للوساطة الصينية في الشرق الاوسط.
مع العلم ان الديبلوماسية الفرنسية نجحت اخيرا في إشراك الإيرانيين والسعوديين معا في مؤتمر بغداد ١ و٢، بعد جهود جبارة قامت بها فرنسا بمساعدة الأردن ومصر.
فهل تقاطع مصالح الدول الفاعلة والمؤثرة سيطيح بالدور الفرنسي في الشرق الاوسط ام سيكون حافزا ومساعدا لتجاوز العقبات وتخطي الصعوبات والحواجز التي تقف مانعا في التوصل إلى حل في المنطقة؟