تلوث الهواء يقلل متوسط عمر سكان دلهي بنحو 12 سنة.
خلصت دراسة جديدة إلى أن تلوث الهواء يتسبب في تقصير متوسط العمر المتوقع لسكان دلهي بنحو 11.9 سنة. ويسلط البحث الضوء على العواقب الوخيمة لاستنشاق الهواء في الدولة المدينة التي غالباً ما تصنف على أنها الأكثر تلوثاً في العالم.
وأفاد تقرير عام 2023 لـ”مؤشر جودة الهواء للحياة” Air Quality Life Index (AQLI) الذي صدر الثلاثاء الماضي، بأن جميع سكان الهند الذين يبلغ عددهم ملياراً و300 مليون نسمة، يعيشون في مناطق يتجاوز فيها المتوسط السنوي لمستوى تلوث الجزيئات حد الأمان الذي توصي به “منظمة الصحة العالمية”، وهو 5 ميكروغرام في المتر المكعب 5µg/m3 .
ركز التقرير المستند إلى بيانات الجزيئات من عام 2021 على قياس تأثير التلوث بالجسيمات في متوسط العمر المتوقع.
وكشفت النتائج عن أن المتوسط السنوي لمستوى “جزيئيات بي أم 2.5” PM2.5 (جسيمات دقيقة تؤشر إلى جودة الهواء) في عام 2021 في دلهي، بلغ 126.5 ميكروغرام في المتر المكعب، متجاوزاً الحد الذي وضعته “منظمة الصحة العالمية” والبالغ 5 ميكروغرام في المتر المكعب بأكثر من 25 مرة.
وفي مقارنة مع عام 2020، فقد كان مستوى “جزيئيات بي أم 2.5” المسجل أقل بشكل هامشي عند 107 ميكروغرامات في المتر المكعب. ولهذا المستوى من التلوث عواقب وخيمة على صحة سكان العاصمة الهندية البالغ عددهم 18 مليون نسمة، بحيث تقلص أعمارهم قرابة 11.9 سنة تقريباً.
وتعد “جزيئيات بي أم 2.5” – أو أصغر الجسيمات – إحدى أكثر الملوثات خطورة، وهي مسؤولة عن الإصابة بأمراض مختلفة. وذكر التقرير أن التهديدات التي تشكلها على صحة الإنسان في الهند تفوق المخاطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية وسوء التغذية لدى الأطفال والأمهات، وبالتالي تبرز باعتبارها مصدر القلق الصحي الأكثر أهمية.
وأبرز التقرير أن التلوث بالجزيئيات يؤدي إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع للفرد الهندي بمقدار 5.3 سنة. وبالمقارنة، فإن أمراض القلب والأوعية الدموية تخفض متوسط العمر المتوقع بنحو 4.5 سنة، كما تتسبب التغذية لدى الأطفال والأمهات بتقصيره بنحو 1.8 سنة.
وشدد التقرير على أن الهند تتحمل العبء الصحي الأكبر على مستوى العالم، بسبب العدد الكبير من الأفراد المتأثرين بمستويات مرتفعة من الجسيمات، وهو أمر أكدته تقارير عدة سابقة عن جودة الهواء، لفتت الانتباه إلى المشكلة نفسها.
ومن بين دول جنوب آسيا، واجهت الهند زيادة بنسبة 9.5 في المئة في مستويات “جزيئيات بي أم 2.5” في الفترة الممتدة ما بين عامي 2013 و2021، في حين شهدت جارتاها باكستان وبنغلادش زيادة بنسبة 8.8 في المئة و12.4 في المئة خلال الفترة نفسها.
أما في ما يتعلق بالتأثير الإقليمي، فكانت السهول الشمالية – التي تشمل ولايات بيهار، ودلهي، وهاريانا، والبنجاب، وأوتار براديش، والبنغال الغربية – المناطق الأكثر تلوثاً في البلاد.
وإذا ما استمرت مستويات التلوث الراهنة، فإن الأفراد الذين يعيشون في هذه المنطقة يواجهون انخفاضاً بنحو ثماني سنوات في متوسط العمر المتوقع.
ووجدت الدراسة أيضاً أن 67.4 في المئة من سكان البلاد يعيشون في مناطق تتجاوز المعيار الوطني لجودة الهواء، الذي يبلغ 40 ميكروغرام في المتر المكعب.
ويستكشف التقرير الآثار الإيجابية المحتملة التي يمكن أن تنشأ عن انخفاض مستويات “جزيئيات بي أم 2.5”. على سبيل المثال، إذا خفضت مستوياتها في دلهي للامتثال لحدود المتوسط السنوي التي وضعتها “منظمة الصحة العالمية”، فمن المحتمل أن يشهد السكان زيادة مقدارها 11.9 سنة في متوسط العمر المتوقع.
حتى الخفض إلى المستوى الوطني البالغ 40 ميكروغرام في المتر المكعب – وهو أقل بكثير من حدود “منظمة الصحة العالمية” – يمكن أن يؤدي إلى زيادة مقدارها 8.5 سنة في متوسط العمر المتوقع لسكان دلهي.
أما الآثار المترتبة عن ذلك بالنسبة إلى الهند، فلا تقل أهمية بالمقدار نفسه. إذ إن خفض مستويات “جزيئيات بي أم 2.5” للوفاء بالمبادئ التوجيهية لـ”منظمة الصحة العالمية”، يمكن أن يزيد متوسط العمر المتوقع بنحو 5.3 سنة. وبالمثل، فإن الالتزام بالمعيار الوطني البالغ 40 ميكروغرام في المتر المكعب، يمكن أن يؤدي إلى زيادة في العمر بنحو 1.8 سنة.
ويرى معدو الدراسة أن جهود الحكومة الهندية لمكافحة تلوث الهواء من خلال مبادرات مثل “البرنامج الوطني للهواء النظيف” National Clean Air Programme، الذي يهدف إلى خفض تلوث الجسيمات بنسبة 40 في المئة بحلول عام 2026 في 131 مدينة لا تلبي في الوقت الراهن معايير جودة الهواء، يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تحسينات كبيرة في الصحة العامة ومتوسط العمر المتوقع.
ويمكن أن يترجم تحقيق هذا الخفض زيادة في متوسط العمر المتوقع على المستوى الوطني بنحو 7.9 شهر، وزيادة ملحوظة مقدارها 4.4 سنة لسكان دلهي.