صدى المجتمع

تعرف إلى أقصى ما يمكن تحقيقه في 22 دقيقة فقط من الرياضة يوميا

في 22 دقيقة من الوقت، تنجز أموراً كثيرة. تشاهد حلقة من المسلسل التلفزيوني الأميركي “فرايجر” Frasier أو مسلسل “آل سيمبسونز” The Simpsons. لعله من الأفضل تمضية هذا الوقت في الاستماع إلى أغنية Running Up That Hill بصوت المغنية والموسيقية الإنجليزية كيت بوش أربع مرات. يمكنك تنظيف حمامك، ربما؟ أو الاكتفاء بقيلولة تمدك بالقوة والطاقة مجدداً.

ولكن مع ذلك، يمكن استغلال وقتك الثمين هذا في ممارسة التمارين الرياضية بصورة أفضل. في دراسة جديدة نشرتها “المجلة البريطانية للطب الرياضي”British Journal of Sports Medicine ، تبين أن أداء التمارين الرياضية لمدة 22 دقيقة فقط يومياً يعوض التأثيرات الصحية السلبية التي يخلفها الجلوس إلى المكتب طوال اليوم. وإن كانت وظيفتك مكتبية: ربما قد لا ترغب في سماع هذا، فدراسات عدة وجدت علاقة بين عدم النشاط وداء السكري من النوع الثاني، وأنواع معينة من السرطان. ويقول بعض الخبراء إن الأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة يكونون أكثر عرضة بنسبة 147 في المئة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. كذلك يعتقد بأن الجلوس المطول يبطئ عملية التمثيل الغذائي أو “الأيض” [تحويل الطعام والشراب المستهلكين إلى طاقة] لدى الإنسان، مما يؤثر سلباً في قدرة الجسم على تنظيم نسبة السكر في الدم وضغط الدم واستقلاب الدهون في الجسم.

جسد الإنسان مصمم للوقوف بصورة مستقيمة، وبهذه الطريقة تعمل قلوبنا وعضلاتنا ونظام القلب والأوعية الدموية لدينا على النحو الأمثل، وهذه الدراسة الأخيرة تدعم توصية كبار المسؤولين الطبيين في المملكة المتحدة بضرورة ممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين الرياضية المنخفضة الشدة أسبوعياً.

نظرياً، ينبغي أن يكون الأمر سهلاً: مؤكد أن القيام بتمارين لمدة 22 دقيقة يبدو أكثر قابلية للتنفيذ من التزام حصة تدريبية مدتها ساعة، أو جلسة من تمارين “بيلاتس” التصحيحية [إضافة إلى تحسين اللياقة البدنية يُستخدم هذا التمرين في رحلة التعافي من إصابة ما ويشتمل على آلة تشبه هيكل السرير، ولكن بدلاً من المرتبة تحوي منصة على عجلات تتدحرج لأعلى ولأسفل أثناء أداء الحركات] مدتها 60 دقيقة. ولكن هل تعطيك 22 دقيقة النتائج التي تريدها حقاً؟ استناداً إلى هدفك، سواء بناء القوة أو فقدان الوزن أو تحسين لياقة القلب والأوعية الدموية، الإجابة نعم طبعاً، ما دمت تلتزم تمارين مركزة ومتسقة. كي نضع في متناولك نقطة انطلاق، تحدثنا إلى خبراء في اللياقة البدنية ومدربين شخصيين بغية التعرف إلى أفضل ستة تمارين من شأنها أن تحقق أقصى النتائج في وقت قصير.

التمارين المتقطعة عالية الكثافة (HIIT)

يبدو اسم هذه التمارين وصفاً دقيقاً لها، ولا تعتمد الفوائد المستقاة منها على مستوى لياقتك أو قدرتك البدنية. وتتألف هذه التقنية عادة من دفعات قصيرة من التمارين الهوائية (الأيروبيك) العالية الكثافة حتى أقصى جهد كل 30 ثانية، تليها 30 ثانية من الراحة في دورة متكررة.

تحدثت في هذا الشأن نيكولا ميرسر، مدربة خبيرة بالصحة ومدربة شخصية مؤهلة متخصصة في صحة المرأة، فقالت إن التدريب المتقطع العالي الكثافة “High-intensity interval training” يحقق جميع المتطلبات تقريباً عند السعي إلى أداء تمرين فاعل في فترة زمنية قصيرة. وتوضح ميرسر: “في 22 دقيقة فقط، يمكنك الانتهاء من تمرين كامل من هذا النوع، مما يعزز عملية التمثيل الغذائي أو “الأيض” في جسمك ويحرق السعرات الحرارية ويحسن لياقة القلب والأوعية الدموية والعضلات لديك”. هذا النوع من التمارين سيزيد معدل ضربات القلب لديك بمعدل 70 إلى 80 في المئة من الحد الأقصى لمعدلها الطبيعي. ووجد الباحثون أن التدريب العالي الكثافة يحرق سعرات حرارية أكثر بنسبة 25 إلى 30 في المئة مقارنة بحصة أطول من التمارين الثابتة [في هذا النوع تبقى شدة التمرين ضمن النطاق نفسه طوال مدة التمرين].

 [الهدف من التمارين المتقطعة عالية الكثافة] العمل بأقصى شدة لديك لمدة 30 ثانية، ثم الراحة لمدة 30 إلى 60 ثانية ثم متابعة التمرين مرة أخرى. “تتوافر أشكال كثيرة من التمارين المتقطعة العالية الكثافة المجانية على ’يوتيوب’. كذلك لا داعي لامتلاك أي معدات خاصة، أي أنك قادر على أداء التمارين في المنزل من دون أي كلفة، أو في غرفة الفندق، أو حتى في الهواء الطلق”، تقول ميرسر.

الترامبولين الصغير

الترامبولين ليس مخصصاً للأطفال فحسب، بل يفيد النساء أيضاً بصورة خاصة لأنه يعمل على تمرين عضلات قاع الحوض. وفقاً لكيمبرلي بيري، الرئيسة التنفيذية لاستوديوهات اللياقة البدنية الدولية “باونس فيت بودي” Bouncefitbody، فإن 22 دقيقة فقط من القفز على الترامبولين تطلق العنان لفوائد صحية مماثلة لتلك التي يقدمها الركض أو المشي. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن تنشط ممارسة تمارين روتينية قصيرة من القفز ما يصل إلى 400 عضلة في الجسم. إن القيام بثني ركبتيك والقفز على مشط قدميك بينما تميل قليلاً إلى الأمام، يعني أنك تحرك عضلات بطنك أيضاً، مما يمنح جذعك تمريناً جيداً.

وتضيف بيري: “لا يقتصر دور [الترامبولين] على تعزيز قوة قاع الحوض، بل يقوي هذا النوع من التمارين العضلات والعظام أيضاً، مما يجعله مثالياً لمن يعانون مشكلات في المفاصل. إضافة إلى ذلك، يمنحك القوة للتخلص من السموم التي تستنزف الجهاز اللمفاوي، ويعزز توازن الجسم ويرفع مستويات الأوكسجين لديك”.

وتقول بيري إنه لا بد من الاستمتاع بوقتك أثناء ممارسة الرياضة كما أنه من غير المفروض أن تكون ممارسة الرياضة تجربة محبطة أو غير ممتعة، مضيفة أن “القفز على الترامبولين يعزز صحتك. إنه أيضاً أكثر من مجرد تمرين ويبعث فيك شعوراً بالحنين إلى اللعب في مرحلة الطفولة. لذلك، عندما تقفز، ليس الهدف التمتع باللياقة البدنية فحسب، بل إيجاد طريقة ممتعة وخالية من الهموم لممارسة الرياضة”.

ركوب الدراجة

ليس عليك أن ترتدي ملابس من قماش “الليكرا” أو أن تقتني دراجة من نوع “فانموف” VanMoof باهظة الثمن سعرها 3 آلاف جنيه استرليني كي تحصل على الاستفادة الكاملة من ركوب الدراجات، كما تقول اختصاصية العلاج الطبيعي ومعلمة البيلاتس، إستر فوكس. وأضافت: “تستطيع حتى أن تستخدم دراجة التمرين في المنزل أمام شاشة التلفزيون. عموماً، يعد ركوب الدراجات طريقة رائعة حقاً لتنشيط نظام القلب والأوعية الدموية، وتحريك مفاصلك وعضلاتك، ولكن من دون الضغط على المفاصل المرهقة، كما الحال عند المشي”.

صحيح أن ركوب الدراجات يبقى تمريناً هوائياً ذا تأثير ضئيل نسبياً إذا كنت تقود على طرقات مسطحة وهادئة، ولكن ثمة احتمالاً لمواجهة درجات مختلفة من الشدة، وفي هذه الحال ستلمس حقاً الفوائد الصحية. ففي دراسة أجرتها “جامعة غلاسكو” في اسكتلندا على مدى خمسة أعوام، تبين أن مجرد استخدام دراجتك في “تنقل نشط” يخفض خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب بمقدار النصف تقريباً.

وإذا لم تكن مقتنعاً بعد، فإن الحركة الانحدارية لدواسة الدراجة تستهدف العضلات الأكبر في جسمك، وهي عضلات المؤخرة، وفقط في 20 دقيقة عالية الكثافة من ركوب الدراجة، يُقدر أن تحرق زهاء 140 سعرة حرارية.

التمارين المركبة

إذا سبق لك أن حصلت على حصة من التمارين الرياضية بمساعدة مدرب شخصي، ستعرف أن المدربين الشخصيين يتحدثون كثيراً عن فوائد “التمارين المركبة”، والمعروفة أيضاً باستخدام أكثر من مجموعة عضلية واحدة في وقت واحد. تعتبر القرفصاء Squats و”الديدليفت” deadlift [أو الرفعة المميتة، وفيها يرفع المتمرن الوزن من وضعية الراحة على الأرض إلى الوضعية المستقيمة]، و”اللانجز” lunges [أو تمرين الاندفاع الذي يستهدف عضلات الجزء السفلي من الجسم وتقوية عضلات القدمين والأرداف]، وتمارين الضغط push-ups، والسحب pull-ups… كلها أمثلة على الحركات الجسدية المركبة.

كلير جونز، مدربة متخصصة في فقدان الوزن المستدام ومدربة شخصية مؤهلة، تقول إن الحركات التمرينية المركبة تندرج ضمن تقنيات التمرين الآمنة التي تعتمدها لأنها تمدك بالفوائد التي يقدمها تمرين الجسم بالكامل في فترة زمنية قصيرة.

وتوضح جونز أن “القيام بدائرة من الحركات المركبة، مثل دقيقة واحدة من النشاط تليها دقيقة واحدة من الراحة لمدة 22 دقيقة، ينطوي على فوائد تتصل ببناء قوة الجسم ولياقة القلب والأوعية الدموية”. وتسهم التمارين المركبة في حرق الدهون وبناء العضلات وتقوية المفاصل وتحسين قوام الجسم”.

القرفصاء، مثلاً، تعزز مرونة الجسم أيضاً. هذا التمرين الذي يقتضي الحفاظ على استقامة ظهرك أثناء ثني ركبتيك كما لو أنك تجلس على كرسي غير مرئي، تقوم باختبار مدى قوة جميع العضلات السفلية في جسمك. ووجدت مجلة العلوم “بير جي” Peer J أن القرفصاء تحسن المرونة لأنها تتضمن سلسلة حركية مغلقة تشمل مفاصل الوركين والركبتين والكاحلين، ويتطلب ذلك مستوى كبيراً من حركية الوركين والكاحلين، مع الحفاظ على توازنك أيضاً.

تقول جونز إن “في مقدورك أداء هذه التمارين في أي مكان. كذلك يعود لك أن تقرر ما إذا كنت تريد تنفيذ هذه التمارين دفعة واحدة أو توزيعها على حصص قصيرة على مدار اليوم، مثل القيام بتمارين الضغط المضاد والقرفصاء، فيما تنتظر غليان ماء مشروبك.”

المشي

قد لا يبدو اعتماد الخطى السريعة أثناء الذهاب مشياً على القدمين إلى المتاجر تمريناً مكثفاً على شاكلة حصة من التمارين المتقطعة العالية الكثافة، ولكن هناك فوائد صحية على المدى الطويل من المشي بوتيرة. السر، كما يقول خبراء في اللياقة البدنية، يكمن في المشي بشدة معقولة، ولكن في الوقت نفسه تجاوز حدود سرعتك المعتادة والمناسبة لك. وجدت ورقتان بحثيتان نشرتا العام الماضي في مجلتي “جاما إنتيرنال ميديسن” JAMA Internal Medicine  (جاما للطب الباطني) و”جاما نيورولوجي” (جاما لطب الأعصاب) JAMA Neurology أن المشي بوتيرة سريعة لمدة تصل حتى 30 دقيقة يومياً أدى إلى تراجع في خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والخرف.

لذلك، ربما تكون هذه رسالة لك كي تغير سرعتك وتنتقل من نزهة ممتعة إلى نزهة سريعة: من بين جميع المشاركين الذين شملتهم الدراسة، وجد البحث أن المشاركين الذين بلغ متوسط سرعة المشي لديهم نحو 80 و100 خطوة في الدقيقة، حققوا نتائج صحية أفضل مقارنة بمن ساروا بوتيرة أبطأ.

وفق فوكس، “يعتبر المشي طريقة جيدة لممارسة التمارين الرياضية باعتباره نشاطاً يتضمن تحمل أعباء أوزاننا، مما يعني أنه مفيد للحفاظ على صحة العظام. يمكنك أن تدوس على قدميك وتسرع خطواتك وتزيد معدل ضربات قلبك فعلاً، ويفضي ذلك إلى انخفاض ضغط الدم. وفي هذه الحال، لا تحتاج إلى أي شيء آخر سوى الأحذية.

البيلاتس

في الحقيقة، تحظى تمارين البيلاتس التصحيحية بشهرة ونجاح واسعين هذه الأيام. يمكن أن يكون روتين التمرين الذي يتضمن استخدام آلة المقاومة بدلاً من بساط البيلاتس التقليدي، وسيلة فاعلة لحرق السعرات الحرارية فيما تعمل على تطوير القوة لديك والتحمل العضلي، ولياقة القلب، والأوعية الدموية، والمرونة. تقول اختصاصية علوم الرياضة ومعلمة البيلاتس تريسي ريتشاردسون إن البيلاتس التصحيحي والبيلاتس التقليدي يساعدان في دعم وضعية أفضل تساعد على توازن الهيكل العظمي للجسم.

وتوضح ريتشاردسون: “لما كانت تمارين البيلاتس تعمل من مركز الجسم [يشمل الجزء المركزي من الجسم الحوض وأسفل الظهر والوركين والمعدة] كأساس، تحصل العضلات المحيطة بالجذع والبطن والظهر وقاع الحوض جميعها على تمرين رائع. مبدأ التنسيق يساعد في تعزيز القوة والثبات المتمحورين حول مركز الجسم”. كذلك تترك رياضة البيلاتس فوائد مهولة على العقل والجسم أيضاً.

وتضيف ريتشاردسون أن “تمارين البيلاتس المنتظمة تدعم نشاط الناقلات العصبية في الدماغ، تاركة تأثيراً إيجابياً في حالك المزاجية ومستوى التوتر لديك. لا تحتاج إلى ساعة كاملة للحصول على فوائد البيلاتس. إذا أنجزت سلسلة من خمس حركات بيلاتس قصيرة، تعزز مستوى هرمون ’الدوبامين‘ لديك، أو ’مادة المكافأة الكيماوية’ [التي تلعب دوراً رئيساً في خلق مشاعر المتعة والمكافأة والرضا. تطلق هذه المواد الكيماوية استجابة لمختلف الأنشطة أو التجارب التي يربطها دماغنا بنتائج إيجابية، مما يعزز السلوكات المفيدة لرفاهيتنا]، مما يجعلك تشعر بالرضا تجاه إنجازك، وتعزز مستوى ’السيروتونين‘ [أو هرمون السعادة] الذي يساعد في استقرار حالك المزاجية.”

عندما تنتهي من تمرين ذهني و”تشعر” بالفوائد التي يقدمها التحرك عن طريق تنفيذ الوضعيات اللازمة، فإنك تفرز “الأوكسيتوسين”، أو “هرمون الحب”، إضافة إلى “الإندورفين”، وهو عبارة عن “مسكنات ألم طبيعية” التي بدورها يمكن أن تؤدي إلى تقليص القلق والتعب.

كذلك تسهم تمارين البيلاتس في تحسين الدورة الدموية. وتقول ريتشاردسون، مشيرة إلى فوائد التنفس إن “الجهاز اللمفاوي لا يحوي  “مضخة”، من ثم يعتمد تدفق هذه المضخة على التقلص العضلي الناتج من الحركة والتنفس الغشائي العميق. تساعد حركة العضلات على إعادة توزيع السوائل بغية التمتع بجسد صحي، وتعزيز وظيفة الجهاز المناعي في التصدي لمسببات الأمراض”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى