تطورات إيجابية في سوق النفط الخام للعام الجديد
![](https://raiseyasi.com/wp-content/uploads/2023/01/27.webp)
توقع محللون نفطيون، أن يشهد العام الجديد 2023 عديدا من التطورات الإيجابية في سوق النفط الخام، وأن تستمر مسيرة تعافي الأسعار في ضوء تمسك تحالف منتجي النفط الخام في “أوبك +” بتقييد المعروض النفطي العالمي بنحو مليوني برميل يوميا حتى حزيران (يونيو) المقبل، وذلك بالتزامن مع انتعاش متوقع للطلب العالمي على النفط في ضوء تخفيف قيود الإغلاق في الصين.
وأوضح المحللون، أن العام الجديد سيشهد مزيدا من الفاعلية لاستراتيجية منتجي “أوبك +” في إدارة المعروض النفطي، وضبط الأداء في السوق، وذلك في ظل استمرار عوامل عدم اليقين، خاصة مخاوف الركود الاقتصادي وتداعيات الحرب في أوكرانيا وتطبيق حظر النفط الروسي ثم الحظر على المنتجات النفطية الروسية والمقرر له شباط (فبراير) المقبل.
ورجحوا استمرار روسيا في تخفيض سعر بيع خام الأورال لأسباب جيوسياسية بهدف التغلب على تداعيات قرار فرض سقف سعري على الإنتاج الروسي من جانب مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، لكن في المقابل تتجاهل القرار الهند والصين، وهما أكبر دول الطلب، وهو ما يجعل تأثيرات القرار محدودة، خاصة بعدما أعلنت روسيا عدم بيع إنتاجها النفطي لأي دولة تشارك في السقف السعري.
وأشاروا إلى أن شركات الطاقة حول العالم حققت أرباحا قياسية في العام الماضي، لافتين إلى أن الإنفاق المستقبلي على مزيد من الإنتاج أصبح موضع شك خاصة أن شركات النفط والغاز راضية في المرحلة الراهنة عن مواصلة إعادة الأموال إلى المستثمرين في كل من أوروبا والولايات المتحدة، وبشكل خاص في رقعة النفط الصخري في الولايات المتحدة.
ولفت المحللون، إلى أن شركات الطاقة الكبرى لم ترغب في توجيه أرباحها القياسية لإنتاج مزيد من النفط على عكس إرادة الحكومات، خاصة الإدارة الأمريكية، وذلك على الرغم من حالة النقص في الوقود التقليدي، موضحين أن السمة الأكبر في 2022 كانت هي أن صناعة النفط، أصبحت أكثر جرأة في ردود أفعالها تجاه الحكومات.
وفى هذا الاطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة “كيو إتش إيه” لخدمات الطاقة، إن عودة الأسعار المرتفعة متوقعة بشكل قوي في العام الجديد 2023، خاصة مع تعافي الطلب الصيني، وحديث كبار المنتجين الأمريكيين عن أنهم لن ينفقوا مزيدا من الاستثمارات لزيادة العرض بسبب عدم ضمان استمرار تعافي الطلب.
وأشار إلى تقارير دولية تؤكد أن الطلب على الطاقة سينمو على المدى الطويل، حيث تتوقع معظم الدراسات التحليلية أن ينمو الطلب العالمي حتى 2050 بنحو 1 في المائة سنويا أو أقل بسبب النمو السكاني، وزيادة الاحتياجات من الطاقة، خاصة في الدول النامية، التى تعتمد على الطاقة التقليدية والوقود التقليدي بشكل أساسي.
من جانبه، يقول دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة “تكنيك جروب” الدولية، إن العام الجديد من المرجح أن يشهد مزيدا من القوة لشركات النفط والغاز، وذلك بعد أعوام عدة من الانتقادات من الحكومات خاصة الإدارة الأمريكية حيث أرادوا تحميل قطاع النفط مسؤولية تغير المناخ، بينما كشفت أزمة الطاقة الأخيرة عن الحاجة الماسة إلى الوقود التقليدي وإلى تعزيز الاستثمارات الجديدة في هذا المجال.
ولفت إلى أن عددا كبيرا من الدول والحكومات أدركت في العام الماضي أن خفض الانبعاثات قد يكون هدفا نبيلا، لكن الأولوية العاجلة في الظروف الراهنة هي الحصول على الكهرباء دون انقطاع التيار الكهربائي ونتيجة لهذا الإدراك زاد استخدام الوقود التقليدي حتى في أوروبا – أكثر المتحمسين لجهود المناخ – بشكل كبير ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز على نحو قياسي في العام الماضي وقد تمتد الارتفاعات على نحو أقوى في العام الجديد الجاري.
ومن ناحيته، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، إن قطاع الطاقة أدى أداء ممتازا في العام الماضي وتستمر التوقعات الإيجابية في العام الجديد على الرغم من بعض العوامل العكسية المعطلة ومنها التشديد العنيف للسياسة النقدية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
وذكر أن الصين كانت المحرك الرئيس لسوق النفط الخام في ختام العام الماضي، وستستمر في هذا الدور في العام الجديد خاصة أن السوق تتطلع إلى رفع كامل وشامل لكل قيود السفر وإغلاق المدن، وهي الإجراءات التي كانت مكونا رئيسا في سياسة “صفر كوفيد” التي انتهجتها البلاد وخففت منها أخيرا بسبب ضغوط شعبية على الرغم من استمرار مستوى الإصابات اليومية المرتفعة.
بدورها، تقول إرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة “أفريكان ليدرشيب” الدولية، إن أسهم الطاقة كسبت بشكل جماعي نحو 60 في المائة في العام الماضي في الولايات المتحدة وحدها – وبحسب تقارير إعلامية دولية – تتطلع بشكل متزايد إلى جذب المستثمرين الذين كانوا يشككون سابقا في النفط والغاز بسبب سجل الانبعاث، مشيرا إلى أن التفاؤل يحيط بالعام الجديد ويراهن كثيرون على أنه سيشهد كثيرا من التطورات الإيجابية خاصة تعزيز الاستثمار الجيد على المدى الطويل في الوقود التقليدي.
وأشارت إلى أن ارتفاع الطلب على النفط والغاز سيكون على الأرجح سمة بارزة في 2023 وهو ما أكدت عليه أيضا وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها، موضحة أن “أوبك” كررت أكثر من مرة على ضرورة أن تكون الأولوية الأولى في الاستثمارات النفطية في مشاريع المنبع في العام الجاري.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، سجلت أسعار النفط مكاسب كبيرة في آخر جلسة تداول لها في 2022، كما سجلت المكاسب السنوية الثانية على التوالي. وعند التسوية، ارتفع خام برنت بنحو 3 في المائة مسجلا 85.91 دولار للبرميل، ومكاسب سنوية 10 في المائة بعد الارتفاع 50 في المائة العام الماضي.
كما صعد الخام الأمريكي 2.4 في المائة إلى 80.26 دولار للبرميل، مسجلا مكاسب سنوية 7 في المائة بعد الزيادة بنحو 55 في المائة في 2021. وشهدت أسعار النفط تقلبات حادة في 2022، إذ صعدت بدعم من تراجع الإمدادات تزامنا مع الحرب الروسية – الأوكرانية.
لكن الأسعار تخلت بعد ذلك عن معظم المكاسب المسجلة في بداية الحرب وسط ضعف الطلب من جانب الصين -أكبر مستهلك للخام في العالم- ومخاوف حدوث ركود اقتصادي.
من جانب آخر، لم يطرأ أي تغيير على العدد الإجمالي لمنصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع، حيث ظل إجمالي عدد الحفارات عند 779 هذا الأسبوع – 193 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في 2021 و296 منصة أقل من عدد الحفارات في بداية 2019 قبل انتشار الوباء. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة “بيكر هيوز” الأمريكية إلى انخفاض الحفارات النفطية في الولايات المتحدة بواقع 1 هذا الأسبوع إلى 621، حيث ارتفعت منصات الغاز بواقع 1 إلى 156، بينما بقيت الحفارات المتنوعة على حالها عند 2.
ولفت التقرير إلى ارتفاع عدد الحفارات في حوض بيرميان بمقدار 1 هذا الأسبوع إلى 353، بينما بقيت الحفارات في إيجل فورد على حالها. ونوه التقرير إلى تراجع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة إلى مستوى 12 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 23 كانون الأول (ديسمبر) – وذلك وفقا لآخر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأسبوعية – بينما زادت مستويات الإنتاج في الولايات المتحدة 300 ألف برميل يوميا حتى الآن هذا العام و200 ألف برميل فقط مقارنة بالعام الماضي.