رأي

تطمينات وقلق… بانتظار جهود الإمارات وقطر

كتب وليد شقير في صحيفة نداء الوطن.

بين خطة طوارئ لاستباق انزلاق الجبهة اللبنانية إلى الحرب، والحفاظ على «انضباط» المجابهة خلال المواجهات اليومية بين «حزب الله» وقوات جيش العدو على الحدود الجنوبية، وبين إبقاء الوضع على تلك الجبهة معلقاً على التطورات الميدانية لا سيما بعد بدء ما سمته إسرائيل المرحلة الثالثة من الهجوم على قطاع غزة والتي بدأت أمس، يرتفع القلق العام السياسي والشعبي من انخراط البلد في الحرب، سواء جاء ذلك بقرار إيراني، كما يخشى بعض الفرقاء المحليين والدوليين، أو بقرار إسرائيلي كما تحذر أكثر من عاصمة غربية ولا سيما باريس.

في وقت يتصرف العديد من القادة الساسيين على أن لا حول ولا قوة لهم في التعاطي مع الاحتمال الأسوأ، تسعى الحكومة إلى وضع خطة الطوارئ في متناول القوى السياسية، بينما بدأ فرقاء محليون في المناطق، بعيداً من الإعلام، وآخرون من الفرقاء السياسيين، في طليعتهم «الحزب التقدمي الاشتراكي» بالإعداد التفصيلي لما يمكن أن يواجه مناطق الجبل من تحديات لجهة التهجير وإسكان النازحين من المناطق الجنوبية.

وعلى الصعيد الرسمي تلقت الحكومة هبة 320 مليون دولار من البنك الدولي يفترض أن تتوزع على الوزارات والهيئات المعنية من أجل سد العجز عن تلبية الحاجات المطلوبة.

عدا ذلك ليس في قدرة لبنان سوى انتظار تدحرج الأمور نحو الأسوأ، أو نجاح الجهود من أجل عقد جلسة لمجلس الأمن ليصدر قراراً بوقف إطلاق النار، نظراً إلى أنّ أبو ظبي تنسق عادة مع الدول الغربية الكبرى. فالتوقيت والكيفية ليسا بيد لبنان. ومع أن ما قاله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنّ قرار الحرب والسلم ليس في يد السلطة اللبنانية، وتلقى اللوم على ذلك، فإنّ الرسالة وصلت للدول المعنية بأن القرار في إسرائيل وفي إيران. وأدى كلامه الهدف بأن معالجة احتمال إقحام الجبهة الجنوبية اللبنانية في الحرب الدائرة، يتم عبر اتصالات الدول الكبرى في هذا الشأن مع تل أبيب وطهران.

بعدما أدى كلام ميقاتي مفعوله باتت الصيغة المعتمدة في الدعوة إلى تجنيب البلد إقحامه في الحرب هي تمني الهدوء على الجبهة الجنوبية، ومطالبة الدول الكبرى بأن تلقي بثقلها لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وحماية لبنان. يتسق هذا النهج مع إعلان قوى المقاومة التي تطلق الصواريخ على الجيش الإسرائيلي من الحدود الجنوبية، حتى الفلسطينية منها، تحت عباءة «حزب الله»، بأنها «لحماية لبنان» من العدوان الإسرائيلي المتواصل.

يركن بعض المسؤولين المعنيين بالاتصالات الدولية للحؤول دون توريط لبنان في هذه الحرب إلى ما سمعوه وبينهم ميقاتي نفسه، من وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أثناء زيارته إلى بيروت في 13 تشرين الأول، بأنّ طهران لن تدفع في اتجاه فتح جبهة لبنان مهما حصل على سائر الجبهات، وأنّ التركيز في الحرب هو على دعم غزة، خصوصاً أنّ وضع لبنان لا يحتمل وأنّ طهران لا تريد إضعاف «حزب الله» في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وتفضل الحفاظ على قوته ودوره. لكن هذا التطمين لا يمنع من أنّ الاتصالات التي يقوم بها ميقاتي، وتلك التي تجريها الدول الغربية تهدف إلى الاطمئنان إلى أن طهران ستبقى على هذا الخيار. وزيارته إلى قطر تأتي في هذا السياق، حيث تأمل الدوحة بإنتاج الجهود المبذولة قراراً بوقف النار لتحقيق مطلب الغرب الإفراج عن الرهائن.

تبقى المخاوف قائمة، ويرى المواكبون لتحركات ميقاتي أنه إذا كان لبنان مهيض الجناح وضعيفاً لا يستطيع التأثير في مجرى الأحداث، ويلومه البعض لأنه يطلب من بعض الدول أن تبذل جهوداً لدى إيران للتأكيد على تحييد البلد عسكرياً وأن عليه أن يدعو هذه الدول إلى الضغط على إسرائيل أولاً، فإنّ ذلك لا يعني أن يجلس رئيس حكومة تصريف الإعمال مكتوف اليدين ويأخذ موقف المتفرج.

وفي المقابل يرى أكثر من مسؤول ومصدر سياسي أنّ الجهود لتجنيب لبنان مفاعيل أي تصعيد، عبر اغتنام الفرصة باتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، لا تبدو قابلة للتحقيق، لأنّ ما صدر في هذا الصدد عن قوى سياسية منها النائب جبران باسيل، لا يعدو كونه مناورة. وما يقف في وجه هذه الفكرة مجدداً الخلافات على اسم الرئيس العتيد. والعارفون بموقف «حزب الله» يرون أنه سيتمسك بمرشحه الذي يطمئن إليه في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر فيها والمواجهة التي يخوضها إلى جانب المحور الإقليمي الذي ينتمي إليه. وإصرار «الحزب» على رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية للرئاسة منذ البداية، يعود إلى أنه يريد رئيساً يقف إلى جانبه في مثل الظروف الراهنة بالتحديد، بدلاً من رئيس يشترك مع قوى أخرى في مساءلته عما يفعله ويقوم به من خطوات عسكرية في الجنوب.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى