تصعيد ترمب ضد «الفيدرالي» يُضعف الدولار أمام العملات العالمية

سجّل الدولار الأميركي يوم الثلاثاء، تراجعاً جديداً أمام الين الياباني، وظل قريباً من أدنى مستوياته في سنوات أمام كل من اليورو والفرنك السويسري، وسط تنامي المخاوف بشأن استقلالية مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بعد الهجمات العنيفة التي شنّها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على رئيس المجلس جيروم باول.
ويشير المحللون إلى أن الدولار يواجه ضغوطاً شديدة في ظل تصاعد القلق من الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب، والتي تهدد بإشعال حرب تجارية عالمية. كما بدأت شكوك تتزايد حول مكانة الدولار بصفته عملة احتياطية عالمية، مع تحذيرات من أن استمرار الضغط السياسي على «الفيدرالي» قد يدفع بعض المستثمرين إلى تقليص انكشافهم على الأصول الأميركية، وفق «رويترز».
وقد تسارعت خسائر الدولار بعد إعلان رئيس وزراء تايلاند تأجيل المحادثات التجارية مع واشنطن، التي كانت مقررة الأربعاء. وزاد التوتر بعدما وصف ترمب، يوم الاثنين، جيروم باول بـ«الخاسر الأكبر»، مطالباً بخفض أسعار الفائدة على الفور، ومهدداً بأن التباطؤ الاقتصادي سيكون مسؤولية «الاحتياطي الفيدرالي» إن لم يستجب.
في الوقت نفسه، صرّح مستشار البيت الأبيض، كيفن هاسيت، يوم الجمعة، بأن إدارة ترمب تدرس مع فريقها إمكانية إقالة باول، وذلك بعد تصريح الرئيس بأنه يرغب في تنفيذ ذلك «في أسرع وقت ممكن». وجاءت هذه التصريحات بعد أن أعلن باول الأسبوع الماضي أن البنك المركزي سيتريّث في اتخاذ أي خطوات جديدة، مشيراً إلى أن خفض أسعار الفائدة غير مبرر حتى تتضح تأثيرات الرسوم الجمركية على التضخم.
وفي تعليقه على هذه التطورات، حذّر الخبير الاستراتيجي في بنك «آي إن جي»، فرانشيسكو بيسول، من أن «أسوأ سيناريو محتمل للدولار هو أن يرضخ باول للضغوط ويقوم بخفض طارئ لأسعار الفائدة»، على الرغم من أن هذا يظل احتمالاً ضئيلاً. وأضاف أن «إقالة باول أو استقالته سيكون لها التأثير نفسه على الأسواق».
من جانب آخر، رفع بنك «باركليز» توقعاته لسعر صرف اليورو أمام الدولار إلى 1.15 دولار، استناداً إلى تراجع احتمالات إقالة باول، إلا أنه أشار إلى أن هذه التقديرات قد تتغير قريباً إذا تفاقمت الأزمة.
وفي سياق الحرب التجارية، اتهمت الصين واشنطن، يوم الاثنين، بإساءة استخدام الرسوم الجمركية، محذرة الدول الأخرى من الدخول في اتفاقات اقتصادية مع الولايات المتحدة على حسابها، ما يُنذر بمزيد من التصعيد بين أكبر اقتصادَيْن في العالم.
وعلى صعيد العملات، تراجع الدولار بنسبة 0.35 في المائة إلى 140.40 ين، بعد أن كسر حاجز 140 يناً للمرة الأولى منذ سبتمبر (أيلول). وارتفع الدولار أمام الفرنك السويسري بنسبة 0.18 في المائة إلى 0.8103، قرب أدنى مستوياته في عشر سنوات. كما انخفض اليورو بنسبة 0.12 في المائة إلى 1.1498 دولار، بعدما وصل في الجلسة السابقة إلى 1.1573، وهو أعلى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.
أما الجنيه الإسترليني فقد ارتفع بنسبة 0.12 في المائة إلى 1.3390 دولار، بعدما لامس أعلى مستوى له منذ سبتمبر. وسجّل الدولار الأسترالي، المعروف بحساسيته للمخاطر، أعلى مستوى له في أربعة أشهر عند 0.64385 دولار.
ورأى رئيس قسم الاقتصاد الدولي والمستدام في بنك الكومنولث الأسترالي، جوزيف كابورسو، أن استمرار هذه التهديدات لاستقلالية «الفيدرالي» قد يتطلّب «موجة بيع جديدة في سوق السندات أو الأسهم الأمريكية»، كي يتوقف ترمب عن إطلاق مثل هذه التصريحات.
واستقر مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من ست عملات رئيسية، عند مستوى 98.33، بعدما انخفض إلى 97.923 في الجلسة السابقة، وهو أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022.