رأي

تصريحات أردوغان عن إسرائيل تلقي بظلالها على زيارته لألمانيا

يزور الرئيس التركي أردوغان ألمانيا، لكن وسط مواقف متباينة بشأن الحرب في الشرق الأوسط. تصريحات أردوغان وموقفه من حماس وإسرائيل لقيت انتقادات في ألمانيا حتى من قبل المستشار شولتس. فهل يفاجئ أردوغان مضيفيه بتصريحات محرجة؟

قد لا تبشر الأمور بخير بالنسبة لزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ألمانيا الجمعة (17 نوفمبر/ تشرين ثاني) وسط أجواء جليدية بين برلين وأنقرة. والسبب في ذلك الحرب في الشرق الأوسط، فهناك  مواقف متباينة إزاء كل من إسرائيل و حركة حماس، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

شولتس يصف كلام أردوغان بـ”العبثي”

مرارا وتكرارا هاجم   أردوغان إسرائيل بحدة ودافع عن حركة حماس الإرهابية. يقول الرئيس التركي إن إسرائيل تحاول منذ 75 سنة “إقامة دولة على أرض سرقت من الشعب الفلسطيني”، وقال مؤخرا في أنقرة إن شرعية إسرائيل موضع تساؤل بسبب “فاشيتها”.

ويوم الثلاثاء (14 نوفمبر/ تشرين ثاني)، وخلال مؤتمر صحفي في برلين، وصف المستشار الألماني  أولاف شولتس كلمات الرئيس التركي بأنها “عبثية”، مؤكدا أن “إسرائيل دولة ديمقراطية، وهذا أيضا يجب أن يذكر بوضوح شديد، وليس هناك شك في ذلك”. وكان رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، جوزيف شوستر، قد هاجم أردوغان بشدة، قائلا إن الرئيس التركي “يؤجج الاضطرابات في الشارع الألماني ويقود إرهابا نفسيا ضد اليهود في ألمانيا بدعايته”.

أهمية الزيارة

في ضوء هذه الاختلافات، طالب عدد غير قليل من السياسيين في برلين بإلغاء الزيارة تماما في هذا الوقت الحساس. لكن الحكومة الألمانية، تمسكت بها. كما يدعم زعيم المعارضة في البوندستاغ، زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس، المستشار شولتس في هذه النقطة. فتركيا مهمة جدا بالنسبة لألمانيا – وألمانيا كذلك بالنسبة لتركيا. هذا ما يعتقده خبير الشؤون الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي رودريش كيسفيتر أيضا

ومع ذلك، يستذكر كيسفيتر أيضا الفضيحة التي حصلت خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى برلين في منتصف أغسطس 2022. وقال السياسي الألماني لـ DW: “إن وضعا مشابها  لزيارة عباس العام الماضي ، عندما كان قادرا على إنكار   المحرقة دون رد من المستشار شولتس الذي كان بجواره، يجب ألا يتكرر”.

ولأن لا أحد في الحكومة الألمانية يريد ذلك أيضا، فإن الوضع متوتر للغاية. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف كبيرة من أن يستغل أردوغان الزيارة لإثارة المشاعر ضد إسرائيل، ضد اليهود بين حوالي 1.5 مليون تركي يعيشون في ألمانيا. وتعلم الحكومة الألمانية أيضا أن نحو ثلثي المواطنين الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا ساعدوا الرئيس أردوغان على الفوز بإعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

برنامج زيارات هزيل

وينعكس الوضع المتوتر في حقيقة أن برنامج زيارة الرئيس التركي هزيل. يصل أردوغان بعد ظهر الجمعة ويستقبله أولا الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في قصر بلفو. بعد ذلك، هناك عشاء في المستشارية مع شولتس مدرج على جدول الأعمال. لا شيء معروف أكثر من ذلك حتى الآن. حتى أنه من غير الواضح ما إذا كان سيتم عقد مؤتمر صحفي أم لا. ولم يرغب المتحدث باسم الحكومة شتيفان هيبشترايت في استبعاد ذلك يوم الأربعاء، لكنه أضاف أن ذلك لا يزال قيد التفاوض.

لكن ما هو واضح هو أن الحكومة الألمانية تريد تجنب أية مواعيد للرئيس التركي في الأماكن العامة مثل شوارع وساحات برلين قدر الإمكان. ومما يبعث على ارتياح ألمانيا، أن زيارة أردوغان لمباراة كرة القدم بين ألمانيا وتركيا في الإستاد الأولمبي في برلين يوم السبت لم تعد مخططة، على الرغم من أن العديد من الأتراك كانوا يرغبون في ذلك. ما يزال في ذاكرة الحكومة الألمانية خطاب أردوغان السابق قي كولونيا مايو 2010، عندما دعا حوالي 15000 من مواطنيه إلى الاندماج وتعلم اللغة الألمانية، لكنه أضاف أيضا: “لا يمكن لأحد أن يتوقع منكم التخلي عن هويتكم”. 

“أوروبا بحاجة إلى أردوغان”

ولكن اليوم، يدرك أردوغان أيضا أن تركيا تعتمد على معاملاتها التجارية والاقتصادية مع ألمانيا في ضوء الانكماش الاقتصادي الذي تعاني منه بلاده. من ناحية أخرى، تعد أنقرة شريكا مهما لألمانيا والاتحاد الأوروبي. كما أن تركيا لا يزال بإمكانها المساعدة في الحد من عدد اللاجئين المتجهين إلى أوروبا.

قبل سبع سنوات، في ذروة أزمة اللاجئين، توصل أردوغان إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لوقف أنشطة التهريب على الحدود التركية واستعادة المهاجرين الذين رفضت طلبات لجوئهم في اليونان. وفي المقابل، تلقت أنقرة مليارات اليورو لإيواء الناس في البلاد. هذا ما يسمى باتفاقية اللاجئين والعمل بها حاليا معلق بشكل أو بآخر، لكن الاتحاد الأوروبي يأمل في إحيائها.

وتعتقد خبيرة الدفاع في الحزب الديمقراطي الحر ماري أغنيس شتراك تسيمرمان أن أوروبا بحاجة إلى أردوغان في قضية الحرب في الشرق الأوسط. وقالت لـ DW: “من المهم ألا تمتد هذه  الحرب وبالطبع، تلعب تركيا دورا في هذا المجال أيضا. وتقول في هذا الصدد، نحتاج إلى الحديث المشترك بيننا. لكن السؤال هو إلى أية درجة من الوضوح”. 

الأمن في برلين

لذلك يتطلع  السياسيون في ألمانيا إلى  المستشار أولاف شولتس، الذي من المفترض أن يواجه الزلات المحتملة من قبل أردوغان. العلاقة بين الرجلين كانت فاترة منذ البداية، حتى خلال زيارة شولتس إلى تركيا في مارس/ آذار 2022. بعد ذلك، تم تأجيل زيارة أردوغان إلى برلين، وبعد ذلك، حتى قبل هجوم   حماس الإرهابي على إسرائيل، تم إعادة جدولتها إلى نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري 2023.

على أية حال، عندما يأتي الرئيس التركي ستكون هناك إجراءات أمنية كبيرة. ولم يعرف بعد ما إذا كان سيتم نشر القناصة على أسطح المنازل، كما كان الحال خلال زيارة أردوغان الرسمية في عام 2018. في ذلك الوقت، تم نشر أكثر من 4000 ضابط شرطة. وسادت حالة الطوارئ في الحي الحكومي. ومن المحتمل أن يكون هذا هو الحال أيضا يوم السبت 18 نوفمير/ تشرين الثاني، عندما يريد آلاف الأكراد التظاهر لصالح   حزب العمال الكردستاني  المحظور وضد سياسات أنقرة.

المصدر: DW.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى