رأي

«تسونامي» ترامب !

قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة عام 2017، كان دونالد ترامب رجل أعمال، وشعاره «ادفع بالتي هي أحسن أو تخسر»، وعندما أصبح رئيساً طبّق هذا الشعار في سياساته الداخلية والخارجية، من خلال مقولته «أمريكا أولاً».

وفي حملته الانتخابية الرئاسية الحالية للوصول إلى البيت الأبيض ثانيةً كمرشح أوفر حظاً عن الحزب الجمهوري، لا يزال يتمسك بنفس الشعار، باعتباره رافعة لحملته تلبي المبادئ التي يراها مناسبة كي تكون «أمريكا عظيمة مرة أخرى».

في حملته الانتخابية يثير ترامب الكثير من العواصف حول منافسه الرئيس جو بايدن وبقية المرشحين من حزبه، إضافة إلى الانكفاء نحو الانعزالية والحمائية المفرطة، ورفضه للعولمة، والتشكيك بتعددية النظام الدولي، وازدرائه المنظمات الدولية، والاتفاقات المبرمة مع الدول الأخرى، وإضعاف التحالف عبر الأطلسي، من خلال فرض شروط صعبة لإبقاء الدول الأوروبية تحت حماية المظلة الأمريكية، وتعزيز الشعبوية والتطرف والعنصرية ومناوءة المهاجرين.

المعارضون لترامب يرون أن سياساته تضرب العلاقات الدولية، وستؤدي إلى خسارة القيادة والنفوذ، خصوصاً عندما يدير ظهره للحلفاء.

لقد أثار ترامب قبل أيام عاصفة جديدة، كانت بمثابة «تسونامي» اجتاح الولايات المتحدة نفسها والدول الأوروبية المتحالفة في إطار حلف الأطلسي، عندما أعلن أنه سيشجع روسيا على مهاجمة بلدان منضوية في الحلف، «إذا لم تدفع ما يتوجّب عليها» لميزانية الحلف، وسرد حواراً مع زعيم أوروبي من دون أن يسميه، سأله، «حسناً، إذا لم ندفع، وتعرضنا لهجوم من روسيا، فهل ستستمرون في حمايتنا؟» فقلت: لم تدفع أنت متأخر عن السداد.. لا لن أحميك على الإطلاق.. بل سأشجعهم على القيام بما يريدون.. لكنهم لم يصدقوا الرد».

أثار هذا الموقف جدلاً وانتقادات واسعة، ووصفه الرئيس بايدن بأنه «مروّع وفاقد للصواب»، وحذّر أمين عام حلف الأطلسي ينس ستولتنبيرغ من أن هذه التصريحات «تقوّض أمننا جميعاً، بما في ذلك الولايات المتحدة، وتعرّض الجنود الأمريكيين والأوروبيين لخطر متزايد». ووصف رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل هذه التصريحات بأنها «متهورة»، وقال الرئيس الألماني فرانك شتاينماير، إن هذه التصريحات «تصبّ في مصلحة روسيا، ولا يمكن أن يكون لأحد في حلفنا مصلحة في هذا». وقال مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن الناتو «لا يمكن أن يكون حسب الطلب».

من الواضح أن لهذا «التسونامي» ارتدادات سوف تؤدي إلى إضعاف الحلف في حال فوز ترامب، وقد يتسبّب ذلك في قطيعة بين ضفتي الأطلسي، ويجبر الدول الأوروبية على خيارات أخرى بعيداً عن المظلة الأمريكية، مثل العودة مجدداً إلى الأخذ بالشعار الفرنسي «الاستقلال الاستراتيجي»، وتشكيل جيش أوروبي موحد.

يذكر أن المساهمة الأوروبية في ميزانية الحلف زادت كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية، لكن الولايات المتحدة ما زالت تدفع الحصة الأكبر، أي ما يوازي 70 في المئة من مجمل النفقات (3.4 في المئة من إجمالي ناتجها القومي)، فيما بلغ معدل ما أنفقته الدول الأوروبية الأعضاء في الحلف وكندا 1.55 في المئة من إجمالي الناتج القومي لكل دولة، في حين كان ترامب يطالب دول الحلف برفع نسبة مساهمتها إلى 3.4 في المئة.

كما أن الولايات المتحدة تمتلك عشرات القواعد والآلاف من عديد قواتها العسكرية الفاعلة في دول أوروبية، مثل إيطاليا وبريطانيا وإسبانيا وتركيا، وقد ارتفع هذا العدد بعد الحرب الأوكرانية، خصوصاً في دول البلطيق وبولندا.

اللافت أن روسيا تجنّبت التعليق على تصريحات ترامب أو على ردود الفعل عليها، واكتفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بالقول: «لا أزال السكرتير الصحفي للرئيس فلاديمير بوتين وليس لترامب».

المصدر: صحيفة الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى