تركيا تُمهّد لإقامة مركز لتصدير الغاز إلى أوروبا واستئناف ضخ النفط العراقي.
رأت تركيا أن ممرات الطاقة والنقل في المنطقة لا يمكن أن تنجح في غيابها، وكشفت عن العمل على توسيع بنيتها التحتية للغاز بهدف إقامة مركز لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا.
وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن ممرات الطاقة والنقل لا يمكن أن تكون فعّالة ومستدامة في المنطقة دون مشاركة بلاده.
وأضاف، خلال كلمة في «منتدى الأعمال التركي العالمي» الذي انطلق في إسطنبول، الجمعة: «نأمل في الانتقال في غضون أشهر إلى مرحلة تنفيذ مشروع طريق التنمية التركي – العراقي، الذي يحمل أهمية كبيرة من أجل الرفاهية والاستقرار في الشرق الأوسط».
ولفت إلى إجراء محادثات مكثفة مع العراق والإمارات وقطر بشأن المشروع، موضحاً أن طرق التجارة الجديدة أصبحت مهمة بعد التطورات الجيوسياسية التي شهدتها السنوات الأخيرة، بما في ذلك وباء كورونا، والحرب الروسية – الأوكرانية، والمنافسة بين الولايات المتحدة والصين، أو الغرب والصين.
وتابع أن هذه التطورات أعادت أيضاً طرح طرق التجارة الأخرى التي نوقشت سابقاً من الناحية النظرية، مشيراً إلى أن الطريق التجارية لا تعني تلبية التجارة وحدها، بل هي في الوقت نفسه انعكاس للمنافسة الجيوستراتيجية.
مركز للغاز
في سياق موازٍ، قال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده تعتزم توسيع بنيتها التحتية للغاز، في الوقت الذي تضع فيه أساس مشروع لتبادل الغاز، سيمكّن دول جنوب شرقي أوروبا من الحصول عليه.
كانت روسيا قد اقترحت إنشاء مركز للغاز في تركيا لتعويض المبيعات إلى أوروبا التي خسرتها بسبب العقوبات الغربية بعد اجتياحها أوكرانيا في فبراير (شباط) العام الماضي.
وأعطى الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، التعليمات الخاصة بالبدء في المشروع، كما ناقشا الخطوات الخاصة به خلال لقائهما في سوتشي مؤخراً، بعدما تأخر التنفيذ بسبب كارثة الزلزال في تركيا في فبراير الماضي، والانشغال بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أُجريت في مايو (أيار).
وحددت تركيا منطقة تراقيا، الواقعة شمال غربي البلاد، لتكون مقراً لمركز الغاز، وتعمل على توسيع البنية التحتية للغاز فيها، وربط محطات للغاز الطبيعي المسال، ومنشأة تخزين مطورة في سيليفري، غرب إسطنبول.
وقال بيرقدار، في مؤتمر صحافي ليل الخميس – الجمعة، إن الغاز القادم من أذربيجان وإيران وروسيا عبر خطوط الأنابيب يمكن أن يغذّي هذا المركز ويتم تسعيره في بورصة الغاز المحلية.
تصدير النفط العراقي
من ناحية أخرى، أكد بيرقدار أن خط أنابيب تصدير النفط من شمال العراق عبر تركيا سيكون جاهزاً لاستئناف العمليات قريباً بعد إجراء الصيانة والأضرار التي نتجت عن الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا في فبراير الماضي.
وقال إن فحص خط أنابيب النفط قد اكتمل وسيكون جاهزاً من الناحية الفنية للتشغيل قريباً.
كانت تركيا قد أوقفت التدفقات عبر خط الأنابيب الواقع في إقليم كردستان شمال العراق، والممتد إلى ميناء «جيهان» في ولاية أضنة جنوب تركيا، في 25 مارس (آذار) الماضي، بعد أن ألزمتها غرفة التجارة الدولية بدفع تعويضات للعراق عن الصادرات غير المصرح بها من حكومة إقليم كردستان بين عامي 2014 و2018.
وقال بيرقدار: «أكملت شركة مسح مستقلة أعمالها في الخط، وهم الآن يُعدّون التقرير»، لكنه لم يحدد موعداً مؤكداً لاستئناف تشغيله.
واتفق العراق وتركيا، من قبل، على الانتظار حتى اكتمال أعمال الصيانة قبل استئناف التصدير عبر خط الأنابيب الذي يُسهم بنحو 0.5 في المائة من إمدادات النفط العالمية.
وخسرت حكومة كردستان العراق نحو 4 مليارات دولار منذ توقُّف تدفقات النفط إلى ميناء «جيهان» التركي، فيما لا تُتوقع إعادة تشغيل الخط قبل أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
محطات نووية
على صعيد آخر، كشف بيرقدار عن مفاوضات مستمرة مع كل روسيا والصين وكوريا الجنوبية من أجل بناء محطة نووية ثانية في تراقيا، شمال غربي البلاد، لافتاً إلى أن المفاوضات مع الصين وصلت إلى «نقطة مهمة للغاية».
ولفت من جهة أخرى إلى استمرار المحادثات مع روسيا فيما يتعلق بالمحطة النووية الثالثة في ولاية سينوب بمنطقة البحر الأسود شمال البلاد. وأوضح أن الهدف النهائي لتركيا هو زيادة قدرة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية إلى 20 غيغاواط.
وتعمل روسيا حالياً في إنشاء محطة «أككويو»، وهي المحطة النووية الأولى لتوليد الكهرباء في تركيا، والمقامة في مرسين جنوب البلاد.
وقال بيرقدار: «نودّ إنشاء نظام بيئي نووي أوسع في تركيا… نحن بحاجة إلى الطاقة النووية من أجل التحول الناجح للطاقة النظيفة بحلول عام 2050»، وهو الموعد الذي تتوقع فيه تركيا أن يكون اقتصادها، البالغ نحو 900 مليار دولار، خالياً من الكربون.