ترقّب سعوديّ للمقاربة اللبنانية… قبل التصعيد
كتب مجد بو مجاهد في “النهار”: يبقى الترقّب عنوان المرحلة على صعيد العلاقة اللبنانية – السعودية. إصلاح البوصلة مسألة أساسيّة. لاحظ عددٌ من المراقبين والمحلّلين السّعوديين هموداً على الصعيد اللبناني بُعَيد عرض التحالف للمعطيات حيال انخراط “#حزب الله” في الحرب اليمنيّة، بما أشار إلى سيطرة “الحزب” على قرار الدولة اللبنانية. وتشير معطيات “النهار” التي تنقلها مصادر لبنانية زارت المملكة حديثاً ومطلعة على أجواء الموقف الخليجي إلى عدم استبعاد الاتجاه نحو اتخاذ إجراءات سعودية تصعيدية، بما يشمل التعبير عن إدانة للوضع اللبنانيّ من خلال دول مجلس التعاون الخليجي، كما تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة في إطار عدم قدرة لبنان على ردع حزب مسيطر على قرارها. وتشير المعلومات إلى أنّ تبني مقاربة التوجه إلى المحافل الدولية، بات يعتبر واسع النطاق داخل المجالس السعودية، باعتبار أنه لم يعد مقبولاً تهديد أمن المملكة من أي طرف. وكيف إذا كان مصدر هذا التهديد منبثقاً من أراضٍ مصنّفة في خانة الدولة الشقيقة؟
وعلى الرغم من المنحى التصاعدي المنذر باتخاذ خطوات تصعيدية سعودياً في حال استمرار غياب المبادرة اللبنانية الجديّة، فإنّ المعطيات تشير إلى أنّ الكلمة تبقى حتى الساعة للترقّب إزاء الكيفية التي يمكن أن تُعتمد لبنانياً، في مرحلة ما بعد المؤتمر الصحفي للمتحدّث الرسمي لتحالف دعم الشرعية في اليمن العميد تركي المالكي. وقد استجدّت مبادرتان في الساعات الماضية مع تبني رئيس الجمهورية ميشال عون الاستراتيجية الدفاعية، والذي يطلق عليه مطلعون لبنانيون على المقاربة السعودية عبارة “التبنّي الجيّد”، في حال تمّ ترجمة المبادرة واقعيّاً. كما أطلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي دعوة “ملفتة” إلى الحوار، مع ربطها بموضوع الحرب في اليمن. لكن السؤال الذي يطرح في عدد من المجالس المقرّبة من السعودية، يتمحور حول قدرة مبادرات من هذا النوع على سلوك “الصيغة التنفيذية”. فعندما زارت بعض الشخصيات اللبنانية #الرياض في الأسابيع الماضية، لمست قدرة فعلية على استعادة زخم العلاقات بين لبنان والخليج من خلال “مفتاح” حلّ قائم على توصّل لبنان إلى “إعلان بعبدا” جديد، يمكن أن يكون مقبولاً لناحية تشكيله “الحدّ الأدنى” المقبول به خليجياً. وثمّة من يعقّب في السياق، بأنّ نجاح ميقاتي في عقد طاولة حوارية بنتائج ملموسة “زمانياً ومكانياًً”، سيساهم في اجتياز شوط ايجابيّ نحو إعادة بعض الدفء للعلاقات اللبنانية – الخليجية.
وإذا كان لا يزال من المبكر الإجابة عن الأسئلة المُمكنة حول القدرة على النجاح في المبادرات الحوارية التي تمّ التعبير عنها على صعيد الرئاستين الأولى والثالثة، إلا أنّ ثمة أكثر من عامل قد يُصعّب المهمّتين في حال دخلتا مرحلة الحيّز التنفيذيّ. ويتمثّل العامل الأول في اتخاذ المفاوضات القائمة بين المحاور الاقليمية في المنطقة “الطابع الحامي”، بما يمكن أن ينعكس على الوضع اللبناني والقدرة على التوصل إلى التزامات بشأن الحدّ من التدخلات الخارجية المتلازمة مع تموضع “حزب الله” على صعيد المنطقة. ويشار الى عامل آخر ينطلق منه المراقبون لجهة ضرورة عودة لبنان إلى الثوابت الوطنية، بما يعني الحاجة إلى تفعيل ورشة عمل على صعيد “الأفعال”.
تفصل السعودية في مقاربتها بين الواقع السياسي اللبناني والبعد الشعبي المرتبط بالمواطنين اللبنانيين. وهناك قراءات بدأت تتناقل حول الانطباع السعودي على مشارف مرحلة الانتخابات النيابية على بعد أشهر قليلة. فما حقيقة ما يشاع حول المقاربة السعودية للانتخابات اللبنانية ومقاربتها للاستحقاق المنتظر؟ تشير معطيات “النهار” إلى أنّ الزيارات التي قام بها وزراء سابقون إلى المملكة تطرقت إلى طرح الرؤية السياسية الخاصة بالأحزاب الحليفة للسعودية لبنانياً. وتناولت اللقاءات الأوضاع العامة في لبنان. وتناول الوزراء السابقون موضوع الرئيس سعد الحريري معبّرين عن السلبيات التي يمكن أن تترتب عن عدم خوضه الاستحقاق الانتخابي. وأكدوا على ضرورة خوض الحريري للانتخابات، لئلا ترسم النتائج مزيداً من الضعضعة في صفوف القوى المحسوبة على الجسم السيادي وخصوصاً على صعيد الطائفة السنية. وعُلم أن المسؤولين السعوديين الذين قابلوا الوزراء اللبنانيين كانوا في موقع المستمع بعمق. وتجدر الاشارة الى أن مشكلة السعودية لم تكن يوماً مع أي شخصية لبنانية، مع دحض ما يتناقل عما يسمى في بعض المجالس اللبنانية “تخلٍّ عن الحريري”. وباتت المقاربة السعودية واضحة لجهة أن المشكلة ليست بينها وبين لبنان، بل على صعيد الداخل اللبناني. وتوجهاتها واضحة لناحية التعامل من دولة إلى دولة.
وانتخابياً، لم ينقشع بعد أي معطى حول كيفية مقاربة السعودية للاستحقاق. وفي حال ظهر أي تبلور لمعطيات في هذا الاطار، ثمة من يرجّحها في الأشهر الأولى من السنة المقبلة. وبعيداً عن الشأن الانتخابي اللبناني، فإن المسار الذي اعتمده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بدأ في مرحلة أولى على التفرّغ إلى مهمة أساسية قائمة على ترتيب البيت الداخلي ووضع أسس رؤية 2030. ثم انطلق في مرحلة ثانية إلى جولة عابرة للدول على صعيد جغرافيا الخليج العربي. وهناك من يرى أن ملامح المرحلة الثالثة من رؤيته بدأت تنقشع لناحية الاطلالة على الدول العربية ككلّ بما في ذلك لبنان… لكن لا بدّ من التذكّر دائماً بأن المشكلة ليست بين الرياض وبيروت، بل على صعيد الداخل اللبناني حيث لا بدّ من معالجة.