ترامب يلتقي زيلينسكي ويؤجل تسليم «توماهوك»

التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الجمعة، نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، في زيارة وصفت بالأهم منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وسط توقعات بأن يسعى زيلينسكي للحصول على موافقة أمريكية لتزويد كييف بصواريخ «توماهوك» طويلة المدى. وقال ترامب إن تزويد أوكرانيا بالصواريخ «من السابق لأوانه»، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع روسيا قبل اتخاذ هذه الخطوة، وأضاف أن بوتين قد يحاول كسب الوقت لكنه يسعى لإنهاء الحرب، بينما أكد زيلينسكي أن موسكو تسعى لمواصلة الهجوم على بلاده وأن الرئيس الروسي «ليس جاهزاً» للسلام.
وأعاد ترامب فتح قنوات الحوار مع بوتين تمهيداً لقمة مرتقبة بينهما في بودابست. فيما قالت موسكو إنه يجب تسوية مسائل كثيرة قبل القمة المرتقبة، وأعلنت فيه موسكو، سيطرتها على ثلاث بلدات في منطقتي خاركيف ودنيبروبتروفسك الأوكرانيتين.
وتأتي زيارة زيلينسكي الثالثة منذ عودة الجمهوريين إلى السلطة في أجواء مشحونة، إذ يحل في واشنطن بعد اتصال مفاجئ بين ترامب وبوتين، حذر خلاله الرئيس الروسي من أن تسليم أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى «سيضر كثيراً بالعلاقات بين موسكو وواشنطن وبفرص التوصل إلى حل سلمي للنزاع».
وقال زيلينسكي لدى وصوله إلى واشنطن، إن «موسكو تسارع إلى استئناف الحوار بمجرد سماعها عن صواريخ توماهوك»، مؤكداً أنه التقى ممثلين لشركة «رايثيون» الأمريكية المصنعة لمنظومتي «توماهوك» و«باتريوت»، وبحث معهم فرص الإنتاج المشترك وتعزيز الدفاع الجوي الأوكراني.
وتُعد هذه الصواريخ المجنّحة من أكثر الأسلحة تطوراً في الترسانة الأمريكية، ويصل مداها إلى 1600 كيلومتر، ما يمنح كييف القدرة على تنفيذ ضربات في العمق الروسي، وهو ما يثير قلق موسكو مع تكثيفها ضربات على البنية التحتية للطاقة الأوكرانية قبيل الشتاء.
ورغم حرص ترامب على تجنب الالتزام بتسليم هذه الصواريخ، قائلاً: «لا يمكننا استنفاد احتياطات بلدنا… نحن أيضاً بحاجة إليها»، فإن موقفه الحذر لا يخفي رغبته في استثمار الحوار مع بوتين لدفع مسار تفاوضي جديد حول الحرب.
وكانت القمة السابقة بين ترامب وبوتين في ألاسكا منتصف أغسطس انتهت دون تحقيق اختراق يُذكر. إلا أن الرئيس الأمريكي قال إنه «يأمل هذه المرة في إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا»، مكرراً قناعته بأنه قادر على التوصل إلى تسوية «بسرعة كبيرة»، رغم اعترافه لاحقاً بأن «المهمة أعقد مما يبدو».
وفي بروكسل، رحبت المفوضية الأوروبية بإمكان عقد لقاء بين ترامب وبوتين في بودابست، شرط أن «يدفع قدماً عملية السلام الهادفة إلى إرساء سلام عادل ودائم في أوكرانيا».
وقال المتحدث باسمها أولوف غيل، إن «الاجتماعات لا تتم دائماً في الشكل الذي نتمناه، ولكن إن كانت تقرّبنا من سلام عادل ودائم، فعلينا أن نرحب بها».
من جانبها، أكدت موسكو عبر الكرملين أن «مسائل كثيرة» لا تزال بحاجة إلى تسوية قبل انعقاد القمة المنتظرة. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن وزيري الخارجية سيرغي لافروف ونظيره الأمريكي ماركو روبيو «سيباشران العمل على التحضير للقمة، بدءاً باتصال هاتفي ثم لقاء مباشر لبحث القضايا العالقة».
وعلى الأرض، تواصل روسيا الضغط الميداني في شرق أوكرانيا، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها سيطرت على ثلاث بلدات جديدة في منطقتي خاركيف ودنيبروبتروفسك، في مناطق كانت القوات الأوكرانية قد استعادت السيطرة عليها خلال هجومها المضاد قبل ثلاث سنوات. وأشارت موسكو إلى أن قواتها «تتقدم تدريجياً» وسط معارك عنيفة في الجبهة الشرقية.
وبحسب تحليل أجرته «فرانس برس» لبيانات من مركز الدراسات الحربية الأمريكي، باتت روسيا تسيطر على نحو 19 في المئة من الأراضي الأوكرانية، مقارنة بسبعة في المئة فقط قبل غزو فبراير 2022.
وفي موازاة ذلك، أفادت السلطات الأوكرانية والروسية بمقتل أربعة أشخاص، أحدهم طفل، في ضربات متبادلة على منطقة خيرسون الجنوبية، بينما تتواصل المعارك الجوية والمدفعية على مختلف جبهات القتال.