كتب جيفري كمب في صحيفة “الإتحاد”: خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع، التقى عدد من المرشحين المحتملين الطامحين إلى الترشح في انتخابات 2024 الرئاسية باسم الحزب الجمهوري في لاس فيغاس من أجل عرض مؤهلاتهم على جمهور من الأنصار الجمهوريين. وجميعهم كانوا شخصيات تحظى بالتقدير والاحترام وتمتلك سيراً ذاتية باهرةً ورصيداً من الإنجازات والخبرة الحكومية. وجميعهم دعموا دونالد ترامب حين فاز برئاسة البيت الأبيض عام 2016.
لكن مزاج المجتمعين وخطابات بعض المرشحين كانت مختلفة جداً هذه المرة، إذ أكدوا جميعاً، وبطرق مختلفة، ضرورة أن يتحدث الحزب عن المستقبل، وألا يعيش على الماضي؛ لأن البلاد ترغب في التقدم إلى الأمام وتجاوز نظريات المؤامرة التي لا تنتهي والتصريحات التي تقول إن ترامب هو الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في عام 2020، وليس بايدن. وفي هذا الإطار، طلب حاكم ولاية نيوهامبشر، كريس سنونو، من الجمهور الكفَّ عن ترشيح «مرشحين مجانين غير قابلين للانتخاب». ومن جانبه، تحدث حاكم ولاية ميريلاند لاري هوغان عن سجل ترامب الانتخابي الأخير، مستعيراً عبارةً من رياضة «البيسبول»: «ثلاث ضربات وتُقصى». هذا في حين قال حاكم ولاية نيوجيرزي السابق، كريس كريستي، إن الخوف من ترامب يشبه خوف المرء من أن يوصف بالشيوعي في الستينيات.
مرشحون محتملون آخرون مثل حاكمة ولاية كارولاينا الشمالية، نيكي هالي، ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو، ونائب الرئيس السابق مايك بنس، أدلوا بتصريحات أقل حدةً حول ترامب، لكنها تحدثت جميعها عن الحاجة إلى تجاوز انتخابات 2020. والرسالة كانت واضحة. فلئن تحاشوا الإشارة إلى اسم ترامب بشكل صريح، فإن كل المتحدثين الرئيسيين كانوا صرحاء بشأن الحاجة إلى السير في اتجاه جديد إذا كان الحزب يرغب في أي احتمال للفوز بانتخابات 2024. وبناءً على هذه الخطابات، وخطابات مرشحين آخرين لم يكونوا من بين الحاضرين، يتضح أن تصدعاً كبيراً بدأ يظهر بين زعماء الحزب وترامب. لكن هل يكون لمثل هذه التصريحات وهذا السلوك أية أهمية؟
في ما يلي ثلاثة أسباب وجيهة تفسر لماذا سيكون لمثل هذه التصريحات والمواقف أهمية، وسبب واحد يفسر لماذا قد تفشل. أولاً؛ إن ترامب خسر دعم بعض من أغنى مانحيه وأكثرهم موثوقية، الأمر الذي سيؤثّر على مواقف متبرعين آخرين أصغر وقد يدفعهم للتردد في تقديم تبرعات مالية لحملة ترامب. وغني عن البيان أن المبالغ المالية الكبيرة أساسية من أجل حملة انتخابية ناجحة. ثانياً؛ إن روبرت موردوخ، الذي يُعد مالك أقوى إمبراطورية إعلامية في العالم، لا يحب الفاشلين، وبالنسبة له فإن ترامب خسر الانتخابات الثلاثة الأخيرة على التوالي: انتخابات 2018 النصفية، وانتخابات 2020 الرئاسية، والآن انتخابات نوفمبر النصفية. ونظراً لأن موردوخ يسيطر على قناة «فوكس نيوز» وصحيفة «ذا نيويورك دايلي بوست» وصحيفة «ذا وول ستريت جورنال»، فلا شك في أن المرء يودّ لو أن هذه المؤسسات الإعلامية تعمل لصالحه وليس ضده. ثالثاً؛ إن أداء مرشحي ترامب الأكثر حضوراً في وسائل الإعلام خلال الانتخابات النصفية الأخيرة، والذين كانوا من أبرز «منكري نتيجة الانتخابات»، كان ضعيفاً للغاية، خاصة بين الناخبين الشباب والمستقلين. وبدون دعم مزيد من هؤلاء الناخبين، يصعب على أي مرشح «جمهوري» أن يتغلب على مرشح «ديمقراطي» يتمتع بالكفاءة.
غير أن لدى ترامب ميزة واحدة كبيرة؛ ذلك أنه طالما ظل يحظى بدعم قاعدته وإعجابها، والتي تشير التقديرات إلى أنها تتراوح بين 25% و30% من الجمهوريين، فإنه يستطيع التعويل على أصواتهم في أي انتخابات تمهيدية لاختيار مرشح جمهوري. وإذا قرّر عشرات الأعضاء الترشح للانتخابات، على غرار ما حدث في عام 2016، فإن ترامب يستطيع تقسيم المعارضة بشكل ممنهج والفوز في الانتخابات التمهيدية بأقل من أغلبية واضحة من الحزب. وإذا انتهى عدد كافٍ من خصومه إلى دعمه في النهاية، فإنه يستطيع الفوز بترشيح الحزب مرة أخرى.
وإلى أن يحلّ الجمهوريون «عامل ترامب» ويقرّروا كيف سيستخدمون أغلبيتهم الصغيرة في مجلس النواب، حين يعود الكونجرس للانعقاد في العام الجديد، فسيكون من الصعب التنبؤ بأي تشريع جوهري قد يرغبون في العمل مع بايدن ومجلس الشيوخ بشأنه حتى يُظهروا أنهم يستطيعون إبداء التعاون بدلاً من أن يكونوا «رافضين» و«منكرين» دائمين.
وفي غضون ذلك، يجدر ببايدن أن يفكر في ما إن كان يرغب حقاً في الترشح للانتخابات مرة أخرى في وقت يحتفل فيه بعيد ميلاده الثمانين، ما يجعله أكبر رئيس سناً يمارس مهامه في تاريخ الولايات المتحدة
زر الذهاب إلى الأعلى