أبرزرأي

ترامب – نتنياهو: تحالف استثنائي أم شراكة سياسية مؤقتة؟

حسين زلغوط, خاص- “رأي سياسي”:

شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل تحولات كبيرة على مر العقود، إلا أن الفترة التي تولى فيها دونالد ترامب الرئاسة الأميركية 2017-2021 تميزت بعلاقة شخصية وسياسية استثنائية بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهذه العلاقة لم تكن مجرد تعاون دبلوماسي، بل اتخذت طابعاً غير مسبوق من التقارب في المصالح والأهداف.
منذ الأيام الأولى لرئاسة ترامب، أبدى دعماً غير محدود لنتنياهو. اتفق الاثنان على العديد من القضايا الجوهرية، حيث قرر ترامب في ايلول من العام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، في خطوة قوبلت برضى كبير من نتنياهو واعتبرها “لحظة تاريخية”، وبعد أقل من عام قدم الرئيس الأميركي هدية إضافية لرئيس الوزراء الإسرائيلي حيث انسحب من الاتفاق النووي، وهو ما انسجم تماماً مع موقف نتنياهو المعارض للاتفاق منذ بدايته، ولم يكتفي ترامب بذلك بل طرح خطة سلام في عام 2020 تدعم ضم إسرائيل لمناطق من الضفة الغربية، وهو ما اعتبره نتنياهو إنجازاً دبلوماسياً.
هذا التحالف السياسي استفاد منه نتنياهو لتعزيز موقعه في الانتخابات، بينما وظّف ترامب الدعم الإسرائيلي لحشد دعم الإنجيليين والمحافظين الأميركيين، خلال توليه الرئاسة الأميركية.
غير ان هذه العلاقة لم تدم طويلا بين الرجلين وبدأت في التدهور بعد فوز الرئيس جو بايدن في الانتخابات، حيث شعر ترامب بخيبة أمل من نتنياهو بعد أن هنأ بايدن على فوزه بسرعة. وقد عبّر ترامب عن ذلك صراحة في مقابلة له بأنه لم “ينسَ” ما فعله نتنياهو، معتبراً التهنئة خيانة سياسية، وهذا التوتر أظهر أن العلاقة لم تكن مبنية فقط على المبادئ، بل على الولاء الشخصي المتبادل.
ويرى بعض المتابعين لمسار العلاقة الاميركية- الاسرائيلية ان العلاقة بين ترامب ونتنياهو تُعد واحدة من أكثر العلاقات الشخصية والسياسية تأثيراً في تاريخ العلاقات بين البلدين، لكنها في الوقت ذاته كشفت عن هشاشة التحالفات المبنية على الشخصيات لا على المؤسسات. ومع تغير الرؤساء وتبدل المصالح، تظل هذه العلاقة مثالاً صارخاً على تداخل المصالح الشخصية بالسياسة الدولية، وأكبر دليل هو السلوك الذي يتّبعه ترامب تجاه نتنياهو في هذه المرحلة، حيث عقد اتفاقا مع الحوثيين تم من خلاله وقف قصف اليمن مقابل توقف استهداف الحوثيين بالصواريخ البواخر والبوارج الاميركية في البحر ، من دون تنسيق ذلك مع اسرائيل وهو ما جعل نتنياهو يشعر وكأن ترامب بدأ يتجاهله وأنه يفتش عن مصلحة أميركا قبل أي شيء آخر، وما زاد الطين بلة هو الجولة الخليجية التي يقوم بها الرئيس الأميركي حاليا، والتي تمت بحسب ما يُنقل من معلومات عبر وسائل اعلام اسرائيلية من دون تنسيق مع “الحليف الاستراتيجي” اسرائيل ، التي لم تكن على علم بصفقات السلاح التي سيبرمها ترامب مع السعودية وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي.
كل ذلك لا يعني أن الفتور الحاصل يعني أن الأمور تتجه بين الرجلين الى القطيعة ، أو الطلاق النهائي، فمصالحهما المشتركة تحتم عليهما ترميم اي تصدع يظهر نتيجة ملف ما، وأن أي رهان على فك الارتباط بين واشنطن وتل أبيب هو رهان في غير محله، فحقيبة ترامب ممتلئة بجوائز الترضية، التي يمكن ان يقدمها لنتنياهو ليُروضه ويجعله أداة طيعية لتحقيق مشاريع الجانبين على حساب العرب وغير العرب.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى