تراجع كبير في استهلاك البنزين… ما مصير المحطات؟
نائلة حمزة- رأي سياسي
تشكل الأزمة الاقتصادية، البطالة ، تراجع الأعمال، انهيار سعر صرف الليرة وارتفاع سعر صفيحة البنزين التي تعدّت المليون وأربعمئة ألف ليرة، تراجع استهلاك البنزين منذ بداية العام الى نهاية شهر شباط بنسبة 30 %، وفقاً لعيّنة من أصحاب المحطّات وشركات التوزيع، بحسب “الدولية للمعلومات.”
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين توقّع في حديث ل”رأي سياسي”، “أن يشهد استهلاك البنزين في لبنان تراجعاً أكبر اذا بقي الركود الاقتصادي على حاله.” ومن هنا فإن متوسّط حجم الاستهلاك اليومي الذي بلغ في العام 2022 نحو 304 آلاف صفيحة في اليوم، قد انخفض إلى نحو 213 ألف صفيحة. وهذا ما أدّى إلى تراجع في حركة السير خارج أوقات الذّروة.
وفيما اعتبر أن “هذا الأمر سيشكّل عنصراً ايجابياً، إذ يقلل من زحمة السير والتلوث،” أشار إلى أن “نسبة كبيرة من محطات المحروقات ستقفل أبوابها بسبب الركود الاقتصادي والتراجع في أرباحها، ونلفت هنا إلى وجود 3200 محطة تتوزع على الأراضي اللبنانية. وأوضح شمس الدين إلى أن “الحل ليس بتخفيض الأسعار، بل من خلال لجوء السلطات الرسمية الى قطاع المحروقات ومادة البنزين بالأخص من أجل توفير ايرادات للخزينة،” ومن هنا اقترح أن “يُعمل على إعطاء كل سيارة موجودة في لبنان الحق بأن يكون لديها إمكانية شراء 50 صفيحة من البنزين في السنة بالسعر الرائج حالياً، وكل من يريد استهلاك أكثر من القيمة عليه أن يدفع 10 دولارات ، ما يؤمن دخلاً مهماً للدولة من دون تحميل أصحاب الدخل المحدود تبعات ذلك.”
ورأى شمس الدين أنه “من الضروري أن تقوم الدولة اللبنانية بفرض ضريبة على البنزين على كل شخص يزيد استهلاكه عن 50 صفيحة، ما يؤمن ايرادات للخزينة ويحد من الاستهلاك اليومي لهذه المادة.”
وفي ظل ارتفاع أسعار المحروقات متأثرة بالتقلبات المتواصلة في سعر صرف الدولار، كيف يبدو واقع العمل في محطات المحروقات في ظل التراجع في الإستهلاك؟
في هذا الإطار، أكد عضو نقابة أصحاب المحطات د. جورج البراكس لموقعنا أن “محطات المحروقات كغيرها من المؤسسات التجارية التي تعاني من تراجع القدرة الشرائية للمواطن اللبناني بسبب الإنهيار، وبالتالي من الطبيعي تراجع مبيعاتها بسبب فقدان المواطن قدرته على شراء البنزين.”
وبحسب البراكس فإن” المحطات كافة تعاني اليوم من تراجع مبيعاتها ما يؤثر بشكل مباشر على القيمة التشغيلية لكل محطة،” لافتاً الى أن المحطات الصغيرة ذات المبيعات المحدودة كانت أكثر تأثراً من المحطات الكبيرة.”
حالة من التخبط يعيشها اللبنانيون، فمن مشهد الطوابير أمام محطات المحروقات قبل أشهر إلى عدم القدرة على تأمين حاجياتهم من البنزين والمازوت، هذه المرة ليس بسبب نفاد هاتين المادتين من السوق، بل لأن أسعارهما تلهب الجيوب.
كما أن خيار التنقل بوسيلة نقل عمومية، ليس أفضل حالا، فارتفاع سعر المحروقات دفع السائقين إلى زيادة التعرفة على الركاب، من ألفي ليرة داخل بيروت إلى مئة ألف وأحياناً 150 الفاً، ما يعني أن على اللبناني تكبد أكثر من خمسة ملايين ليرة شهريا إذا قرر التوجه إلى عمله والعودة لمنزله في سيارة أجرة.
وهكذا أصبح التنقل رفاهية ليست بمتناول الجميع. ويحذر المراقبون بأن الانهيار الاجتماعي قادم لا محالة، في حال لم تبادر السلطات الرسمية إلى إيجاد الحلول، وتنفيذ الإصلاحات التي يُطالب بها صندوق النقد الدولي لمد لبنان بمليارات الدولارات لمعالجة أزمته.