اقتصاد ومال

تراجع غير متوقع لمبيعات التجزئة البريطانية.

تراجعت مبيعات التجزئة في بريطانيا بوتيرة فاقت التوقعات في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد تراجع الإنفاق الاستهلاكي على الملابس الخريفية والشتوية في ظل دفء الطقس بشكل غير معتاد في مثل هذا الوقت من العام، إضافة إلى ارتفاع تكلفة المعيشة الذي يدفع الأسر إلى تبديل أولوياتها.

وذكر مكتب الإحصاء البريطاني أن حجم السلع المبيعة عبر المتاجر ومنصات التسوق الإلكتروني تراجع بنسبة 0.9 في المائة في سبتمبر، مقابل زيادة نسبتها 0.4 في المائة في الشهر السابق عليه. وكان خبراء الاقتصاد يتوقعون أن تصل نسبة التراجع في سبتمبر إلى 0.4 في المائة فقط.

وقال غرانت فيتزنر، كبير الاقتصاديين في مكتب الإحصاءات الوطنية: «لقد كان شهراً سيئاً بالنسبة لمتاجر الملابس، حيث أدت الظروف الخريفية الدافئة إلى انخفاض مبيعات معدات الطقس البارد. ومع ذلك، ساعد الدفء غير المعتاد في سبتمبر في زيادة مبيعات المواد الغذائية قليلاً».

وانخفضت أحجام مبيعات الملابس بنسبة 1.6 في المائة، وشهدت متاجر السلع المنزلية انخفاضاً بنسبة 2.3 في المائة في المبيعات، وهو ما أرجعه مكتب الإحصاءات الوطنية إلى ضغوط تكاليف المعيشة المستمرة.

وتضيف هذه البيانات إلى مؤشرات تراجع الاقتصاد البريطاني، لا سيما في ظل انخفاض الأجور وارتفاع معدلات البطالة، وتراجع آفاق نشاط الأعمال والشركات، وانخفاض ثقة المستهلكين.

وواجهت الأسر البريطانية ضغطاً في تكاليف المعيشة على مدى العامين الماضيين بسبب صعوبات سلسلة التوريد ونقص العمالة بعد جائحة «كوفيد–19» التي تفاقمت بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

وبينما ارتفعت أحجام مبيعات التجزئة في منتصف عام 2021 عندما أُعيد فتح المتاجر بالكامل في بريطانيا بعد قيود «كوفيد-19»، فقد انخفضت المشتريات بشكل مطرد منذ ذلك الحين، وكانت أحجام المبيعات على مدار العام الماضي أقل من مستويات ما قبل الوباء.

وأظهرت بيانات يوم الجمعة، أنه في حين أن إنفاق التجزئة، الشهر الماضي، من الناحية النقدية كان أعلى بنسبة 17 في المائة من مستويات عام 2019، فإن حجم البضائع المشتراة كان أقل بنسبة أكثر من 3 في المائة عما كان عليه في عام 2019.

وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن مبيعات التجزئة في الربع الثالث من المرجح أن تطرح 0.04 نقطة مئوية من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة.

وسوف يؤثر تراجع مبيعات تجارة التجزئة الشهر الماضي على الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا خلال الربع الثالث من العام، بعد تراجعها بشكل حاد في يوليو (تموز)، ثم ارتفاعها بشكل طفيف في أغسطس (آب). وكان من الضروري أن ترتفع مبيعات التجزئة في سبتمبر بنسبة لا تقل عن 1.4 في المائة حتى تعوض التراجعات السابقة.

من جانبه، لمّح أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) إلى أن صناع السياسة لا يمكنهم بعد تخفيف جهودهم لمجابهة التضخم، حتى رغم تراكم الأدلة على أن اقتصاد المملكة المتحدة يتجه إلى حالة ضعف، حسبما ذكرت «بلومبرغ» يوم الجمعة.

وذكر بيلي، في مقابلة نشرتها صحيفة «بلفاست تليغراف» اليومية التي تصدر في آيرلندا الشمالية، أن «مجال الأجور يثير قلق بنك إنجلترا»، وقال إن «نمو الأجور كما تم قياسه لا يزال أعلى بكثير من أي شيء يتوافق مع هدف التضخم… ومع ذلك، فأنا أفهم أن الناس سيرغبون في رؤية الدليل على انخفاض التضخم. وأعتقد أنه يمكننا رؤية هذا الدليل. وأعتقد أنه بحلول نهاية العام، سنرى المزيد من الأدلة على ذلك».

وتزامنت تصريحات بيلي مع بيانات رسمية تظهر ارتفاعاً في إيرادات الضرائب الناجمة عن التضخم الآخذ في الزيادة. ويأتي ذلك مصحوباً بإشارة البيانات إلى ضغوط شديدة على الأسعار التي يحاول بنك إنجلترا مواجهتها.

ويدرس صناع السياسة المدى الذي سيحتاجون إليه لضبط التضخم، الذي يبلغ ثلاثة أمثال المعدل المستهدف. وأشار بيلي إلى أنه «لم يُفاجأ» ببيانات التضخم يوم الأربعاء التي أشارت لارتفاع تضخم أسعار المستهلك بنسبة 6.7 في المائة على أساس سنوي في سبتمبر، وهي الوتيرة نفسها التي شهدها في أغسطس… ليظل المعدل الأعلى من نوعه بين أي اقتصاد متقدم رئيسي، وهو ما يعتقد بعض المستثمرين أنه يعزز احتمال رفع أسعار الفائدة مرة أخرى.

وتوقع بيلي أن يشهد معدل التضخم الرئيسي «انخفاضاً ملحوظاً» عندما يتم نشر أرقام شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بفضل الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة العام الماضي الذي خرج عن المقارنة السنوية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى