اقتصاد ومال

تراجع التضخم في بريطانيا بأسرع من المتوقع.

سجل معدل ارتفاع الأسعار في بريطانيا تراجعاً من 8.7 في المئة إلى 7.9 في المئة خلال الفترة التي تمتد حتى يونيو (حزيران) الماضي، وفقاً لآخر الإحصاءات الرسمية.

وأظهر مؤشر أسعار المستهلك لقياس التضخم انخفاضاً أكبر مما كان متوقعاً، وهو أمر سيخفف من الأعباء عن كاهل العائلات التي تواجه أزمة تكاليف المعيشة.

وعلى رغم استمرار ارتفاع الأسعار، أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن معدل الزيادة “تباطأ بشكل كبير” ليصل إلى أدنى مستوى سنوي له منذ مارس (آذار) 2022.

وتعتبر هذه الأرقام نبأ ساراً لحكومة ريشي سوناك وبنك إنجلترا، إذ توقعت الأسواق المالية انخفاضاً حتى 8.2 في المئة فقط في وقت سابق.

في وقت انخفض فيه معدل “التضخم الأساسي” Core Inflation عقب تسجيله أعلى مستوى له في 30 عاماً في شهر مايو (أيار)، إلا أنه لا يزال يفوق بكثير الهدف الرسمي للبنك المركزي والبالغ اثنين في المئة. ومن المتوقع أن تشهد أسعار الفائدة ارتفاعات جديدة في الأشهر المقبلة في محاولة للسيطرة على التضخم.

الحكومة البريطانية بدورها قالت إن الأرقام الحالية تسجل تقدماً “في المسار الصحيح”، لكن وعلى رغم كونها جاءت أحسن مما كان متوقعاً، إلا أن وزير الخزانة جيريمي هانت قال: “لسنا راضين ونعلم أن الأسعار المرتفعة لا تزال تشكل مصدر قلق كبير جسيم للأسر والشركات”.

وأردف هانت: “المخرج الأمثل والوحيد الذي يمكننا من خلاله تخفيف هذا الضغط وإعادة نمو اقتصادنا هو الالتزام بخطة خفض التضخم إلى النصف هذا العام”.

وصرح غرانت فيتزنر، كبير الاقتصاديين في مكتب الإحصاء الوطني، أن تضخم أسعار المواد الغذائية انخفض بشكل طفيف فقط، جراء انخفاض أسعار البنزين والديزل.

وتراجع التضخم في متاجر السوبرماركت إلى 17.3 في المئة بعد أن سجل 18.7 في المئة في مايو (أيار)، ومع ذلك، لا تزال السلع الموجودة على الرفوف مكلفة للغاية وتشكل عبئاً كبيراً على المتسوقين الذين يواجهون ضغوطاً مالية جسيمة. وأضاف فيتزنر: “تراجعت أسعار المواد الغذائية قليلاً الشهر الجاري، على رغم أنها لا تزال مرتفعة للغاية”.

وأشار اتحاد التجزئة البريطاني إلى أن سلاسل التوريد لا تزال “غير مستقرة”، محذراً من أن قرار فلاديمير بوتين بالانسحاب من اتفاق توريد الحبوب الأوكرانية قد يؤدي إلى يدفع أسعار المواد الغذائية “الأساسية” للارتفاع مرة أخرى في المستقبل.

ومن جانبها، صرحت هيلين ديكنسون، الرئيسة التنفيذية لشركة BRC، بأن أسعار الجبن والفواكه والأسماك انخفضت بالفعل، مع انخفاض تكاليف السلع والطاقة للعملاء، مشيرة إلى انخفاض أسعار ملابس الأطفال والأجهزة المنزلية.

وأضافت كارين بيتس، الرئيسة التنفيذية لاتحاد الطعام والشراب، أن الأرقام الأخيرة تعد “مشجعة”،  وأردفت: “نأمل استمرار انخفاض معدل تضخم أسعار المواد الغذائية والمشروبات على مدار الأشهر المقبلة”.

ومع ذلك، حذرت من أن تكاليف شركات تصنيع المواد الغذائية والمشروبات ما زالت أعلى بمقدار الثلث مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، وأشارت الرئيسة التنفيذية في قطاع المواد الغذائية إلى أن “قرار روسيا بالانسحاب من صفقة حبوب البحر الأسود ليس مفيداً لهذا الوضع ويشكل مخاطر جديدة على إمدادات الحبوب العالمية”.

وعلى رغم تراجع التضخم في المملكة المتحدة، إلا أنه لا يزال يحتل المرتبة الأعلى ضمن مجموعة الدول الصناعية السبع ذات الأنظمة الاقتصادية الغنية. ويتوقع بعض الخبراء الماليين أن يقوم بنك إنجلترا بزيادة معدل الفائدة الأساسي إلى ما يزيد على 6.5 في المئة في وقت لاحق من العام المقبل، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الرهن العقاري وزيادة الضغط على مالكي المنازل.

بدورها ذكرت ريتشيل ريفز، وزيرة الخزانة في حكومة الظل “العمالية” المعارضة أن ارتفاع معدل التضخم في بريطانيا مقارنة بنظرائها العالميين، يعكس “الفشل الاقتصادي لحزب المحافظين”. وأكدت أن العائلات على دراية بأن الأسعار “ما زالت ترتفع بمعدلات مقلقة وتعاني أعباء هذه التكاليف”.

وأضافت السيدة ريفز: “قد تكون هناك صدمات عالمية، ولكن بريطانيا تتعرض لهذه الصدمات بسبب الفشل الاقتصادي لحزب المحافظين الذي أدى إلى نقص كبير في الاستقرار الاقتصادي لدينا”.

وأشارت سارة أولني، مسؤولة الخزانة في حزب الليبراليين الديمقراطيين، إلى أن الأرقام ستكون بمثابة “سلوى ومواساة” لعدد كبير من العائلات القلقة بشأن ارتفاع رهوناتهم العقارية.

وتعزز الأرقام الأخيرة فرصة أن يختار بنك إنجلترا، الذي يفكر في زيادة سعر الفائدة الأساسي بنسبة 0.5 في المائة الشهر المقبل، زيادة أقل قدرها 0.25 في المئة.

وأوضح خبير توفير الأموال، مارتن لويس، أن أرقام التضخم قد تكون “إشارة قوية” لبعض “الأخبار المبشرة” لأصحاب الرهونات العقارية من خلال ضغط تصاعدي على أسعار الفائدة، في حين أضاف محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة أليانز، أنها بالتأكيد “أخبار مبشرة لأولئك الذين يبحثون عن قروض عقارية”.

وذكرت “مؤسسة القرار” Resolution Foundation أن الانخفاض “الكبير” كان “أخباراً سارة من دون أدنى شك”، وأنهى فترة استمرت 18 شهراً في المملكة المتحدة من انخفاض الأجور الحقيقية.

مدير الأبحاث في المؤسسة، جيمس سميث، قال: “سيخفف حجم الانخفاض من الضغط على الرهون العقارية والأجور، إذ من غير المرجح أن يبقي بنك إنجلترا أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، وسيسرع إنهاء الضغط الأخير على الأجور في بريطانيا الذي استمر طوال 18 شهراً”.

ومع ذلك، أشارت مؤسسة القرار إلى أن المملكة المتحدة لا تزال تحتل المرتبة الأعلى في معدل التضخم ضمن مجموعة السبع، وتحتل المرتبة الثالثة في معدل التضخم بين البلدان المتقدمة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وأضاف سميث: “بعد هذا اليوم، يبدو الأمر سيئاً فحسب وليس حالاً ميئوس منها”.

وأشارت مؤسسة جوزيف راونتري Joseph Rowntree Foundation  [منظمة بريطانية للبحوث الاجتماعية وتطوير السياسات] إلى أن بريطانيا لا تزال تعاني أزمة أسعار الغذاء، إذ أكدت أن 5.7 مليون أسرة ذات دخل منخفض تضطر إلى تناول وجبات أقل أو عدم تناول الوجبات بسبب الأزمة.

ودعا كبير الاقتصاديين في المؤسسة، ألفي ستيرلنغ، إلى زيادة مدفوعات الائتمان الشامل [الحكومية لأصحاب الدخل المنخفض]، قائلاً:  “تدخل الأزمة الآن منعطفاً جديداً وخطراً. ومع استمرار 2.3 مليون أسرة منخفضة الدخل في الاستدانة لدفع الفواتير الضرورية، يشكل ارتفاع أسعار الفائدة خطراً على حدوث موجة ثانية من الصعوبات المالية، حتى في ظل استمرار انخفاض معدل التضخم”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى