تخارج 75% من الأموال الأجنبية المستثمَرة في الأسهم الصينية في 2023
شهدت سوق الأسهم الصينية تخارجاً للأموال الأجنبية بقيمة تزيد على 25 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من العام، على الرغم من جهود بكين لاستعادة الثقة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ويدفع بيع المستثمرين العالميين المتسارع في الأشهر الأخيرة صافي المشتريات إلى الانخفاض الحاد، ما يجعله على وشك تسجيل أدنى مستوى له منذ عام 2015، وهو العام الأول لبرنامج «ستوك كونكت» الذي يربط الأسواق في هونغ كونغ والبر الرئيسي للصين، بحسب صحيفة «فاينانشال تايمز».
وأفاد تجار ومحللون بأن المستثمرين المؤسسيين العالميين توقفوا عن شراء الأسهم الصينية بسبب الافتقار إلى الدعم السياسي القوي من الزعماء الصينيين. ويعتقدون أن النمو الاقتصادي الصيني يجب أن يتعافى إلى مستويات صحية قبل أن تتمكن السوق من المنافسة مع الأسواق الأخرى في المنطقة.
وقال رئيس أحد مكاتب التداول في أحد المصارف الاستثمارية في هونغ كونغ: «اليابان تزدهر، والهند وكوريا وتايوان تزدهر أيضاً. هذا هو السبب في أن المستثمرين الأجانب يتخلون عن الصين. التفكير الآن هو: لست بحاجة إلى أن أكون في الصين، وإذا كنت كذلك، فهذا يعيق محفظتي الاستثمارية».
وتدفقت الأموال الأجنبية إلى سوق الأسهم الصينية في يناير (كانون الثاني) 2023 بمعدل غير مسبوق، حيث استثمر المستثمرون العالميون بكثافة فيها متوقعين انتعاشاً اقتصادياً مع تخلي البلاد عن سياستها المتشددة لمكافحة كوفيد-19. لكن في الأشهر الأخيرة، باعت الصناديق الأجنبية مراكزها بقوة في سوق الأسهم الصينية، حيث ارتفعت المخاوف بشأن أزمة السيولة في قطاع العقارات وقراءات النمو المخيبة للآمال.
ومنذ أن بلغت ذروتها عند 235 مليار يوان (32.6 مليار دولار) في أوائل أغسطس (آب) بفضل تعهدات الحكومة تقديم المزيد من الدعم الكبير للسياسة الاقتصادية، انخفضت تدفقات الأموال الأجنبية إلى سوق الأسهم الصينية بنسبة 77 في المائة هذا العام، لتصل إلى 54.7 مليار يوان فقط، وفقاً لحسابات «فاينانشال تايمز» المستندة إلى بيانات «ستوك كونكت» في هونغ كونغ.
وبحسب كبير الاقتصاديين في شركة «جي إل إل»، بروس بانغ، فإن تعهدات السلطات الصينية تقديم المزيد من الدعم لمطوري العقارات الخاصة المتعثرين خففت بعض المخاوف بشأن أزمة السيولة في القطاع. وقال بانغ: «رغم تعهدات الحكومة الصينية المتكررة بدعم قطاع العقارات، فإن أحدث بيانات أسعار المساكن تظهر أن انتعاش القطاع لا يزال بعيد المنال. ويحتاج القطاع إلى مزيد من الدعم السياسي لتحقيق انتعاش مستدام».
وساعد البيع الأجنبي للأسهم الصينية في دفع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم المدرجة في «شنغهاي» و«شنتشن» للانخفاض بأكثر من 11 في المائة بالقيمة الدولارية هذا العام، مقارنة بمكاسب تراوحت بين 8 و10 في المائة لمعايير الأسهم في اليابان وكوريا الجنوبية والصين والهند.
في المقابل، فضلت المؤسسات المالية الأسواق في الهند وكوريا الجنوبية هذا العام، حيث بلغ صافي التدفقات الأجنبية إلى كل منهما 12.3 مليار دولار و6.4 مليار دولار على التوالي، وفقاً لتقديرات بنك «غولدمان ساكس». وقد وضع الشراء العالمي للأسهم الكورية سيول على المسار الصحيح للسنة الأولى من صافي التدفقات الأجنبية منذ عام 2019.
وفي حين أن استراتيجيي الأسهم في أكبر البنوك الاستثمارية في «وول ستريت» يتوقعون أن يكون أداء سوق الأسهم الصينية أفضل في عام 2024، فإن التوقعات بشأن حجم تلك المكاسب تختلف بشكل كبير. وتوقع المحللون في «غولدمان ساكس» مؤخراً أن ينتهي مؤشر «سي إس آي 300» في العام المقبل بارتفاع نحو 17 في المائة عن مستواه الحالي على خلفية ارتفاع الأرباح وارتفاع التقييمات للشركات الصينية.
كما توقع الاستراتيجيون في بنك «مورغان ستانلي» أن تحقق الأسهم الصينية مكاسب بنسبة 7.5 في المائة خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، لكنهم حذروا من أن المزيد من خفض المخصصات والتحول الهيكلي للاستثمار بعيدا عن الصين قد يحدثان إذا لم تتحرك الحكومة الصينية لدعم النمو بشكل أكثر نشاطاً.
وتساءل رئيس مكتب التداول في هونغ كونغ: «ما الذي يقنع مدير محفظة يدير صندوقاً بقيمة مليار دولار بإعادة 10 في المائة من ذلك المبلغ إلى الصين؟ الإجابة هي أرقام النمو القوية على المدى الطويل. إذا لم يكن هناك نمو، فلن يستثمر المستثمرون في الصين».
ارتفاع اليوان
على صعيد آخر، سجل اليوان الصيني، ارتفاعاً كبيراً يوم الثلاثاء، حيث ارتفع إلى 14.067 يوان لكل دولار، بزيادة 206 نقاط أساس عن مستوى الإثنين، الذي ارتفع فيه بنسبة 116 نقطة أساس. وتسمح القواعد الصينية لليوان بالتحرك في نطاق 2 في المائة حول السعر الاسترشادي للبنك المركزي يومياً. ويتم تحديد السعر الاسترشادي على أساس أسعار الشراء التي تقدمها المؤسسات المالية الكبرى قبل افتتاح سوق الإنتربنك يومياً.
يأتي ذلك في وقت أبقى بنك الشعب الصيني (المصرف المركزي) على سعر الفائدة الرئيسي على الإقراض لمدة عام عند 3.45 في المائة للمرة الثالثة على التوالي.
وكان البنك قد خفض سعر الفائدة الرئيسي بواقع عشر نقاط أساسية في أغسطس (آب) الماضي.
كما تم الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي على الإقراض لمدة خمسة أعوام، الذي يعد المؤشر الرئيسي على معدلات الرهن العقاري، عند 4.20 في المائة للمرة الخامسة على التوالي. ومن المتوقع بصورة كبيرة أن تحقق بكين هذا العام هدف النمو وهو نحو 5 في المائة.
كما أعلن البنك المركزي ضخ 319 مليار يوان (نحو 44.6 مليار دولار) في النظام المصرفي من خلال عمليات إعادة شراء عكسية لأجل 7 أيام بمعدل فائدة 1.80 في المائة. وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود البنك المركزي للحفاظ على السيولة في النظام المصرفي. كما حدد سعر صرف اليوان مقابل الدولار الأميركي عند مستوى 7.1406.
وتعد إعادة الشراء العكسية عملية يقوم فيها البنك المركزي بشراء الأوراق المالية من البنوك التجارية من خلال تقديم عطاءات، مع الاتفاق على بيعها إليها مرة أخرى في المستقبل. وتستخدم هذه العملية عادةً لضخ السيولة في النظام المصرفي.