تحذيرات ليبية من محاولة الاستيلاء على «الأرصدة المجمدة» في بريطانيا

حذّر مجلس النواب الليبي من «الاستيلاء» على «الأرصدة المجمدة» في دول عدة من بينها بريطانيا «تحت أي مزاعم»، وعدّ الإجراءات التي قد تتخذها أي دولة بشأن هذه الأرصدة «عملاً غير مقبول ومرفوضاً من الشعب، واعتداءً على مقدراته الوطنية وانتهاكاً خطيراً لن يُسمح بالسكوت عنه».
وأكد مجلس النواب، الاثنين، على لسان «لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة بالخارج» التابعة له، «رفض أي محاولة من الدول التي تحتجز أرصدة ليبية مجمدة، للتصرف فيها أو الاستيلاء عليها، تحت أي مبرر؛ لما يمثله ذلك من انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن».
وتحدث مجلس النواب عن مناقشة لمجلس اللوردات البريطاني في 28 أبريل (نيسان) الماضي تتطرق إلى «آلية تعويض ضحايا الجيش الجمهوري الآيرلندي من الأرصدة الليبية المجمدة في بريطانيا»؛ على رغم قراري مجلس الأمن (1970) و(1973) لسنة 2011، اللذين ينصان على عدم المساس بالأموال الليبية المجمدة في الخارج.
وتناولت مناقشات مجلس اللوردات البريطاني إقرار تشريع يقضي بالاستفادة من الأرصدة الليبية المجمدة في بريطانيا التي تقدر بـ9.5 مليار جنيه إسترليني، لتعويض ضحايا «هجمات الجيش الجمهوري الآيرلندي»، بزعم أنه «استُخدمت فيها أسلحة ليبية» خلال فترة حكم الرئيس الراحل معمر القذافي.
وتستند مناقشات مجلس اللوردات إلى اتهامات توجه لنظام القذافي بأنه زوَّد «الجيش الجمهوري الآيرلندي» في الفترة ما بين السبعينات والتسعينات، بالأسلحة والتمويل والتدريب العسكري، والمتفجرات التي استُخدمت في أعمال عدة أسفرت عن مقتل عدد من الأشخاص وإصابة آخرين.
وفي تقرير سابق للجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، أشار إلى «انتهاكات» بشأن الأصول الليبية المجمدة، حيث أفاد «بعدم امتثال 10 دول و16 مؤسسة مالية، للعقوبات المالية المفروضة على ليبيا؛ ما أدى إلى تآكل الأصول المجمدة».
ويبلغ إجمالي الأموال الليبية المجمدة بموجب قرار مجلس الأمن الصادر عام 2011 نحو 38.9 مليار دينار (وفق آخر أرقام رسمية صادرة عن ديوان المحاسبة)، علماً بأن الصرف من هذه الأموال يستلزم موافقة لجنة دولية أنشئت بقرار مجلس الأمن رقم 1970 – 2011. وقدّرت تقارير الأصول المجمدة بقرابة 200 مليار دولار، لكنها «تآكلت»، بحسب مسؤولين محليين. و(الدولار يساوي 5.47 دينار في السوق الرسمية).
ولمزيد من التحوط، توعّد النائب يوسف العقوري، رئيس «لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمدة بالخارج»، بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة التي تضمن صيانة أموال الليبيين وحفظها وحمايتها من العبث أو الاستغلال»، وقال: «هذه المسألة تُشكّل أولوية قصوى بالنسبة للشعب الليبي، ولا يمكن التنازل عنها أو التفاوض بشأنها».
وعلى وقع انقسام سياسي حاد، تبذل حكومة «الوحدة» المؤقتة، جهوداً في المحافل الدولية لحلحلة أزمة الأموال المجمدة، أو الإشراف على إدارتها، لكن سلطات شرق ليبيا تتمسك بإبعاد عبد الحميد الدبيبة عن هذه الأرصدة راهناً.
وشدد العقوري على «ضرورة احترام الدول الصديقة التي تحتفظ بأرصدة ليبية مجمدة، قرارات المجتمع الدولي، وأحكام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بهذه القضية؛ حرصاً على دعم العلاقات الثنائية القائمة على الاحترام المتبادل وتعزيزها، وبما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين الصديقين».
وكانت صحيفة «ذا صن»، البريطانية أوردت عام 2020، أنه على رغم تعويض أسر ضحايا هجمات «الجيش الجمهوري الآيرلندي»، الأميركيين والفرنسيين والألمان، فإن أسر الضحايا والمصابين البريطانيين، وعددهم 300 شخص، لم يحصلوا على أي تعويضات، «وتم إنكار حقهم فيها».
وسبق وقال القائم بأعمال وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، طاهر الباعور، إن وزارته «تعمل على الوصول إلى اتفاق مع المجتمع الدولي لإنشاء رقابة مشتركة لإدارة الأموال المجمّدة بصفتها حقاً للدولة الليبية».
وتدفع الأموال والأصول الليبية، المجمّدة في دول عدة، ضريبة الانقسام السياسي في البلاد. فمنذ عام 2017 لم تتوافق السلطة المنقسمة في ليبيا على مطالبة مجلس الأمن الدولي برفع الحظر عن هذه الأموال، في ظل محاولات من شركات دولية للاستيلاء على بعضها بدعوى «تعويض خسائرها عما لحق بها في ليبيا بعد عام 2011».
وسبق أن اتهم الدبيبة بلجيكا، بـ«محاولة الاستيلاء على أموال ليبيا المجمّدة لديها»، وقال: «لدينا مشكلة مع دولة بلجيكا، في الحقيقة بلجيكا الدولة التي نعدُّها متقدمة، تطمع في أموال الليبيين الموجودة لديها، وأعلنها بشكل رسمي، السلطات في بلجيكا تقوم بمحاولة جديدة للاستيلاء على أموال ليبيا».
وكان طاهر السني، مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، استنكر تهديد بعض الدول بوضع يدها على هذه الأرصدة بداعي تعويض خسائر شركاتها في ليبيا، لافتاً إلى ما حدث ببروكسل خلال محاولة لحجز 14 مليار يورو من الأموال الليبية، والاتجاه لوضع اليد على قرابة 50 مليون دولار بصفتها تعويضات.