اقتصاد ومال

تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي مع تواصل ارتفاع معدل التضخم

أظهر تقرير لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) صدر في وقت متأخر من مساء الأربعاء (بتوقيت غرينتش) أن الاقتصاد الأمريكي توسع بوتيرة متواضعة في الفترة من منتصف مايو/أيار حتى منتصف يوليو/تموز، بينما يكافح المركزي للحد من التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى في 40 عاما.
وأصدر البنك أحدث تقاريره لرصد حالة الاقتصاد بينما يمضي قُدُماً في رفع أسعار الفائدة بقوة بهدف كبح التضخم، ولكنه يثير أيضاً المخاوف من الركود.
وقال المركزي الأمريكي في التقرير الذي يلخص نتائج مسح أجراه في 12 منطقة حتى 13 يوليو/تموز “أفادت عدة مناطق بوجود علامات متزايدة على تباطؤ في الطلب، وأشارت جهات الاتصال في خمس مناطق إلى مخاوف من زيادة خطر حدوث ركود”.
ويراقب صانعو السياسة النقدية في بنك الاحتياطي الاتحادي عن كثب ردود الفعل من جهات الاتصال التجارية في جميع أنحاء البلاد أثناء تحليلهم للتوقعات الاقتصادية.
وأشار التقرير أيضاً إلى أنه تم الإبلاغ عن زيادات كبيرة في الأسعار في جميع المناطق، وأن “معظم جهات الاتصال تتوقع استمرار ضغوط التسعير على الأقل حتى نهاية العام”.
وكان معدل التضخّم في الولايات المتحدة قد ارتفع إلى 9.1 في المئة في حزيران/يونيو، ما يزيد الصعوبات التي تواجهها الأسر الأمريكية ويضع الرئيس الأمريكي جو بايدن تحت مزيد من الضغوط مع تراجع التأييد الشعبي له من جراء الارتفاع المستمر للأسعار.
وأظهرت بيانات حكومية نُشرت الأربعاء زيادة حادة وأسرع من المتوقع في مؤشر أسعار المستهلك مقارنة بالشهر الماضي، مدفوعة بارتفاع كبير في أسعار البنزين.
والزيادة المسجّلة في مؤشر أسعار المستهلك، الذي ارتفع إلى 9.1 في المئة على أساس سنوي وصولا إلى حزيران/يونيو، هي الأسرع وتيرة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 1981، وفق بيانات وزارة العمل.
وساهمت أسعار الطاقة بنصف الزيادة الشهرية، إذ قفز سعر البنزين بنسبة 11.2 في المئة في حزيران/يونيو، و59.9 في المئة خلال الأشهر الـ12 الأخيرة. وبالإجمال شهدت أسعار الطاقة أكبر زيادة سنوية في التاريخ منذ نيسان/أبريل 1980.
ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن أرقام التضخم المعلنة بأنها “مرتفعة بشكل غير مقبول”، لكنه اعتبر أنها لا تعكس التطورات الأخيرة المتمثلة بانخفاض واضح في أسعار الطاقة منذ منتصف حزيران/يونيو.
وأفاد الرئيس في بيان أن الانخفاض الأخير في الأسعار يوفر “متنفساً مهماً للعائلات الأمريكية. وتراجعت أسعار سلع أساسية أخرى مثل القمح بشكل كبير منذ صدر هذا التقرير”.
وبينما شدد على أن التعامل مع التضخم يعد أولوية، أقر بايدن بأن على إدارته “تحقيق مزيد من التقدّم وبشكل أسرع للسيطرة على زيادات الأسعار”. ودفعت الحرب في أوكرانيا أسعار الطاقة والغذاء العالمية للارتفاع. وسجلت أسعار البنزين الأمريكي الشهر الماضي في محطات التوزيع ارتفاعاً قياسياً متخطية عتبة الخمسة دولارات للغالون.
مع ذلك، تراجعت الأسعار في الأسابيع الأخيرة إذ انخفضت أسعار النفط إلى ما دون مئة دولار للبرميل لأول مرة منذ نيسان/أبريل، ما من شأنه أن يخفف الضغط عن المستهلكين.
لكن من المرجّح أن يواصل البنك المركزي سياسة رفع أسعار الفائدة في إطار جهود يبذلها لكبح ارتفاع الأسعار عبر تهدئة الطلب وتجنّب ترسُّخ التضخّم.
والشهر الماضي أعلن الاحتياطي الفدرالي عن أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ حوالي 30 عاماً، ويتوقع خبراء اقتصاديون زيادة إضافية بمقدار ثلاثة أرباع النقطة المئوية هذا الشهر.
وقال إيان شيفردسون، الخبير الاقتصادي في مركز “بانثيون ماكرو إيكونوميكس” البحثي، أن “هذا التقرير سيثير عدم ارتياح الاحتياطي الفدرالي”، معتبراً أنه “يستبعد احتمال رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية فقط هذا الشهر”. كما تطرّق إلى مؤشرات في البيانات تدل على تراجع الأسعار، متوقعاً أن تكون “هذه الزيادة الكبرى الأخيرة”.
ومع استبعاد الأسعار المتقلّبة للمواد الغذائية والطاقة من المعادلة، يكون مؤشر أسعار المستهلك الأساسي قد ارتفع بنسبة 5.9 في المئة خلال العام الماضي، بوتيرة وإن كانت سريعة تبقى أبطأ مما كانت عليه في أيار/مايو، وفق البيانات الرسمية.
كما ارتفعت أجور السكن وأسعار المواد الغذائية في حزيران/يونيو إلى جانب أسعار السيارات، رغم أن الأسعار استقرت او تباطأت مقارنة مع الشهر الماضي بحسب البيانات.
وكان البيت الأبيض قد استبق صدور التقرير بالقول إنه سيظهر تضخماً “مرتفعاً جداً” نتيجة ارتفاع أسعار الوقود التي تراجعت مذّاك.
ووفق جمعية السيارات الأمريكية تراجع معدّل أسعار البنزين في محطات التوزيع من 5.01 دولارات للغالون (3.79 لتر) الشهر الماضي إلى 4.63 دولار هذا الشهر.
وذكر ميكي ليفي، الخبير في “بيربِنغ كابيتال ماركِتس”، بأن “توسيع نطاق الزيادات في الأسعار إلى فئات إضافية يشكّل مدعاة قلق” بالنسبة لجهود الاحتياطي الفدرالي، لكن “هناك سبب للاعتقاد بأن زيادات الأسعار قد تصبح أكثر اعتدالاً في الأمد القريب”.
وواجه بايدن انتقادات شديدة من معارضيه الجمهوريين الذين حملوا إفراط الديموقراطيين في الإنفاق مسؤولية ارتفاع الأسعار.
وحتى السناتور الديموقراطي جو مانتشن اتّهم القادة في واشنطن بتجاهل مخاطر التضخم. وقال في بيان “بغض النظر عن التطلعات المرتبطة بالإنفاق بالنسبة للبعض في الكونغرس، من الواضح بالنسبة لأي شخص يزور متجر بقالة أو محطة بنزين بأنه لا يمكننا صب مزيد من الزيت على نار التضخم هذه”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى