رأي

تايوان في عين العاصفة

كتب مفتاح شعيب, في الخليج :

من الصعب التكهن بحدود التوتر المتنامي حول تايوان في ظل لهجة صينية حادة ضد الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، اللتين تديران تحركات مثيرة للجدل، ودفعت بكين إلى إطلاق تهديدات بسحق أي محاولات للتدخل في شؤون الجزيرة المرشحة لتفجير أزمة عالمية خطرة أسوأ من حرب أوكرانيا.
قبل أيام قليلة أجرى الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ اتصالاً هاتفياً، لم يحدث دوياً دبلوماسياً كما كان متوقعاً، ما يؤكد أن في الأمر أزمة عكس ما صرح به البيان البروتوكولي عن إجراء الزعيمين «محادثات بناءة» ووعود بتبادل الزيارات العام المقبل. وما كان لافتاً أن البيان الرئاسي الصيني أكد أن قضية تايوان استقطبت معظم وقت الاتصال، وهو ما تجاهله البيان الأمريكي، ليركز على بحث تحسين العلاقات وتهدئة الحرب التجارية القائمة بين القوتين العظميين. ولم تمض ساعات، حتى عادت لغة التصعيد المعتادة، وبدأت منطقة البحر الأصفر تشهد سباق تسلح ومناورات قتالية مع دخول اليابان بلغة هجومية غير مألوفة، عندما قررت نشر صواريخ على جزيرة تبعد نحو 100 كيلومتر من ساحل تايوان.
قد يكون من المفاجئ أن تحاول طوكيو استفزاز بكين، ولكنه تطور لا يخرج عن سياق التوتر الأمريكي الصيني، من وجهة نظر الصين، التي ترى في التحركات اليابانية الأخيرة استهدافاً مباشراً ضمن تحرك أكبر تقوده واشنطن وحلفاؤها الآسيويون. ومن شأن هذا التوتر أن يثير تداعيات خطرة تنذر بإشعال مواجهة واسعة حول تايوان، التي أعلنت زيادة إنفاقها الدفاعي وإبرام اتفاقيات أمنية وصفقات تسلح وتعاون تكنولوجي واسع النطاق مع قوى مناوئة للصين على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
هناك اعتقاد سائد بأن تايوان باتت في عين العاصفة، وأن الحرب حولها مسألة حتمية، ولكنها مؤجلة إلى حين توفر الظروف الملائمة، وهناك قلق أيضاً من أن التحرك الياباني الأخير والتحشيد الأمريكي للحلفاء قد يعجل بهذه الحرب التي إذا اندلعت، فلن تقبل فيها الصين أي هزيمة، تماماً كما هو حال روسيا في صراعها مع أوكرانيا، ولذلك فإن التوتر في تلك المنطقة، قد تجاوز الردع التقليدي إلى خطوات عملية من أكثر من طرف، وإذا كانت الولايات المتحدة تحشد نحو نصف قواتها المقاتلة في بحر الصين الجنوبي وحلفاؤها يكثفون المناورات وبرامج التسلح، فإن الصين قد استعدت مبكراً، على ما يبدو، من خلال تطوير ترسانتها الحربية، والبحرية منها على الخصوص، بتشغيل ثلاث حاملات طائرات والرابعة قيد الإنشاء، بالتزامن مع توثيق تحالفها الاستراتيجي مع روسيا الخصم الأكبر للمعسكر الغربي في الوقت الحالي.
مهما بدت المواقف والتحركات بين الصين وخصومها اعتيادية، فإن التداعيات غير قابلة للتنبؤ، خصوصاً في ظل الاستنفار الصيني لمنع أي تغيير في ميزان القوى الإقليمي، ويبدو أن كل الأطراف تحاول إعادة حساباتها بشأن التغيرات العالمية التي بدأت تنقلب مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، وربما تكتمل باشتعال أزمة أخطر حول تايوان.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى