أبرزرأي

تآكل قوة الردع تمنع اسرائيل من القيام بأية حرب واسعة

حسين زلغوط .

خاص رأي سياسي… 

في الوقت  الذي تمر فيه المنطقة بمنعطف مفصلي في ضوء المستجدات التي طرأت على المشهد الاقليمي في الاونة الاخيرة ، لا سيما في ما خص الاتفاق الايراني- السعودي ، عادت الساحة الجنوبية الى واجهة الاحداث من جديد على خلفية صواريخ اطلقت من منطقة صور على اسرائيل والرد الاسرائيلي عليها.

وقد برزت في الدقائق الاولى للرد الاسرائيلي على اطلاق الصواريخ مخاوف من ان نكون امام  تصعيد اسرائيلي غير تقليدي تجاه لبنان، خصوصا وان حكومة بنيامين نتنياهو تعاني من مأزق داخلي غير مسبوق يتمثل في الانقسام الحاد داخل الدولة العبرية وهو امر لم تألفه اسرائيل منذ اغتصاب فلسطين . فكما هو معلوم ان الحكومات المتعاقبة داخل الكيان الاسرائيلي لا سيما تلك التي كان يرأسها نتنياهو كانت في كل مرة تشعر انها “مزروكة” في الداخل تلجأ الى الهروب الى الامام عبر فتح جبهات عسكرية ان في قطاع غزة او في جنوب لبنان بهدف اعادة لم الشمل بين المكونات الاسرائيلي تحت مسمى ان الخطر يواجه الكيان.

هذه المرة لم تحقق حكومة نتنياهو مبتغاها وهي العالمة بان فتح الجبهة الجنوبية لن تكون نزهة حيث تداعيات حرب تموز ما تزال تفعل فعلها في صفوف الجنود الاسرائليين الذين باتت قيادتهم العسكرية تحسب الف حساب قبل القيام باية مغامر عسكرية في شمال اسرائيل، لذا وجد نتنياهو نفسه بين فكي كماشة فهو ملزم بالرد على الصواريخ لحفظ ماء الوجه من جهة، ومن جهة ثانية لا يريد لهذا الرد ان يكون سببا في اندلاع حرب مع “حزب الله” يعرف مسبقا بأن نتائجها ستكون وخيمة على اسرائيل بكاملها فلجأ الى تحريك العجلة الدبلوماسية تحت عنوان اننا لا نريد الحرب وان الرد سيكون محدودا ولن يتجاوز الامكنة التي اطلقت منها الصواريخ وقد تحركت قيادة “اليونيفل” على هذا الاساس وانتهت العملية الى ما انتهت عليه.

والسؤال الذي يفرض نفسه هل اسرائيل في وضعها الحالي قادرة على  خوض حربا واسعة وعلى اكثر من جبهة؟

ان اسرائيل في ظرفها الراهن اعجز من تخوض اي حرب على اي جبهة من الجبهات ، وقد برهنت عمليات اطلاق الصواريخ المتكررة وخصوصا من غزة باتجاه المستوطنات ضعف قوة الردع الاسرائلية ويعترف بذلك اكثر من محلل عسكري اسرائيلي بتآكل قوة الردع في الجيش نتيجة الازمة في الداخل الاسرائلي وهو ما جعل الرد الاسرائيلي على صلية الصواريخ التي انطلقت من محيط مدينة صور محدودا ، وقد حاول نتنياهو توظيف ما جرى ليكون بمثابة طوق نجاة له ولحكومته لتفادي المزيد من تداعيات ما يجري في الشارع الاسرائيلي من احتجاجات على خلفية خطة اصلاح الجهاز القضائي، غير ان حسابات نتنياهو لم تتوافق وحسابات بيدر القيادة العسكرية التي على ما يبدو ابلغت السلطة السياسية انها وفق وضعها الراهن غير قادرة على خوض اي حرب ، كما ان ذهاب تل أبيب الى اية حرب يحتاج الى الغطاء الاميركي وهذا الغطاء غير متوافر الان ، فواشنطن المهتمة بما يجري في الحرب الروسية الاوكرانية، والمنشغلة بالتمدد الصيني على مساحة العالم ، وكذلك بما يجري من متغيرات في خارطة المنطقة لا ترى ان هناك جدوى من اندلاع اية حرب تعرف مسبقا انها لن تغير من واقع الحال شيئاً، وهي بالتالي لن تدعم اسرائيل في اية حرب الان على غرار ما حصل في تموز حيث اقامت الولايات المتحدة جسرا جويا مع اسرائيل لتزويدها بالسلاح بعد نفاذ كامل مخزونها.

يؤكد مصدر وزاري ان الجبهة الجنوبية لن تشهد مع قابل الايام اية سخونة ، وان قوة الردع الموجودة لدى المقاومة تمنع اسرائيل من القيام باية مغامرة. فاسرائيل اكثر من غيرها تعرف القدرة العسكرية التي تتنامى يوما بعد يوم منذ ان وضعت حرب تموز اوزارها، وكذلك القدرة القتالية التي اكتسبها حزب الله من الحرب في سوريا وهي امام هذا الواقع لن تكون في وارد اية مواجهة في الجنوب التي ان وقعت ستفتح نار جهنم عليها من عدة جبهات.

لكن المصدر يرى ان اسرائيل المنزعجة من التفاهم الايراني – السعودي ستحاول التعبير عن ذلك باعمال عسكرية اما في سوريا او في قطاع غزة ولن تلجأ الى توسيع البكار اكثر، وان ما يجري في المسجد الاقصى لدليل واضح على حجم الغضب الاسرائيلي من التفاهمات التي تحصل في المنطقة، متوقا المزيد من التوترات التي بالتأكيد لن تصل الى مرحلة اندلاع الحرب الواسعة. 

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى