“بين التدويل والتحليل “

لم يمر كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بشكل اعتيادي في الشارع اللبناني فكعادته اثار الجدل بعد طرحه لمسألة “تدويل الحل” وهو ما قصد فيها التوجه دولياً لحل الازمة اللبنانية بعدما عجز أطراف الصراع عن ادارته.
إثارة بلبلة
كلام البطريرك خلق العديد من وجهات النظر حول مضمونه فقد رأت فيه حركة امل طرحاً غير مجدي في الوقت الحالي على لسان عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة الذي عبر عن هذا الموقف خلال اطلالة تلفزيونية وهو بالطبع موقف الثنائي الشيعي امل وحزب الله من الموضوع؛ أما القوات اللبنانية فاكدت أنّ كلام الراعي لا يعني خضوع لبنان لسلطة دولية بل لرعاية من الدول الصديقة للبنان وهو ما يندرج ضمن اطار اعادة الاهتمام الدولي بلبنان المحتاج لرعاية واحتضان اصدقاءه في ظل التشرذم والانقسامات والفراغ في سدة الرئاسة الاولى.
موقف عكسي لباسيل
التيار الوطني الحر وعلى لسان رئيسه النائب جبران باسيل الذي اطل مساءً في مقابلة متلفزة عبر قناة “lbci ” عارض فكرة الراعي قائلاً “لا نعلم الى أين ممكن ان تاخذنا الدول” وبالتالي يبدو ان اقتراح الراعي ولد ميتاً في الوقت الراهن علنياً اما باطنياً فهذا الامر قد يكون تبلور خلال اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبرعاية فرنسية حسب المصادر؛ فهل كلام الراعي جاء بناءً على معطيات خارجية؛ خصوصاً مع غياب امكانية ايجاد الحلول داخلياً في الوقت الحالي وتشبث جميع القوى السياسية بأرائها المطروحة.
الحل البديل
سؤال يطغى على الساحة اللبنانية في الوقت الراهن وهو “ما الحل البديل” اذ ان اغلبية القوى السياسية رفضت فكرة التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية مصرين على التحدي الديمقراطي غير المجدي داخل أسوار البرلمان مع انعدام حظوظ المرشحين العلنيين للرئاسة وعدم إمكانيتهم تأمين اكثر من 64 صوتاً وفي ظل انقسام بين الحلفاء حول اسم الرئيس كما هو حاصل بين قوى 8 أذار وخصوصاً الثنائي الشيعي حركة أمل وحزب الله من جهة والتيار الوطني الحر من الجهة الاخرى؛ فإذا انعدم التوافق والحوار الداخلي ولم تفلح اللعبة الديمقراطية بإيصال رئيس الى بعبدا؛ هل نكون مقبلين على دوحة اخرى مع امكانية اختلاف المدينة لتكون حلاً مصغراً للازمة اللبنانية وتحت عباءة الطائف دائماً وابداً بالرغم من أن هذا الطرح مستبعد جداً وغير وارد في الوقت الحالي.
بادرة أمل
اطلالة باسيل بالامس ومواقفه المتباينة حول مجمل الامور ومواقف القوى السياسية الاخرى من فكرة تحويل جلسة الخميس الى جلسة تشاور بدلا من جلسة انتخاب رئيس اعطت بعضاً من الامل حول بداية سلوك الطريق المؤدي الى الحوار المنتج؛ فباسيل أعلن وبكل صراحة استعداده للحوار داخل المجلس النيابي مؤكداً أن الرئيس نبيه بري يستطيع القيام بهذا الدور وهو ذات موقف التقدمي الاشتراكي الذي عبر عنه رئيسه وليد جنبلاط مرحباً بدعوة بري للحوار والتشاور والتوافق وصولاً لانتخاب رئيس للجمهورية فيما القوات اللبنانية والكتائب أبديا ليونةً اتجاه الامر وبالتالي فجميع القوى الأساسية موافقة على تحويل جلسة الخميس داخل المجلس لجلسة تشاورحول انتخاب الرئيس لكن يبقى الهاجس الأساس في تحويل جلسة الحوار والنقاش الى جلسة صراخ ومشاكل كما حصل في مجمل جلسات البرلمان الذي أنتج قوى متناحرة بين بعضها البعض وبعيدة عن أراء بعضها البعض؛ واكثرهم دخل المجلس لتدوين الكلام والملاحظات والظهور فقط ولم يفلح الى الان في تسجيل أي انتصار تشريعي مذكور لصالح هموم الناس وشجونها؛ لذا يعتبر الحوار وقبول الجميع به بادرة خير يؤمل ان لا تتحول لمشكلة جديدة ترثي امكانية ولادة رئيس جديد للجمهورية بأصوات محلية وتؤجج الصراع وصولاً لحلٍّ دولي علني؛ والعبرة دوماً في التنفيذ
المصدر: خاص رأي سياسي