بيان الخارجية وجمهورية غوار الطوشه
كتبت صحيفة “اللواء”:
في جمهورية «غوّار الطوشه وحارة كل مين يده إلو»، من غير المستغرب أن يصدر بيان وزارة الخارجية بإدانة القرار الروسي في الحرب الأوكرانية دون الرجوع إلى مجلس الوزراء لإتخاذ موقف من أزمة دولية بهذا الحجم، وحتى دون التشاور مع رئيس الحكومة، وفق ما تقتضي الأنظمة والأعراف المعمول بها في لبنان وفي العديد من الدول الأخرى.
بغض النظر عن حسن نية الوزير بوحبيب في إصدار بيان ينسجم مع قواعد الحفاظ على السلم والأمن، وإستطراداً اللجوء إلى الحوار لحل المشاكل والأزمات الطارئة أو المزمنة، إلا أن التسرع في إتخاذ موقف حاسم بالصيغة التي صدر فيها كشف حالة التخبط المهيمنة على السلطة اللبنانية، ومدى تفكك أوصال الدولة، وضعف مواقع القرارات الإستراتيجية في الحكم.
لا داعي للقول أن هذا الموقف يتناقض مع سياسة الحياد والنأي بالنفس التي إلتزمت بها الحكومة، والتي أثبتت التجارب أن لبنان يدفع أثماناً غالية كلما خرج عن الحياد، أو كلما حاول بعض اللبنانيين توريط البلد بأجندات خارجية، وإقحام أنفسهم بصراعات المحاور.
الظاهرة الملفتة أن وزارة الخارجية تسببت بأكثر من أزمة ديبلوماسية في العهد الحالي، من خلال إتخاذ مواقف لا تلتزم بما قررته الحكومات المتعاقبة، ولا ببنود إعلان بعبدا الذي تم إقراره بالإجماع في طاولة الحوار عام ٢٠١٢ برئاسة العماد ميشال سليمان. فالتصويت اللبناني في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ضد الإجماع العربي المستنكر للإعتداءات الصاروخية على المنشآت النفطية والأهداف المدنية في المملكة العربية السعودية، كان بداية التأزم في العلاقات مع الرياض.
وكلام وزير الخارجية بالوكالة شربل وهبي في الحوار التلفزيوني الشهير الذي أساء فيه إلى الأشقاء الخليجيين، صب الزيت على نار الأزمة مع السعودية، والتي سرعان ما تحولت إلى قطيعة مع دول مجلس التعاون الخليجي.
الإشكالية الحالية مع موسكو تحتاج إلى إستدراك سريع، يلقى تفهماً من الدول الأوروبية وأميركا، لأن لبنان لا يتحمل مزيداً من الإنقسامات الداخلية، نتيجة الخروج عن خط الحياد، والضرب عرض الحائط بمقتضيات سياسة النأي بالنفس.