بيانات التسلسل الكامل للجينوم البشري في “بنك” بريطاني
أفاد عدد من العلماء بأن “البنك الحيوي في المملكة المتحدة”UK Biobank كشف النقاب عن بيانات جديدة تضع في المتناول “الصورة الموجودة الأكثر تفصيلاً عن صحة الإنسان”.
والبيانات المستمدة من التسلسل الكامل للجينوم البشري لدى نصف مليون شخص تزود الباحثين بـ”مجموعة الأدوات الأساسية” التي تجعل من الممكن تحقيق اكتشافات جديدة حول تطور الأمراض.
يستخدم التسلسل الكامل للجينوم في إجراء تحليلات الجينوم البشري برمته، علماً أن الأخير شفرة وراثية فريدة تتكون من ثلاثة مليارات لبنة أساسية.
من بين أمور أخرى، تمكن هذه البيانات الباحثين من النظر في الخطر ذي الطابع الفردي لإصابة المرء بمرض شائع، والتوصل إلى فهم أفضل للأمراض الوراثية، كذلك تطوير أدوية جديدة وذات فاعلية أكبر.
تحدثت في هذا الشأن البروفيسورة نعومي ألين، كبيرة العلماء في “البنك الحيوي في المملكة المتحدة”، فقالت إن نشر بيانات الجينوم البشري يعني أننا “في غضون سنوات قليلة ربما نشهد ابتكار أدوية جديدة وأكثر فاعلية ضد أمراض من قبيل أمراض القلب والسكري من النوع الثاني والأمراض الوراثية النادرة (داء هنتنغتون [مرض وراثي نادر يتسبب في الانهيار المتزايد للخلايا العصبية في الدماغ]، والأمراض العصبية الحركية)، والسرطانات”.
وأضافت البروفيسورة ألين أن من شأن هذا الإنجاز أيضاً أن يفضي إلى رعاية صحية موجهة أكثر [أكثر دقة]، إذ تساعد التركيبة الجينية الوراثية خاصتك في تحديد ما إذا كنت أكثر أو أقل احتمالاً للاستفادة من علاج معين، أو مواجهة آثار جانبية من عدمها.
“كذلك ستسمح هذه البيانات بتحديدـ وعلى نحو دقيق، الأفراد المعرضين لخطر وراثي مرتفع للإصابة بالأمراض، مما يقود إلى إجراءات طبية متصلة بالفحوص المستهدفة والتشخيص المبكر للأمراض، أو تقديم تدابير وقائية مستهدفة”، على ما تشرح البروفيسورة ألين.
وأضافت لبروفيسورة ألين: “هذه البيانات، إلى جانب ثروة البيانات المتعلقة بنمط الحياة والبيئة والمؤشرات الحيوية والنتائج الصحية، تبين أن ’البنك الحيوي في المملكة المتحدة‘ يوفر الصورة الموجودة الأكثر تفصيلاً عن صحة الإنسان، فهو يزود الباحثين بمجموعة الأدوات الأساسية التي تجعل في المتناول تحقيق نتائج واكتشافات حول تطور الأمراض كانت سابقاً بعيدة المنال”.
بعد مرور خمس سنوات من العمل، وصرف أكثر من 350 ألف ساعة على عمليات [فك شيفرة] تسلسل الجينوم، واستثمار أكثر من 200 مليون جنيه استرليني في هذا المشروع، أصدر البنك الحيوي البريطاني أكبر مجموعة منفردة من بيانات تسلسل الجينوم البشري في العالم.
الباحث الرئيس في البنك الحيوي البريطاني، البروفيسور السير روري كولينز، قال إننا إزاء “كنز حقيقي بالنسبة إلى العلماء المعتمدين الذين يتولون البحوث الصحية، وأتوقع أن ينطوي على نتائج تعد بإحداث تحول في مجالات تشخيص الأمراض والعلاجات والحلول الشافية في مختلف أنحاء العالم”.
تذكيراً، أسست المؤسسة الخيرية “البنك الحيوي في المملكة المتحدة” منذ 20 عاماً، وقد استعان بنصف مليون شخص بغية إنشاء مصدر شامل للبيانات الصحية.
الباحثون في شتى أنحاء العالم، من الأوساط الأكاديمية والتجارية والحكومية والخيرية، يستخدمون “البنك الحيوي في المملكة المتحدة” للنهوض باكتشافات علمية تعمل على تحسين صحة الإنسان.
وتأتي إضافة بيانات التسلسل الكامل للجينوم البشري إلى قاعدة البيانات بعد سلسلة من التطورات استخدم بها الباحثون قاعدة البيانات الطبية الحيوية الواسعة في البنك الحيوي البريطاني.
ويتضمن هذا الإنجاز العثور على جينات مرتبطة بالحماية من السمنة وداء السكري من النوع الثاني، في خطوة ربما تقود إلى تطوير أدوية جديدة في هذا المجال.
كذلك يتضمن تحديد الأشخاص المعرضين لخطر وراثي مرتفع جداً للإصابة بأمراض معينة من قبيل داء القلب وسرطان الثدي وسرطان البروستاتا، في خطوة من شأنها أن تساعد في الفحوص الطبية.
تولى تمويل هذا المشروع المؤسسة الخيرية “ويلكوم” و”هيئة البحث والابتكار في المملكة المتحدة” (يو كي آر آي) UKRI وأربع شركات متخصصة بالأدوية البيولوجية هي: “أمجين” Amgen، و”أسترازينيكا” AstraZeneca، و”جي أس كي” GSK، و”جونسون أند جونسون” Johnson and Johnson.
وفي مقابل هذه الاستثمارات، يمنح “البنك الحيوي في المملكة المتحدة” إمكانية الوصول الحصري إلى البيانات لمدة تسعة أشهر للجهات أعضاء الصناعة في هذا التحالف.
هكذا، توظف الشركات التجارية استثمارات كبيرة في تعزيز مجموعة البيانات الصحية التي تكون متاحة بعد ذلك للاستفادة منها في بحوث معتمدة في شتى أنحاء العالم.
وقد أصبحت البيانات الجديدة، وبقية البيانات الغفل [هويات أصحابها مجهولة] في “البنك الحيوي في المملكة المتحدة”، متاحة الآن عالمياً للباحثين المعتمدين على “منصة تحليل أبحاث البنك الحيوي في المملكة المتحدة”.