رأي

بوصلة الاستثمار السعودي

كتب د. فهد محمد بن جمعة في صحيفة الرياض.

شهدت مبادرة مستقبل الاستثمار بنسختها السابعة زخماً من الحكومات والشركات والخبراء من جميع انحاء العالم، مما يؤكد أن المملكة عازمةٌ على الاستمرار في تطوير اقتصادها وتنويعه ليحتل مركزاً متقدماً بين أكبر خمسة عشر اقتصاداً في العالم وذا تأثير إقليمي وعالمي. إنها تستثمر في الأرض والإنسان وحماية البيئة والحد من الانبعاثات الكربونية ضمن مبادراتها المحلية والشرق الأوسطية وبمشاركة دول العالم. ورغم أنها أكبر مصدر للنفط في العالم، إلا أنها تستثمر في الطاقة النظيفة والمتجددة بخطى متسارعة وتنشئ مدناً خاليةً من التلوث البيئي على غرار نموذج مدينة نيوم التي ستصبح نموذجاً عالمياً يحتذى به إقليمياً وعالمياً. كما أنها تستثمر في توطين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تكوين رأس المال البشري، وخلق بيئة أعمال أكثر تنافسية.

لذا تتبع المملكة مبادئ التخطيط الاستراتيجي بنهجٍ إبداعي وابتكاري، وتعمل على ترتيب أولويات الإنفاق والاستثمار بناءً على نموذج المدخلات والمخرجات (Input-Output) بمدخلات أقل تكلفة ومخرجات متزايدة ذات كفاءة عالية وعوائد ملموسة وغير ملموسة من أجل تعزيز النمو الاقتصادي ومشاركة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي. هكذا قالها محافظ صندوق الاستثمارات العامة‬ ياسر الرميان على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار “من غير الممكن أن تحافظ الحكومات والشركات على نفس مستوى الإنفاق والاستثمارات السابق ويتعيّن تحديد أولويات”. إنه عالم جديد يسوده التقدم التقني والرقمي والذكاء الاصطناعي الذي يعيد ترتيب الأولويات حسب قيمتها الاستثمارية مقارنة بمنافعها لمواجهة المخاطر والتحديات والصدمات الاقتصادية وفي تسابق مع الزمن.

الآن وأكثر من أي وقت مضى، تحتاج الحكومات في الدول النامية إلى المزيد من الاستثمار في الذكاء الصناعي والخدمات الرقمية لتحقيق مهامها وخدمة المجتمع بشكل أفضل. وهذا يتطلب نهجاً يتم تنفيذه بجهد متواصل على المديين المتوسط والطويل، حيث إن تعظيم منافع الاستثمارات يحتاج إلى تخطيط دقيق وتفكير استراتيجي وشركاء في الصناعة يمكنهم من توفير المرونة والأمان، حيث إن بنية الاستثمار الدولية مهمة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وجني فوائده متكاملة من أجل التنمية. لذا قامت المملكة بإنشاء بيئة تمكينية شفافة وواسعة وفعالة للاستثمار وبناء القدرات البشرية والمؤسسية لتنفيذها. لأنها تدرك جيداً أن الاستثمار الأجنبي يساهم في تحسين الظروف البيئية والاجتماعية من خلال الشراكات وتحمل أكبر للمسؤولية الاجتماعية.

إن تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر يؤدي إلى تطوير المنتجات والخدمات، نقل التكنولوجيا، الابتكار الاجتماعي والبيئي والمفتوح من خلال التخصص الذكي، وتطبيقات الخدمة العامة. وهذا ما أكده الرميان خلال كلمته “أن 70 % من الشركات على الأقل ستتكيف مع نوع واحد على الأقل من الذكاء الاصطناعي بحلول 2030″، مضيفاً “الذكاء الاصطناعي قد يزيد الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 14 %، وإذا استخدم في الخير فله القدرة على إيجاد مجتمعات أكثر شمولية. فالاستثمار هو أحد مكونات الطلب الكلي، حيث إن كمية رأس المال المتاحة للاقتصاد عامل حاسم في تحديد إنتاجيته ونموه.

وما يؤكد نجاح مبادرات مستقبل الاستثمار خلال نسخها السبع هو إجمالي الاتفاقيات والعقود والصفقات الاستثمارية التي بلغت نحو 120 مليار دولار، وفقاً لتصريحات الرئيس التنفيذي لمؤسسة المبادرة ريتشارد أتياس. بينما بلغ فقط حجم استثمارات المبادرة السابعة 17.9 مليار دولار في مختلف القطاعات وأبرزها ‏شراكة صندوق الاستثمارات العامة‬ مع شركة بيريللي‬ الإيطالية لإنشاء مصنع للإطارات في المملكة‬، ‏وتوقيع شركة أكوا باور‬ مع البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير‬ وصندوق أوبك للتنمية الدولية‬ اتفاقية تمويل لمشروع طاقة الرياح بقدرة 240 ميغاوات في أذربيجان، حسب البيان الختامي للمبادرة. ‏

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى