بنك اليابان يتدخل مع وصول عوائد السندات لأعلى مستوياتها في عقد.
بعد يوم من تخفيف قبضته على أسعار الفائدة طويلة الأَجَل، تَدخل بنك اليابان في سوق السندات الحكومية لكبح جماح قفزة في العائدات إلى أعلى مستوياتها خلال 10 سنوات، مذكّراً السوق بأنه ينبغي تجنب تحركها بسرعة كبيرة.
وارتفع العائد على السندات الحكومية اليابانية لأَجَل 10 سنوات بمقدار نقطتين أساس إلى 0.970 في المائة صباح يوم الأربعاء، وهو مستوى شوهد آخر مرة في مايو (أيار) 2013، قبل أن يتراجع مباشرةً بعد إعلان بنك اليابان عن عملية شراء سندات طارئة. وبلغ المؤشر 0.955 في المائة بحلول الساعة 06:05 بتوقيت غرينتش.
وقال كلاوديو إيريغوين، رئيس قسم الاقتصاد العالمي في «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش»: «لقد قال صناع السياسات بالبنك المركزي لنترك السوق تجد توازناً جديداً، لكن دعونا نذكر السوق أنه فيما يتعلق بالحد الأعلى، يمكننا التدخل».
واتخذ البنك المركزي الياباني يوم الثلاثاء، خطوة صغيرة أخرى بعيداً عن التزامه المستمر منذ عقد من الزمن بالتحفيز فائق السهولة، من خلال تغيير سقف 1 في المائة لعائد السنوات العشر إلى نقطة مرجعية بدلاً من سقف ثابت.
كما أزال التعهد بالدفاع عن المستوى من خلال عروض لشراء كمية غير محدودة من السندات، في إشارة إلى قوى السوق التي استمرت في دفع العائدات للأعلى بما يتماشى مع التحركات العالمية والضغوط التضخمية المحلية.
وقال كيسوكي تسوروتا، استراتيجي الدخل الثابت في «ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي» للأوراق المالية، إن هناك «شعوراً مستمراً بالحذر في السوق من أننا نتحرك في اتجاه تطبيع السياسة».
وبينما توقف ارتفاع العائد على سندات السنوات العشر بسبب تدخل بنك اليابان، استمرت أجزاء أخرى من المنحنى في الارتفاع. ووصل العائد على سندات السنوات الخمس إلى 0.485 في المائة بعد الإعلان، وهو مستوى لم يشهده منذ أبريل (نيسان) 2011. ولامس العائد على السندات الحكومية اليابانية لأَجَل 20 عاماً 1.745 في المائة للمرة الأولى منذ يوليو (تموز) 2013، ووصل العائد على السندات لأَجَل 30 عاماً إلى 1.91 في المائة، وهو المستوى الذي شوهد آخر مرة في مايو (أيار) 2013، ولم يجرِ تداول سندات الحكومة اليابانية لأَجَل عامين بعد التدخل، لكنّ العائد ارتفع إلى 0.160 في المائة في وقت سابق من اليوم للمرة الأولى منذ يوليو (تموز) 2011.
ووسط الخطوات التي يتخذها بنك اليابان، قال هيرومي ياماوكا، المسؤول السابق بالبنك المركزي الياباني، لـ«رويترز»، إن البنك قد يفضّل التباطؤ في إنهاء أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، لكنّ ضعف الين ومخاطر تجاوز التضخم قد تدفعه إلى التحرك قبل نهاية العام.
وانخفض الين بعد القرار حيث أربكت هذه الخطوة، بالإضافة إلى التعليقات الحذرة من المحافظ كازو أويدا، توقعات السوق لخطوات أكثر جرأة نحو الخروج. وقال ياماوكا إن سياسة التحكم في منحنى العائد التي يتّبعها بنك اليابان، والتي تربط عائد السندات لأَجَل 10 سنوات بنحو 0 في المائة، من الصعب بطبيعتها الخروج منها، لأن إنهاء البرنامج قد يتسبب في ارتفاع مفاجئ في العائدات مما قد يتسبب في خسائر فادحة لحاملي السندات.
وقال ياماوكا، الذي يتمتع بخبرة في الإشراف على عمليات السوق لبنك اليابان ويحتفظ بعلاقات وثيقة مع صناع السياسة الحاليين: «يجب على بنك اليابان أن يتحرك بحذر نحو الهبوط الناعم. وعلى هذا النحو، ربما يريد التحرك ببطء شديد نحو أي خروج».
وعمل ياماوكا تحت قيادة أويدا عندما كان عضواً في مجلس إدارة بنك اليابان من عام 1998 إلى عام 2005، وهي الفترة التي سبقت التيسير القوي الذي بدأ في عام 2013 في عهد المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.
وقال إن اللغة الحذرة لبنك اليابان والتركيز على مفاوضات الأجور في العام المقبل قد يعطيان الأسواق انطباعاً بأن أي خروج من السياسة فائقة التيسير لن يأتي إلا في ربيع عام 2024 تقريباً.
وقال ياماوكا: «لكن بنك اليابان قد لا يتحمل الانتظار كل هذا الوقت لأن الوضع المحيط بالتضخم قد يتغير بشكل حاد»، مشيراً إلى خطر بقاء التضخم في اليابان مرتفعاً لفترة أطول من المتوقع.
وأضاف أن الاتجاه الهبوطي للين قد يزيد الضغط على بنك اليابان للخروج من أسعار الفائدة المنخفضة للغاية في وقت أقرب مما يريد.
وأضاف ياماوكا: «لم يتبقَّ لدى بنك اليابان الكثير من الوقت، وهي نقطة ربما يدركها محافظ البنك المركزي أويدا… ولا أستبعد إمكانية تحرك بنك اليابان بحلول نهاية العام».
ومع تجاوز التضخم هدفه البالغ 2 في المائة لأكثر من عام، يراهن الكثير من اللاعبين في السوق على فرصة إنهاء التحكم في عائد السندات وأسعار الفائدة السلبية في العام المقبل.
وقلل أويدا من احتمالية الخروج من هذه السياسة على المدى القريب بناءً على وجهة نظر مفادها أن بنك اليابان يجب أن ينتظر حتى يكون هناك المزيد من الأدلة على أن التضخم سيصل بشكل مستدام إلى 2 في المائة، مدعوماً بالطلب القوي. ويسلّط الموقف الحذر لرئيس البنك المركزي الضوء على المخاوف من أن إنهاء السياسة الميسَّرة قبل الأوان يمكن أن يؤدي إلى تراجع جهود البنك المستمرة منذ عقد من الزمن لإخراج اليابان بشكل دائم من الركود الاقتصادي.
وقال ياماوكا إن بنك اليابان يجب أن يُنهي أسعار الفائدة السلبية في وقت ما في المستقبل القريب لأن تكلفة السياسة، مثل التسبب في انخفاض حاد في الين، تتجاوز الفوائد.