حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
يحط المبعوث الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان في بيروت قريبا في جولة هي الثالثة بحثاً عن المخارج المؤدية الى انجاز الاستحقاق الرئاسي من دون ان تستطيع اي جهة سياسية من أن تحدد ما اذا كانت هذه الجولة ستفضي إلى حلحلة في الملف الرئاسي، ام لا ، وسط التعامل السلبي من قبل المعارضة والرفض القاطع للردّ على الأسئلة التي كان لودريان قد أرسلها إلى الكتل النيابية بهذا الخصوص.
ومن غير المستبعد ان تكون هذه الزيارة هي الأخيرة للموفد الفرنسي قبل تسلّمه مهامه في المملكة العربية السعودية بعد ان عينه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، رئيساً لوكالة التنمية الفرنسية في العلا (أفالولا)، المسؤولة عن التعاون مع المملكة العربية السعودية لتطوير السياحة والثقافة في منطقة العُلا الشاسعة. وبدأت تطرح الاسئلة حول ماذا سيكون عليه الواقع اللبناني في حال لم ينجح لودريان في مهمته ، وفي حال لم يتم التجاوب الكلي مع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية؟
على مستوى زيارة لودريان فان الكتمان يحوط حول ما يحمله الموفد الفرنسي في جعبته من طروحات جديدة تؤدي الى نتائج تختلف عن الجولتين السابقتين، حيث لم يتسنى وفق المعلومات لأي مسؤول لبناني الاطلاع على الافكار الجديدة للودريان وإن كان البعض يجزم بأنها ستكون من روحية الاسئلة التي كان ارسلها الى الكتل النيابية ، مما يجعل هذه الزيارة محفوفة بمخاطر الفشل ، لتفتح بعدها الابواب على كل الاحتمالات، سيما وان الموفد الرئاسي الفرنسي لن يعود بعد مغادرته بيروت الى لبنان في المهمة ذاتها وهو ما سيضع باريس في دائرة الاحراج بعد ان اخذت على عاتقها معالجة الازمة كونها تعتبر نفسها اقرب من غيرها من بين الدول الى لبنان.
وقد برز في هذا السياق في الساعات الماضية تحرك دبلوماسي ثلاثي الأبعاد رمى الى استطلاع المستجدات ومعرفة ما اذا كان الموفد الفرنسي باستطاعته احداث الثقب المطلوب في جدار الازمة ، وفي حال تبين العكس ما هي الخطوات المطلوبة لعدم انفلات الامور على غاربها، فالسفير الفرنسي الجديد إيرفيه ماغرو ، وكذلك السفير القطري الجديد الشيخ سعود بن عبدالرحمن بن فيصل ثاني آل ثاني قاما كل على حدا بزيارة الى مقر الرئاسة الثانية ضاهرها بروتوكولي ، لكنهما عّرجا على الاستحقاق الرئاسي ، حيث اطلعما الرئيس بري على فحوى دعوته الحوارية ومدى الحظوظ المتوافرة لنجاحها، فيما زار سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بن عبدالله بخاري البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، في المقر الصيفي للبطريركية في الديمان، حيث جرى بحث معمق بالاستحقاق الرئاسي، وضرورة انجازه في اسرع وقت.
واذا كانت هذه الزيارت الدبلوماسية تأتي في اطار جمع المعلومات، واستمزاج الرأي من دون ان يكون لأي من السفراء اي طروحات معينة غير تلك التي تعلن من قبل دولهما، اكد مصدر وزاري لموقع “رأي سياسي” انه ليس من المفيد اخضاع زيارة لودريان الى التأويل والاجتهادات، والتوقعات المسبقة للنتائج، علينا ترك الامور تأخذ مسارها الطبيعي ومراقبة المناخات التي تخلص اليها ومن ثم نحكم عليها ان لجهة النجاح او الفشل.
وعندما يسأل المصدر عما اذا كان يرى امكانية انتخاب رئيس في غضون الاسابيع المقبلة، يقول: كل شيء وارد، على الرغم من “البلوكات” الاسمنتية الكبيرة الموضوعة على طريق القصر الجمهوري نتيجة المواقف السياسية المحتدمة والنارية التي تطلقها بعض الجهات السياسية التي تصوب باتجاه اي دعوة حوارية من دون ان تطرح البدائل المنطقية التي توصل الى انهاء الشغور الرئاسي الذي طال امده.
وفي رأي المصدر الوزاري ان التطورات التي تحصل في لبنان ان لجهة ملف النازحين الذي بدأ يكشف عن نوايا خبيثة مبيتة تجاه لبنان من قبل المجتمع الدولي، او لجهة المخاطر الامنية التي تزداد يوما بعد يوم ، تفرض وجوب ان يتم التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي بمنظار جديد يؤدي بالتالي الى انتخاب رئيس ، ومن ثم انتظام عمل المؤسسات لكي يستطيع لبنان مواجهة اي امر واقع جديد يفرض عليه ان على مستوى النازحين او غيره من الملفات.
ويصف المصدر مبادرة الرئيس بري بأنها خشبة الخلاص الوحيدة في حال فشل لودريان في مهمته ، معتبرا ان الجهات التي تبادر الى اطلاق النار على اي دعوة للحوار ، تنفذ اجندات خارجية تريد ان يبقى لبنان في مدار الفوضى والارباك، لرفضه الانصياع الى رغبات بعض الدول في العديد من الملفات.