صدى المجتمع

بغداد تحلم باختفاء القمامة وتتجه لتحويلها إلى كهرباء

يبدو أن قضية النفايات في العراق، خصوصاً مدينة بغداد، باتت واحدة من المشكلات التي يعانيها أهالي العاصمة، لا سيما أن ما تطرحه بغداد وحدها يعادل ثلث ما يطرحه العراق بأجمعه، مما جعل مناطق بأكملها من بغداد مكباً لآلاف الأطنان من النفايات التي يتم طمرها بطرق غير نظامية تسبب أضراراً بيئية وصحية.

فأكداس النفايات في مناطق متفرقة من بغداد، لا سيما في ضواحيها، باتت مشاهد مألوفة في العاصمة التي تشهد اكتظاظاً سكانياً يصل إلى ثمانية ملايين نسمة، ولعل المشكلات التي عانى منها العراق وبغداد خصوصاً عرقل إيجاد حلول جذرية للمشكلة.

بيانات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2021، أشارت إلى أن عدد مواقع الطمر الصحي في العراق بلغت 221 موقعاً عدا إقليم كردستان، ومن بين هذه المواقع 149 غير حاصلين على الموافقة البيئية ومخالفين للضوابط.

وبحسب بيان الوزارة فإن كل شخص يخلف يومياً من 1 إلى 1.25 كلغ من المخلفات في عموم العراق، وتنتج محافظة بغداد يومياً ما بين 8 إلى 10 آلاف طن من المخلفات، 40 في المئة منها نفايات عضوية أي بقايا طعام.

ويبدو أن بغداد باتت تفكر جدياً في حل هذه المشكلة والاستفادة من استثمار النفايات لإنتاج الطاقة الكهربائية لتنسجم مع توجهات الحكومة في إنتاج الطاقة النظيفة، لا سيما أنه دخل فعلياً في هذا الاتجاه بعد البدء بخطوات جدية في إنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس.

10 آلاف طن نفايات

يقول مدير عام دائرة المخلفات الصلبة كريم عذاب جياد، إن بغداد وحدها تنتج ما يصل إلى 10 آلاف طن نفايات يومياً، مشيراً إلى أن هناك عقوداً لاستثمار تلك النفايات من أجل إنتاج كهرباء تصل إلى 80 ميغاواط في الساعة.

وقال جياد في تصريح صحافي، إن “إدارة ملف النفايات في مدينة بحجم بغداد يسكنها 8 ملايين نسمة وتقدر مساحتها بـ875 كلم مربع ليس بالأمر الهين، لا سيما أن النفايات التي تنتج في المدينة تعادل من 9500 إلى 10000 طن، وهذا الرقم يشكل ضغطاً كبيراً على أمانة بغداد من الناحية الفنية والبيئة، نظراً إلى ما تشكله النفايات من تهديد صحي على حياة المواطنين والبيئة يتمثل بتلوث الهواء والتربة”.

وأضاف أن الطريقة التي تتبعها أمانة العاصمة هي الطمر التقليدي، وهناك موقعان لذلك هما النهروان والنباعي، موضحاً “أعددنا ملفاً استثمارياً من خلال دراسات فنية واقتصادية وبيئية لهذه المشاريع، لكن تأخر إعلانها لوجود صعوبة في تأمين الأراضي لإنشائها، وعند زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمانة بغداد وجه بحسم الأمر، وخصص قطعتي أرض إحداهما في جانب الرصافة والأخرى في جانب الكرخ، وشكلنا لجاناً مشتركة ممثلة بوزارة الكهرباء والبيئة والهيئة الوطنية للاستثمار، وأعددنا الحقيبة الاستثمارية من جوانبها الفنية والشروط التعاقدية وتم تأمين قاعدة بيانات خاصة بالنفايات ومكوناتها ليستفيد منها المستثمرون.

مصنع بطاقة 3 آلاف طن

ولفت إلى أن الآثار السلبية التي تنتج من تكدس النفايات هما غازي الميثان وكبريتات الهيدروجين إضافة إلى غاز ثاني أكسيد الكاربون، مشيراً إلى وجود مشروع لحرق النفايات بطريقة الحرق الشبكي وإنتاج الطاقة الكهربائية، وهو ما يمثل مدخلاً حقيقياً للطاقات المتجددة والتنمية المستدامة للموارد.

وبيّن أنه سيتم إنشاء مصنع لحرق النفايات بطاقة 3 آلاف طن يومياً من النفايات بطريقة الحرق التام التي لا تنتج منه ملوثات وبأحدث التقنيات، وستنتج منه كهرباء بطاقة 80 ميغاواط في الساعة، وكمية النفايات المتبقية بعد الحرق لا تزيد على خمسة في المئة، وبالإمكان تدويرها لإنتاج البلاطات الخاصة بتغليف الأرصفة.

وأوضح أن بالإمكان أيضاً اتباع خطوات أخرى من خلال فرز النفايات وحتى تصديرها خارج العراق بحسب رغبة المستثمر، لا سيما أن كمية النفايات بالبلاد تصل إلى 30 ألف طن يومياً.

الآثار السلبية

وحذر المتخصص البيئي صلاح الدين الزيدي من الآثار البيئية السيئة التي يولدها تراكم النفايات، مشيراً إلى أن عدم طمرها بصورة صحيحة سيخلف آثاراً سلبية على صحة الإنسان، لا سيما إذا ما تم حرق النفايات من قبل “النباشة” (الذين يقومون بجمع القطع البلاستيكية والمعدنية لغرض بيعها لمصانع التدوير) في مواقع الطمر بالمحطات الانتقالية أو محطات الطمر النظامية، فهناك نباشة يقومون بفرز النفايات مثل الكارتون والبلاستيك وبعض النفايات الأخرى يتم حرقها.

ولفت إلى أنه لا يوجد طمر نظامي، وما يجري هو حفر حفرة عميقة ورمي النفايات بها من دون الالتزام بالمعاير الصحية للطمر، وفي العراق بكامله موقع أو موقعان للطمر النظامي، أحدهما في إقليم كردستان.

وأشار إلى أن هناك أضراراً صحية كبيرة في عملية حرق النفايات تنتج منها أمراض صحية تصيب الجهاز التنفسي، فضلاً عن تراكم الحشرات والحيوانات الضارة، إضافة إلى وجود أضرار بيئة على التربة فبعض المواد تأخذ مئات السنين للتحلل مثل البلاستيك.

وبيّن أنه تم الاتفاق مع الشركة المستثمرة لتحويل النفايات في مواقع الطمر من أجل الاستفادة منها في إنتاج الطاقة الكهربائية مما يولد “صفر نفايات” ويتجنب أية أضرار بيئية.

الطاقة النظيفة

يشير المتخصص في شؤون الطاقة كوفند شيرواني، إلى أن حرق النفايات لإنتاج الكهرباء يدخل ضمن جهود الحكومة لإنتاج الطاقة النظيفة.

ويضيف، “إعادة تدوير النفايات ومعالجتها يخلصنا كثيراً من الآثار البيئية السلبية، فعملية تدوير النفايات والمعالجة تعتبر من الطرق الحديثة، فالحرق لتوليد الطاقة مسألة ليست جديدة، وبعض الدول قطعت مراحل متقدمة في هذا الاتجاه وباتت تستورد النفايات لغرض إنتاج الطاقة الكهربائية”.

واعتبر شيرواني أن هذه الخطوة جيدة للتخلص من النفايات والحصول على منتج مفيد وهو الكهرباء لتعويض النقص الحاد بالطاقة، لا سيما أن مجموع العجز في الكهرباء يبلغ 11 ألف ميغاواط.

ولفت إلى أن الخطوة جزء من خطط حكومية للاتجاه نحو الطاقة المتجددة وإنتاج طاقة نظيفة، وقد وقع العراق عقوداً مع شركات إماراتية لإنتاج الطاقة الشمسية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى