رأي

بعد موجة الانقلابات.. هل اقتربت نهاية مجموعة “إيكواس”؟

كتب ميمي ميفو تاكامبو, وايزاك كاليدزي, في “DW”:

ثلاثة دول تنسحب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، وهذه الأخيرة تهدّد بالتدخل العسكري ضد الانقلابات. لكن التحذير لم يجدِ نفعا. كثيرون باتوا يشككون في جدوى هذه المجموعة. فهل اقتربت النهاية؟

تواجه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) اضطرابات بعد خروج النيجر وبوركينا فاسو ومالي من هذا التكتل. تعيش هذه الدول الثلاث تحت انقلاب عسكري منذ مدة، وشكلت تحالفاً أمنيا جديداً يعرف بـ”تحالف دول الساحل”، بعد قطع علاقاتها مع إيكواس.

قرار خروج هذه الدول الثلاث من الكتلة جاء احتجاجاً على سياسة إيكواس، بعدما أدان هذا الأخير الانقلابات التي وقعت في تلك الدول، وفرض عقوبات عليها، بما في ذلك التلويح بالتدخل العسكري لإعادة الحكم المدني، وكنتيجة لذلك، أعلنت مالي وبوركينا فاسو والنيجر أنها لا تعارض فكرة استخدام القوة العسكرية داخل تحالفها الجديد لصد أي “عدوان خارجي”.

كانت المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا تضم خمس عشرة دولة إفريقية قبل انسحاب الدول الثلاثة هي: بنين، بوركينا فاسو، كوت ديفوار، غامبيا، غانا، غينيا، غينيا بيساو، ليبيريا، مالي، النيجر، نيجيريا، السنغال، سيراليون، توغو، الرأس الأخضر.

“هذا النزاع جاء نتيجة فشل مجموعة إيكواس في التعامل مع الأنظمة الاستبدادية التي قضت على النفوذ الدبلوماسي للمجموعة على مدار السنوات” يقول أديب ساني، محلل السياسة الخارجية والأمن في مركز جاتيكاي للأمن البشري وحفظ السلام في أكرا، غانا، لدويتشه فيله

ويضيف: “لدى إيكواس بروتوكول بشأن الحكم والانتخابات والأمن، ولكن للأسف لسنوات عديدة، كانت هناك نزعات استبدادية أظهرها بعض القادة داخل المجموعة التي لم تفعل أيّ شيء حيالها”، مضيفاً أن هذا التردد في التدخل أسهم مباشرة في منح الأنظمة العسكرية الحرية “لفرض سيطرتها على الشعب.”

من يُلام على عدم الاستقرار في غرب أفريقيا؟

فيديلا أماكيي أووسو، محلل العلاقات الدولية والأمن في شركة للاستشارات الأمنية، يعتقد أن هياكل وسياسات إيكواس لا يمكن لومها على الاضطرابات الأخيرة في المنطقة، خصوصاً أنه منذ عام 2020، كانت هناك ستة انقلابات ناجحة ومحاولتين فاشلتين في غرب أفريقيا.

ويوضح: “السبب الرئيسي لهذه الانقلابات لم يأتِ من جهة إيكواس، بل جاء من انعدام الأمن والتطرف العنيف الذي سيطر على شمال مالي، ثم انتشر في المنطقة لاحقاً”، مؤكداً أن “إيكواس ليس لها القدرة على منع هذه الانقلابات”، كما يوضح أن البروتوكول الخاص بالكتلة ينص على إدانة الانقلابات وفرض عقوبات، لكن هذا البروتوكول لم ينجح في ردع من يفكرون في الانقلابات.

ولكن المتحدث يشدد على أن إيكواس فشلت في طريقة التعامل مع هذه التطورات، ولم تتعامل مع الوضع الجديد بشكل جيد، مشيراً إلى أن التهديد بغزو النيجر بعد الانقلاب العسكري كان “خطوة سيئة” بشكل خاص.

ويضيف قائلا: “كانوا يعلمون جيداً أنهم لن يكونوا قادرين على التنفيذ، وهذا جعلهم فعلياً كالكلب الذي ينبح دون أن يعض”، موضحاً أن هذه الخطوة، أي التهديد بالغزو، كانت القشة الأخيرة التي دفعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو إلى الانفصال عن الكتلة بداية هذا العام.

كيف أخطأت إيكواس؟

تحاول إيكواس منذ سنوات الدفع بالعديد من الإصلاحات لجعل المنظمة أكثر جدوى وفعالية. يؤكد أديب ساني أن الكتلة لم تصل بعد إلى ذلك الهدف، مع ضعف الحكومات الوطنية في الدول الأعضاء التي تظهر التزاماً أضعف تجاه الكتلة.

“لقد كانت تحدياً بسبب نقص الالتزام من الدول الأعضاء. نجاح إيكواس يعتمد على الالتزام الذي تبرزه الدول الأعضاء.” مضيفاً: “لكي تنجح إيكواس يجب أن تعمل على توليد الثقة بين الكيان وسكان غرب أفريقيا.”، يقول ساني.

ويتفق أووسو معه على حاجة غرب أفريقيا إلى حكم جيد، مشيراً إلى أن هذا النقص في القيادة يُظهر بوضوح عندما يرى الناس يحتفلون بالانقلابات عندما تحدث. ويقول: “هذه مشاعر حنين، الناس يشعرون أن الجيش كان في الماضي أكثر فعالية من القادة المدنيين”.

في المقابل و”إلى حد كبير، فقدت إيكواس الكثير من شرعيتها”، يستطرد ساني مع دعوة “عدد كبير من سكان غرب أفريقيا إلى اعتبارها نادٍ للرؤساء بدلاً من كتلة تمثل مصالح المواطنين.”

يظهر أن قادة إيكواس على علم بتراجع شعبيتهم. في قمتهم الأخيرة في نيجيريا في وقت سابق من هذا الشهر، اتفقوا على البحث عن حلول ومعالجة الشعور بعدم الثقة في القادة داخل المنطقة، كما اتفقوا على مواصلة المحادثات مع بوركينا فاسو والنيجر ومالي على أمل استعادة عضويتهم داخل الكتلة.

ماذا لو تفككت إيكواس؟

يعتقد ساني أنه بالرغم من التحديات الكثيرة، لا تزال إيكواس الاتحاد الأكثر جدوى لتعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي في غرب أفريقيا.

وبالإضافة إلى السعي “لتوحيد جميع البلدان في غرب أفريقيا تحت مظلة اقتصادية واحدة”، لا تزال إيكواس تحافظ على قدر معين من “النفوذ العسكري لاستعادة بعض الأمن داخل المنطقة”، حسب المتحدث، خصوصا مع دورها الإيجابي في الحروب الأهلية في سيراليون وليبيريا، عندما نشرت إيكواس قوات للمساعدة في التعامل مع تلك الأوضاع.

ويشارك أووسو الرأي نفسه، مؤكدًا أن “إيكواس أخذت زمام المبادرة عندما انسحب العالم كله من هذه الأزمات وحلت المشكلة”، لكن مع ذلك، لضمان مستقبل الكتلة، يؤكد أووسو أن إيكواس يجب أن تخضع لمزيد من الإصلاحات وتنتج قادة أقوياء ملتزمين بطموحات الكتلة.

بينما يوضح ساني أنه يخشى أنه إذا تفككت إيكواس، “سيكون الأمر فوضوياً وكارثياً” على جميع دول غرب أفريقيا. ويؤكد “سيتم إيقاف الأعمال التجارية، وسيتم إغلاق الحدود. سيحتاج المواطنون إلى تأشيرات، وسيكون عليهم المرور بإجراءات جمركية مطولة لإدخال وإخراج البضائع”، ويخلص: “أعتقد أن الحياة أفضل مع إيكواس من الحياة من دونها.”

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى