رأي

“بعبدا” تفتّش عن موارنة.. في بعبدا

التيار الوطني الحر الذي حَصد في عاميْ 2005 و2009 في دائرة بعبدا المقاعد المارونية الثلاثة و”زَمّت” حصّته إلى مقعدين في الانتخابات الماضية يفتّش اليوم بـ”السراج والفتيلة” عن المرشّحيْن اللذين سيخوضان إلى جانب النائب آلان عون معركة “إعادة” إثبات الوجود في دائرة بعبدا.

لا الآليّة الداخلية التي اعتمدها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أفرزت مرشّحاً من أصحاب الأهليّة لخوض المعركة الانتخابية، ولا يملك الحزب البرتقالي شخصيّة يتحالف معها ذات حيثيّة مناطقية من وزن منصور البون وفريد هيكل الخازن وميشال معوّض في دائرة “القصر الجمهوري” التي تحتاج إلى قدرات تجييرية كبيرة للخروج بنصرٍ “نظيف”.

كان أفضل للتيار الوطني الحر أن يخوض معركة بعبدا من دون وضع اليد مع حركة أمل، تماماً كما في باقي المناطق المشتركة بسبب الحرب المفتوحة بين الطرفين

حاليّاً، جارٍ التفتيش عن مرشّح عوني أو “صديق” يمكّن التيار من الاحتفاط بمقعديْه المارونيّين في القضاء، بعدما خرج النائب الحالي حكمت ديب من السباق الانتخابي وسبقه ناجي غاريوس في الانتخابات الماضية.

في الانتخابات الداخلية التي أجراها التيار على مرحلتين أثبت النائب عون تحصّنه بحيثيّة حزبية وشعبية من فلك مؤيّدي الحزب البرتقالي، أهّلته ليفرض نفسه مرشّحاً طبيعياً في الدائرة. وفي المرحلة الأولى حلّ عون أوّلاً، تلاه منسّق قضاء بعبدا السابق ربيع طراف، ثمّ نادين نعمة وفؤاد شهاب، ثمّ حكمت ديب.

لكنّ قيادة التيار تواجه معضلة حقيقية في التفتيش عن “ركّاب” لا يشكّلون “ثقّالات” بل يرفدون اللائحة بالأصوات المسيحية.  وهذا واقع بات أصعب مع تراجع شعبية التيار وإمكانية تدنّي مستوى الاقتراع، إضافة إلى العمل الحثيث لتشكيل لائحة معارِضة في بعبدا قوامها “الخطّ التاريخي”، ومن ضمنها نعيم عون والقيادي السابق في التيار رمزي كنج (شيعي)، بالتحالف مع ميشال حلو والكتائب والكتلة الوطنية والناشط في الحراك المدني واصف الحركة. 

معضلة القوات ليست أقلّ أهميّة. فلولا التحالف مع الاشتراكي في عام 2018 لم يكن بيار بو عاصي نائباً. والتحالف الثنائي الذي سيُكرَّس في غالبيّة الدوائر لن يحجب معضلة الأسماء المارونية لدى “الحكيم” في بعبدا.

كميل شمعون

فإلى جانب بو عاصي اختار جعجع المرشّح كميل شمعون الذي لا يشكّل رافعة للّائحة ضمن مسار مواجهة ستكون المعركة الحقيقيّة فيها على المقعد الماروني الثالث. وهذا المقعد لن يُربَح إلا بالأصوات المسيحية، خصوصاً أنّ البلوك الشيعي الأكبر في القضاء ليس لديه فائض لتوزيع أصوات تفضيلية، تماماً كما في العام 2018.

في الانتخابات الماضية كانت بعبدا من الدوائر التي حسمت تحالفاتها السياسية باكراً والنتائج أيضاً ضمن محاور واضحة: تحالف التيار الوطني الحر-حزب الله-حركة أمل (نال 40,669 صوتاً)، وتحالف القوات اللبنانية-الحزب الاشتراكي-المستقبل (26,500). فيما نالت لائحة “سوا لبعبدا” 5,768، ولائحة “كلّنا وطني” 4,992.

بلغ الحاصل الانتخابي نحو 13 ألف صوت بعدما “قشّت” الأحزاب التقليدية المقاعد الستّة، وحلّ أوّلاً بالأصوات التفضيلية علي عمار (13,692)، ثمّ بيار بو عاصي (13,498)، هادي أبو الحسن (11,344)، آلان عون (10,200)، فادي علامة (6,348)، حكمت ديب (4,428).

حاليّاً، جارٍ التفتيش عن مرشّح عوني أو “صديق” يمكّن التيار من الاحتفاط بمقعديْه المارونيّين في القضاء، بعدما خرج النائب الحالي حكمت ديب من السباق الانتخابي وسبقه ناجي غاريوس في الانتخابات الماضية

خرق “المعارضة”

في السياسة اليوم كان أفضل للتيار الوطني الحر أن يخوض معركة بعبدا من دون وضع اليد مع حركة أمل، تماماً كما في باقي المناطق المشتركة بسبب الحرب المفتوحة بين الطرفين.

لكن لدواعٍ انتخابية محضة “اشتغل” حزب الله “شغله”، والتحالف سيمتدّ من بعبدا إلى المتن الشمالي وصولاً إلى زحلة مع احتمال التحالف مع الثنائي الشيعي في كسروان-جبيل وبيروت الثانية.

ومع غياب اسم عوني وازن إلى جانب آلان عون، يتكئ التيار على التجييش الحزبي لخلق عصبيّة وحالة تعاطف “تنفّسها” تلقائيّاً فكرة وجوده على اللائحة نفسها مع حركة أمل.

لذلك ولأوّل مرّة تتركّز الأنظار على الخرق الذي يمكن أن تسجّله لائحة المعارضة في بعبدا.

درزيّاً تؤكّد كلّ الإحصاءات أنّ المقعد الدرزي (هادي أبو الحسن) سيبقى من حصّة الاشتراكي، والمقعدين الشيعيّيْن من حصة حزب الله (علي عمار) وحركة أمل (فادي علامة)، إلا إذا حصلت مفاجأة كبيرة قد تنتج بشكل أساس من احتمال انخفاض نسبة الاقتراع.

لذلك تدور معركة حقيقية على المقعد الماروني الثالث، وإذا لم تظفر به لائحة المعارضة سيشكّل عنوان مواجهة قاسية بين العونيين والقواتيين لنيل الكسر الأعلى، ويمكن أن يطوّب لأيّ من الحزبيين بعدد أصوات قليلة.

2500 صوت سنّي

وفق خبير انتخابي ليس هناك من تأثير يُذكر في بعبدا على نتائج الانتخابات بعد انسحاب تيار المستقبل من الحلبة الانتخابية. فالبلوك السنّيّ يبلغ نحو 2,500 صوت، نال منه الثنائي الشيعي عام 2018 نحو ألف صوت (سُنّة الغبيري)، كما أنّ هناك عدداً من المجنّسين ستُقرّر وجهة تصويتهم في يوم الانتخاب بحسب المال المتوافر. وثمّة شريحة من الصوت السنّيّ المعارِض ستوزّع أصواتها بأكثر من اتجاه.

تعاني لائحة “المعارضة” من عجقة مرشّحين موارنة: نعيم عون، ميشال الحلو، خليل الحلو، جوزف ونيس، زياد عقل، روبير خليفة. ما يفترض توحيد اللائحة ووجهة التصويت و”التفضيلي”، لنيل حاصل من خارج فلك الأحزاب. وإلا ستفرّخ لائحة أخرى من المستقلّين والمجتمع المدني. مع العلم أنّ الكتائب لم يتبنَّ حتى الآن مرشّحاً حزبياً على لائحة المعارضة، بل سيوفّر لها الدعم فقط.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى