رأي

برنامج عمل الحكومة بين الإنشائية والواقعية!

كتب عبد الرحمن المسفر في صحيفة السياسة.

الحكومة الذكية، هي التي تعرف كيف تتواصل وتتفاعل مع الرأي العام وترصد توجهاته وآراءه وردود أفعاله وتستفيد من الوجيه منها، وتستثمر ذلك كله، لتتمكن من تحسين أداء عملها وإنتاجيتها من جهة، والتبصر على نحو واقعي بأهم احتياجات المواطنين وتطلعاتهم المستقبلية في مختلف مناحي حياتهم من جهة أخرى.
سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد الصباح أطلق أمنياته أن يحقق برنامج عمل حكومته الجديدة طموحات الشعب الكويتي ويحظى برضاه.
هذا يستدعي منطقيا معرفة أولويات المواطنين، والتحديات، والقضايا التي تشغل بالهم، كي يأتي البرنامج ملامسا للمتطلبات الشعبية، ويكتسي بالروح الواقعية العملية، بعيدا عن النهج الإنشائي والتنظير الذي كان إحدى سمات برامج الأعمال في معظم الحكومات السابقة، وهو أمر يجعل من الصعوبة بمكان تنفيذ تلك المرئيات على أرض الواقع.
ذلك يدعونا إلى طرح هذا التساؤل المستحق ووضعه تحت بصر سمو الشيخ محمد الصباح: لماذا لا تجعل الشعب الكويتي الذي تمنيت أن يكون راضيا عن برنامج عمل الحكومة المرتقب شريكا فاعلا في نسج أفكار ومضامين هذا البرنامج؟
كيفية تحقيق هذه الشراكة بسيطة ومتاحة تقنيا، فمثلا، يمكن وضع أيقونة في برنامج “سهل” تحت تسمية “شارك بفكرة لصناعة برنامج عمل يُلبي تطلعاتك”، وتكون تحت هذا العنوان محاور عديدة: اجتماعية، واقتصادية، وتعليمية، وصحية، وثقافية، وبذلك يستطيع كل مواطن أن يُدلي بدلوه في مختلف النطاقات.
كما يمكن كذلك، وضع استبانات عامة لاستطلاع الآراء، وتحليلها لاحقا، واستنباط القواسم المشتركة بينها، بل إن المسألة، لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما تأخذ بُعدا تشجيعيا من خلال منح مكافأة مالية مجزية مصحوبة بتكريم للمشاركات العميقة والمميزة، وبهذه الطريقة، نكون فعلا، قد غيّرنا النهج في التعاطي مع ملف برنامج عمل الحكومة.
هذا يقودنا إلى فتح آفاق التفكير خارج الصندوق والتحليق في عوالم الإبداع وعبقرية المعالجة غير النمطية، فنحن اليوم نحتاج إلى عقول وطنية نيّرة تسهم في تصحيح المسار وصناعة ريادة حقيقية لهذا الوطن وأمته، وأحسب أن سمو الشيخ محمد الصباح، هو من يستطيع تهيئة هذا المناخ لاستقطاب الكفاءات ودفعهم لتفجير طاقاتهم في مضمار التنافس الوطني الإيجابي لتحريك دولاب الإنجازات والتحولات ذات الآثار النفعية الملموسة.
سمو الرئيس، برنامج عمل الحكومة، علاوة على ما سبق، يفترض أن يكون مدارا لساحة التداول الفكري الاستباقي مع السلطة التشريعية، لتقديم منظورها تجاهه، على سبيل الاستئناس بوجهات نظر أعضائها، إضافة إلى أهمية إشراك النخب والأكاديميين، وجمعيات النفع العام والنقابات، وغير ذلك، لتكون الجهات والهيئات الحكومية بعد ذلك هي المحطة الأخيرة التي تتبلور في إطارها مجمل الأفكار والآراء السديدة.
هنا، نستطيع أن نقول أن الشعب الكويتي هو من صاغ برنامج عمل الحكومة بحق وحقيقة، ليكون مرآة عاكسة لما يريده ويتمناه، وبمثل تلك الخطوات والمبادرات والشراكات الفاعلة بين الحكومة والمجتمع، تتحقق معادلة النهوض الكبرى وندخل حينئذ إلى حيز الريادة إقليميًا، وعربيا، وإسلاميًا بأفضل مما كنّا عليه.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى