«برنامج الأغذية العالمي»: أكثر من 3 ملايين طفل أفغاني في خطر خلال 2025

مسؤول أكد لـ«الشرق الأوسط» دور السعودية المحوري في المساعدات
«نحن يائسون في أفغانستان… الناس لا يعرفون ما الذي سيحدث في الشتاء، لكن يبدو واضحاً أن النساء والأطفال هم من يتحملون العبء الأكبر من هذه الأزمة»… بهذه الكلمات الصريحة والمقلقة، يلخّص مدير «برنامج الأغذية العالمي» للأمم المتحدة في أفغانستان، جون إيليف، الوضع الإنساني المتدهور الذي تعيشه البلاد اليوم، في واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً.
يقول إيليف في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن هناك 10 ملايين شخص يكافحون لإطعام أنفسهم، وهذا العام، حياة أكثر من 3 ملايين طفل في خطر. وأرجع ذلك إلى ثلاثة عوامل رئيسة:
– العامل الأول: طرد الأفغان من إيران وباكستان. فمنذ بداية العام تم إجبار 1.5 مليون شخص على عبور الحدود، وقد يرتفع هذا الرقم مع اقتراب شهر سبتمبر (أيلول)، حيث تحين بعض المواعيد النهائية لعودة هؤلاء الأفغان إلى بلدهم. هذا لا يعني فقط وجود 1.5 مليون إنسان إضافيين لإطعامهم، بل يؤثر أيضاً على العائلات التي فقدت التحويلات المالية من أقاربها العاملين في الخارج. تلك التحويلات كانت أحد شرايين الحياة الثلاثة للعائلات الفقيرة والمتوسطة في أفغانستان، والآن انقطعت، وفق ما شرح إيليف.
– العامل الثاني: الجفاف، حيث يشير إيليف إلى أن البلاد شهدت عامين من المحاصيل الجيدة نسبياً، لكن العام الحالي جاء بجفاف واسع النطاق يؤثر على 19 محافظة، ويقارب عدد المتأثرين 4 ملايين شخص. يقول إيليف: «فقد المجتمع مؤخراً 80 في المائة من محصوله. الناس يكافحون لإيجاد الماء لمواشيهم، وبدأوا في الهجرة داخل البلاد. ببساطة لا يمكنهم الاعتماد على المحصول هذا العام لإطعام عائلاتهم، أو لتخزين الطعام لفصل الشتاء».
– العامل الثالث: يتمثل في غياب المساعدات الغذائية. ينوه إيليف إلى أن «برنامج الأغذية العالمي»، أكبر جهة تقدم المساعدات الغذائية في البلاد، لا يملك حالياً سوى 10 في المائة من التمويل الذي يحتاجه، ويقول: «نحن نُطعم حالياً 10 في المائة فقط من الأشخاص الذين نحتاج إلى إطعامهم، وما فعلته المساعدات الغذائية في السنوات الماضية هو الحفاظ على مستوى منخفض من سوء التغذية والجوع الحاد، لكنها الآن شبه منعدمة».

تمويلات عاجلة
ويحذر إيليف من أن التمويل سينفد تماماً في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، وهو التوقيت ذاته الذي يضرب فيه الشتاء القاسي مناطق شاسعة من أفغانستان. ويقول: «التحويلات المالية، والمحصول، والمساعدات الغذائية جميعها انقطعت في عام 2025. الناس يائسون. نحن نشهد زيادة في سوء التغذية، والطريقة التي يتطور بها هذا الوضع تدعو إلى قلق شديد بشأن الشتاء».
ويكشف إيليف أن «برنامج الأغذية العالمي» يحتاج حالياً إلى 60 مليون دولار بشكل عاجل لتخزين الغذاء مسبقاً في القرى الجبلية المعزولة، حيث سيُحتجز الناس لستة أشهر مع تساقط الثلوج، كما يحتاج إلى 400 مليون دولار لتوفير الغذاء لـ6 ملايين شخص حتى نهاية الشتاء.
يستذكر إيليف زيارته قبل أسبوعين لولاية غور، التي وصفها بأنها من أكثر المناطق النائية والفقيرة اقتصادياً. يقول: «قدنا السيارة ثلاث ساعات من أقرب طريق، والتقينا بممثلين عن 50 أو 60 مجتمعاً من المنطقة المحيطة لفهم الوضع. العوامل الثلاثة التي ذكرتها كانت جميعها حاضرة هناك. كل عائلة تقريباً كان لديها عامل في إيران، وهم الآن عائدون ولا يوجد مال. لا تحويلات. المحصول خسر 80 في المائة، وبرنامج الأغذية العالمي، الذي كان موجوداً هناك باستمرار، توقف عن توزيع الغذاء بسبب نقص التمويل».
ويتابع إيليف: «سألتهم، ماذا تفعلون حينها؟ قالوا إنهم اعتادوا بيع سجادة أو مجوهرات بسيطة، لكن لم يعد هناك من يشتري. لم تعد هناك قوة شرائية في المجتمعات، العيادات تُغلق في جميع أنحاء البلاد، وتم إغلاق 400 عيادة صحية بسبب تقليص التمويل»، ويضيف: «تخيلوا معاناة أم تمشي خمس ساعات لتصل إلى عيادة مغلقة. نحن في وضع يائس».

دعم مستمر من السعودية
وسط هذه الصورة القاتمة، يثني إيليف على الدور الإنساني المستمر الذي تلعبه السعودية ودول الخليج. ويقول: «يجب أن نبدأ بالاعتراف بالكرم الهائل والمساهمة الكبيرة من المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي. هناك روابط ثقافية ودينية وتاريخية تعزز هذا التضامن. نحن معجبون بعمل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وكذلك الصندوق السعودي للتنمية الذي يركّز على مشاريع المياه والصحة، ويقوم بعمل رائع على الأرض».
وفي يوليو (تموز) الماضي، كانت السعودية قد أكدت، خلال الجلسة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، موقفها الثابت والداعم لأمن واستقرار أفغانستان، معربة عن قلقها إزاء التحديات الإنسانية والاقتصادية التي يواجهها الشعب الأفغاني، ومشيرة إلى ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولي؛ لتقديم الدعم اللازم والإغاثة الفورية، والحد من معاناة الشعب، وضمان حقوق النساء والفتيات.