برلا خوري من الأكاديمية اللبنانية للفنون الاولى في مباراة الجادرجي السنوية لطلبة العمارة رئيس اتحاد المهندسين: لمواجهة التشوه العمراني
أقامت “مؤسسة الجادرجي من أجل العمارة والمجتمع” بالاشتراك مع نقابة المهندسين في بيروت، احتفالا بتوزيع جوائز مباراة “جائزة الجادرجي السنوية الـ 22 لطلبة العمارة في لبنان” للعام الدراسي 2020-2021، في حضور رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين نقيب المهندسين في بيروت عارف ياسين، رئيس “مؤسسة الجادرجي” الدكتور حبيب صادق، زوجة المعمار الراحل رفعت الجادرجي السيدة بلقيس شرارة ونجلهما كامل الجادرجي وعدد من عمداء كليات العمارة في الجامعات اللبنانية وأساتذتها ولجنة التحكيم في “جائزة الجادرجي” وأعضاء مجلس النقابة حاليين وسابقين.
شبارو
وقدمت الاحتفال المهندسة سحر شبارو، وقالت: “ككل سنة تطل علينا جائزة الجادرجي مقدمة آفاقا وآمالا جديدة لطلاب العمارة المتميزين في لبنان. لكن هذه السنة كان لعودتها املا جديدا اضاء طريقا لشباب صاعد سيصبحون زملاء لنا متحدين الظروف الصعبة التي تعصف بنا وبوطننا الحبيب لبنان”.
مشيمش
وارتجل ممثل “رابطة المعماريين” في النقابة الرئيس السابق للرابطة الدكتور عاطف مشيمش كلمة، أوضح فيها أنه: “نتيجة ظروف معينة توقفت نشاطات الرابطة في هذه الفترة لكننا سنعاودها، اذ سنضع جدولا سنويا بالتنسيق مع فرع المعماريين في النقابة”، محييا “كل الطلاب المشاركين الذين مثلوا جامعاتهم فائزين، لكن بعض التفاصيل حددتها لجنة التحكيم والكل يعي الظروف الصعبة التي مررنا بها نتيجة كورونا والوضع العام في البلد”، لافتا الى أن “الهندسة المعمارية تتجه الى ابراز تفاصيل جمالية من دون التوقف عند الأساس الاجتماعية التي وجدت العمارة بشكل أساسي لخدمتها”. وقال: “تأتي هذه الجائزة في إطار تعزيز الدور الاجتماعي للمعمار وتعزيز العمل على تحقيق حاجات المجتمع من خلال دورة إنتاجية يتفاعل فيها المجتمع مع المبتكرين من المعماريين”.
أضاف: “ان الفكرة الأساسية التي تعمل عليها نقابة المهندسين ومؤسسة الجادرجي من اجل العمارة والمجتمع، هي ترسيخ الأفكار والقيم والمسؤولية الاجتماعية للمعمار، خصوصا في مواجهة تحديات عدة أهمها التمدن المتسارع في البلد والتشوه العمراني والاجتماعي”. وتوجه الى الطلاب بالقول: “كونوا معماريين متميزين تشاركوننا افكارنا الى جانب النشاطات الكثيرة التي ننظمها في النقابة، ونتمنى ان تكونوا شركاء بهذه المشاريع الجميلة والرائدة”.
أبو جودة
ورأت المعمارية ديفينا أبو جودة ان “السنين تمر وفي كل سنة تحيي نقابة المهندسين بالاشتراك مع مؤسسة الجادرجي مراسيم تقديم جائزة الجادرجي لطلبة العمارة في جامعات لبنان”، وقالت: “رفعت الجادرجي المعمار العراقي الكبير الذي آمن بلبنان وبقدرات مفكريه وجامعاته وخريجييها من طلبة العمارة، أراد هذه الجائزة مناسبة لتصبح تقليدا سنويا يحتفى به لتشجيع البحث والخلق المعماري بين تلامذة العمارة في لبنان. ومكافأة المتفوقين بأفكارهم الرائدة المتجددة التي تتماشى مع المتغيرات الت يعيشها المجتمعات بطريقة ديناميكية متواصلة”.
أضافت: “تزداد هذه السنة التحديات والمصاعب في العالم اجمع وبلبنان خاصة لأسباب ندركها ونعيشها من وباء الى ازمة مالية ومعيشية واجتماعية خانقة الى ازمة ضخمة هي انفجار 4 آب 2020 الذي فتك بالبلاد والعباد الى أزمات سوء إدارة المرحلة من كل النواحي الاجتماعية والسياسية والمالية والاقتصادية الخ.. وفي خضم هذه المعمعة يقف المعماريون الذين اختاروا هذه المهنة مهنة خدمة المجتمع والحياة في وجه الازمات والتفكير بالحلول الإنسانية التي ترسخ مقومات البقاء وبناء المجتمع والامل”. وأكدت ان “التحدي كبير ويزداد مع التغييرات التي تستجد مع التطور الفكري والثقافي والتكنولوجي الذي يتميز به كل عصر ويزداد تعقيدا”.
ولفتت الى ان “لكل مرحلة زمنية تحدياتها ورهاناتها التي تنعكس على المجتمعات. وهناك عدد كبير من الطلاب يهاجرون الى بلاد العالم المتقدم طلبا للعلم ولتأمين حياة كريمة غابت عن لبنان، واجد صعوبة في حجج الاقناع للبقاء لكن تذكروا ان هذا البلد مر بأزمات كثيرة وتجاوزها. والاتكال عليكم ان تعودوا بثقافة وأفكار متطورة لإعادة البلدة الى سابق امجاده ونحملكم مسؤولية الأجيال المقبلة”.
صادق
والقى الدكتور حبيب صادق كلمة، فقال: “منذ تأسيسها عام 2002 سعت مؤسسة الجادرجي من أجل العمارة والمجتمع، إلى دعمِ مبادئ العِمارة الإنسانية وحق المواطن في بيئة عمرانية تحقق الرفاه، وتُعنى بالعلاقاتِ الاجتماعيَّةِ السليمة، فالعمارة ظاهرة انسانية ارتبطت بتطور المجتمع وحاجاته، ويقول المعمار رفعت الجادرجي: هي أساسٌ في تكوينه البصَريِّ والحِسيِّ والوُجداني وأداةٌ في الحوارِ والوئامِ الاجتماعي في تحقيق تماسُكِه”.
أضاف: “غادرنا رفعت الجادرجي في زمن صراع الحياة، رفعت الذي كرس حياته من أجل تقديس الإنسان وملحمته، في الابتكار وكسر ملل الوجود، حيث اعتبر أن العمارة، أداة حوار اجتماعية صالحة، وتُصبح العِمارةُ أداةً فاعلةً في تماسُكِ هذا المجتمع، من خلال تحقيق حاجات الانسان النفعيَّة التي تتحول إلى وظائف عبر فضاءات السكن والعمل والراحة، وتعبر عن خصوصية الامكنة وتؤمِّن متطلبات الهُوية للفرد وللجماعة، وفي قدرة ابتكاراتها على تلبية حاجة الانسان السيكولوجية الجمالية التي تؤمِّن راحةَ البال والمُتعةَ في الوجود والتنوُّع الهارموني الذي يخفف الملل في وعي الانسان لوجوده”.
وتابع: “اعتبر الراحل أن العمارة تصبح رتيبة وسقيمة، إذا لم تعتمد على التنوع المبني على تفاعل بين الفكر والمطلب الاجتماعي. واستند تنظيره المعماري بأبعاده الانثروبولوجية، على اعتبار الشكل محصلة العلاقة الجدلية بين المطلب الاجتماعي والتكنولوجيا المبتكرة في تحقيق حاجات زمن الإنسان. ميز رفعة بشكل حاسم بين الفلسفة والنظرية، وحينما تؤلف النظرية مبدأ عاماً لمواجهة إشكالية معينة وإيجاد الحلول المبدئية لها، شكلت الفلسفة الموقف العام من هموم الوجود، ومن بين الإشكاليات التي نظر فيها، جدلية العمارة، واكتمال الشكل، والفرق الجذري بين البذخ والإسراف، ومعالجة المناخ من غير تبذير في الطاقة، وبحث في شبكة الثقافات ودور الفكر في العمارة ومسؤولية المعمار أمام المجتمع. واعتقدَ رفعت أن الفن والعمارة موقف من الحياة، فهو يقدم على نظريةٍ فيسخرها في أعماله. وإن ممارسة القدرات الفنية هي جزء من الفكر العام الذي يعرف بالفلسفة”.
وأشار الى ان “المعمار المعاصر هو المهني الذي يؤدِّي نيابةً عن المجتمع دورَ الرؤيوي المبتكر. ودوره بارزٌ في تطويرِ الوعي الاجتماعي. فهو يستحدث تقنيات جديدة في تشكيل المادة تؤمن القدرة على الابتكار في تحقيق حاجات التحولات والتطور الاجتماعي، موقعه قيادي ومسؤول في جدليَّةِ دورة تصنيع وانتاج الفضاءات التي تسيل فيها الحياة”.
ورأى ان “مجمل الانتاج المعماري الجيد والفاسد هو فعل انساني، والاساس هنا ليس ما ينتج من عمارة بل الفكر المؤسس لهذا الانتاج، حيث أطلق رفعة الجادرجي حركته وجهده باتجاه تحفيز هذا الفكر، في مواجهة متطلبات التطور والمعاصرة وحالة الاستلاب امام العولمة، والمساهمة بحصتنا في صناعة وصياغة التراث الانساني الراهن بكل ما تخترنه هويتنا وخصوصيتنا، بقالب حداثي معاصر”.
ولفت الى إن “مقوِّمات زمننا المعاصر مزدوجة الصفة تتراوح بين السلبية والايجابية، يضاف اليها سمات التشخُّص، والتخصُّص والمكننة، وتتنوع مواقف المعماريين في المجتمع المعاصر، فمنهم المِعمار المتعاطف مع هموم المجتمع والمعمار التقني المتمكن من تكنولوجيات العصر غير المتعاطِف مع هذه الهموم، حيث اصبحت هويته معرفة فوق المجتمع، والمعمار العاجز عن فهم وتلبية حاجات العصر فيكون له موقفاً عدائياً من المكننة والحداثة، فينكفئ الى الماضي ويعيد انتاجه بابتذال في اغلب الأحيان”. وقال: “ما نراه اليوم من طغيان لثقافة الاستهلاك، ومنطق الربح والاستثمار الريعي، اللذان حكما سياسات الدول في منطقتنا، من النواحي القانونية، والتخطيطية، وعدم التوازن في الاقتصاد والتنمية بين الريف والمدينة. كل ذلك في ظل إشكاليات كبيرة متعلقة بالهوية والخصوصية للجماعات المكونة لمجتمعاتنا”.
وتابع: “يضاف إلى ذلك، الارتباك الحاصل في مقومات المجتمع العربي، أمام متطلبات المعاصرة، في مواجهة المركزية الغربية والتخبط في التعامل مع الرصيد التراثي ومعالمه، والحيرة أمام متطلبات استحداث هوية جديدة ذات خصوصية تعبر عن حياة الفرد العربي المعاصر، وفكره. فالعمارة لم تكن في يوم من الأيام مدرسة تعبير منغلقة على نفسها، متقوقعة بأساليبها، رافضة للتطور أو التغيير؛ بل بالعكس؛ فهي تعكس التقلبات والتطورات الحضارية والاجتماعية للمجتمع الذي تعيش فيه، فهي كانت دائماً تكيف نفسها مع هذه التطورات وتبدع أساليب جديدة من تقنية وفنية لمواكبة العصر الذي تعيش فيه. إن مهنة الهندسة المعمارية ليست مهنة حرة يقتصر دورها على تقديم الخدمات الهندسية، كما أن النقابة ليست مؤسسة يقتصر دورها على الدفاع عن حقوق المهندسين، فالمهنة والنقابة مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً بالأهداف الإنمائية والإعمارية للمجتمع، كما وأنهما مرتبطتان وبشكل فاعل في انعكاسات هذه الأهداف على البيئة والتراث والوجه الحضاري لهذا المجتمع”.
وأوضح أن “الدور القيادي للمعمار في المجتمع يتبلور مع مُمَارسة المهنة حيث انه انخراط في الشأن العام، من تعليم، انماء، تنظيم مدني، انتاج الرؤى والأفكار حول التحديات، إن الأُفق أوسع من عملية المهنة والتعليم، الأفُق الهندسي للمعمار أُفُق سياسي مرتبط بالحق العام والمصلحة العامة. أن مسألة “تسييس” العمارة، أمر يتجنب الخوض فيه معظم المعماريين والمخططين، حيث يتم تجنب نقد صناعة القرار ومساءلة العلاقة “الأبوية السلطوية” لأصحاب القرار السياسي وأصحاب رؤوس الأموال. تسييس العمارة بهذا المعنى ينتهي في الغالب، بشبهات الفساد التي ترتبط بها، إدارات، ومافيات من صناع القرار لا تتيح للنقد العمراني، لعب دوره في إنتاج الرؤى والأفكار، التي تمثل الحق العام، في كشف فشل الإدارة في مشاريع التطوير، وبين منظومات الفساد ومافيات التغول على المال العام وهي أخطر ما يهدد مستقبل المدن العربية التي تعاني من مشاكل غير مسبوقة من البطالة وضعف النمو وغياب أطر التنمية التي تستشرف المستقبل”.
وقال: “ذلك في سياق الاقتصاد المعولم والرأسمالية المتنقلة المرتكزة على استغلال سطحي فلكلوري للخصوصيات المحلية غدت معه العمارة مجرد سلعة، وتحدد قيمتها بقدرتها على مراكمة ارباح، او صوغ انماط معمارية تسمح بإحساس محدود ومحدد بهويات مركبة في بيئات اجتماعية وإثنية متفجرة. وبات اقتصاد مدننا يقوم على انتاج رأس مال وهمي يجري تلزيمه الى سماسرة العقارات بحيث تحول الاختصاصيون والمهندسون والمعماريون الى مجرد ادوات لإنتاج هذا الرأسمال الوهمي وبأجور عالية (اقتصاد مستسلم بالكامل للخارج …) والذي لا يستند على اي نمو في الانتاج الفعلي للقطاعات. مما أدى الى تهميش فئات اجتماعية كبيرة وافقارها، هذا السياق السائد في مدننا وضواحيها، ادى الى انتاج مفهوم الآخر والافراط بالحقد بين المدن ومحيطها وما العنف السائد اليوم في عالمنا العربي والتفكك والتشظي الحاصل الا صورة هذا الواقع المستمر”.
واردف: “في هذا السياق سعت مؤسستنا بالتعاون والشراكة مع نقابة المهندسين وكليات العمارة في لبنان، على إطلاق إعلان بيروت العمراني، مباشرة بعد انفجار 4 آب 2020 المشؤوم، حيث عبر بيان إعلان بيروت العمراني، عن مجموعة أفكار من شأنها أن تشكل نقطة انطلاق للعمل على وضع صيغة متكاملة لإعادة اعمار المناطق المنكوبة من جراء انفجار المرفأ. وذلك عبر اقتراح رؤية وطنية حول إعادة الاعمار وتأهيل التراث وحماية النسيج الاجتماعي والهوية المحددة لخصوصية العمران في المنطقة المنكوبة جراء انفجار الرابع من آب، وإعادة صياغة علاقة المرفأ ومحيطه العمراني. ونحن اليوم مع شركائنا مستمرون في الجهد على قضايا التحديات العمرانية في المدينة والريف اللبناني. وفي سياق ابتكار آليات وأطر متطورة وتشاركية تسعى مؤسستنا، الى العمل من أجل مواجهة الواقع الراهن واشكالياته من تلوث بصري وعمراني، وسيادة منطق الاستهلاك والريع العقاري، الناتج عن السياسات المنحازة لتلبية مصالح اقليات طبقية واجتماعية على حساب المصلحة العامة، ومواجهة فساد السلطات المعنية بالحفاظ على حقوق المواطنين في بيئة معمرة سليمة تلبي حاجاته وتحقق هويته ومتعة العيش”.
واعتبر أن “مجمل الانتاج المعماري الجيد والفاسد هو فعل انساني، والاساس هنا ليس ما ينتج من عمارة بل الفكر المؤسس لهذا الانتاج، حيث أطلق رفعة الجادرجي حركته وجهده باتجاه تحفيز هذا الفكر، في مواجهة متطلبات التطور والمعاصرة وحالة الاستلاب امام العولمة والولاء للخارج، والمساهمة بحصتنا في صناعة وصياغة التراث الانساني الراهن بكل ما تخترنه هويتنا وخصوصيتنا، بقالب حداثي معاصر. لذلك سعينا بالشراكة مع نقابة المهندسين الى تحقيق التواصل والحوار والتعاون مع الجامعات والمجتمع المدني، والبدء بطلبة العمارة، وابتكار صيغ تساهم في نقاش حلول وصيغ معالجة للقضايا العمرانية وتفعيل الدور العلمي والثقافي في إطار الحفاظ على التنوع والتنافس الفكري لإغناء الانتاج المعماري”.
ياسين
وقال النقيب عارف ياسين في كلمته: “مع تخرج طلاب جدد في كل عام ودخولهم معترك الحياة العلمية ومع مشاركة جيل جديد من المعماريين وافكارا جديدة في ممارسة المهنة والعمارة وفي ممارسة العمل في المجالات المعمارية المتنوعة والمتعددة يتجدد الامل في استمرار التطوير الدائم لمناهج وأساليب العمل في مجالات العمارة. ان التخرج من الجامعة هي بداية لمرحلة جديدة من التعلم والاختبار وعندما يتوقف الانسان عن التعلم وعن الخوض في التجارب والاستفادة منها وأيضا عدم التعلم من تجارب من سبقه من الرواد الأوائل في الحقول المعرفية المختلفة، يتوقف عن الابداع وعن انتاج الأفكار الجديدة وتنتهي مهنته وحرفته واختصاصه الى شهادة تخرج معلقة على الحائط”.
أضاف: “يقول رفعت الجادرجي: المعمار كالطبيب إذا لم يمارس العمل ولم يتابع التعلم والاطلاع يفقد الكثير من المهارات”. ويقول: “العمارة هي من اهم أدوات الحوار الاجتماعي والمعمار يعبر عن عاطفة ووجدان المجتمع وهو يستطيع ان يقدم المفهوم العام والشكل العام الذي يعبر عن المجتمع. ومن فكر الجادرجي أيضا ان التصميم المعماري يجب ان ينطلق من تفاعل حاجات المجتمع مع استخدام التكنولوجيا المحلية المتوفرة، وبذلك تكون العمارة معبرة عن المجتمع تخدمه وتتطور معه. لذلك لا يمكن ان ينجح المعمار او أي عامل في مهنة او حرفة أخرى إذا أتبع أسلوب النقل والتقليد وتطبيق تجارب غريبة عن مجتمعه وبعيدة عن سياقات التطور الطبيعي لمجتمعه وحاجاته، مع أهمية المعرفة والاطلاع والحوار الحضاري مع الانتاجات الفكرية وتجارب المجتمعات الاخرى واهمية الاطلاع أيضا ومواكبة التطور الهائل للعلوم والتكنولوجيا في المجالات المختلفة”.
وتابع: “من هذا المنطلق على عاتق المعماريات والمعماريين مسؤولية المساهمة في تطوير المجتمع عبر تطوير العمارة فكرا وممارسة مع الحفاظ على النسيج الاجتماعي والعمراني. وعليهم أيضا مسؤولية مواجهة التشوه العمراني الناتج عن السياسات المتبعة منذ زمن بعيد في المجالات الاقتصادية والإنمائية والا عمارية، وتحت مسمى التطوير العقاري وبدون اية خطة إنمائية هادفة تحصل المضاربات العقارية ويصبح الربح والعامل مع قضايا إنمائية وإعماريه بمنطق الربح المادي السريع هو هدفهم وللأسف هذا هو السائد هذه الأيام والتعامل مع قضايا إنمائية وإعماريه بمنطق الربح المادي السريع أدى ويؤدي الى تشوه البيئة المبنية وتشوه البيئة بشكل عام وضرب الاقتصاد المنتج وابتاع النموذج الريعية في الاقتصاد”.
وأردف: “مرة ثانية وللأسف هذا ما يحصل على نطاق واسع وعلى امتداد مساحة لبنان. ومشاريع طلاب العمارة التي تعرض في كل سنة والتي يشارك في المنافسة لتقديم الأفضل تحفز الجمهور على التفكير والنقاش وتتيح للناس الاطلاع على الأفكار الجديدة للتفاعل، وهي مناسبة سنوية للتفاعل الفكري حول العمارة ودورها الهام في حياة الناس. وهذه النشاطات والفعاليات تشكل جزءا من مواجهة التشوه العمراني وجزءا من مواجهة المسار الانحداري السائد عل مستويات متعددة في البيئة المبنية وجزءا من المواجهة من اجل الحفاظ على المجال العام الذي هو حق للمجتمع”.
وختم: “من اجل الاستمرار بالعمل على هذه القضايا البالغة الأهمية أصبح من الضروري تطوير التعاون والعمل المشترك بين نقابة المهندسين ومؤسسة الجادرجي للعمارة من اجل المجتمع”.
عكرا
والقى الأستاذ الجامعي المعمار اميل عكرا كلمة، فقال: “منذ حوالى الربع قرن، وتحديدا سنة 1999 وفي حديث عن رفعت الجادرجي وجائزته، استعنت بحديث لكلود باران وصف فيه ما آلت اليه حالة المعمار في المجتمع، واظن، ونحن في قلب الفوضى التي تعم العالم اليوم، بحاجة الى التذكير بهذا التوصيف اللاذع يقول باران التالي: ” لكل زمن كبش فدائه، وكل مجتمع يلاحق سحرته، وينسى آفاته وخطاياه فور احراقه لهم، هم حملة الاثم الجماعي، أيام الحكم المطلق، وحده المهرج يسعى الى البقاء أطول وقت ممكن محافظا على هذا التوازن اللامستقر. اما اليوم، وفي زمن الحكم المتجاذب، وحيث القوى تتناقض وتلغي بعضها، وجد المجتمع مهرجه الحديث، الا وهو المعمار”.
أضاف: “كما المهرج، المعمار غير مستقر، وهو مثله حصيلة مجموعة غير متوقعة من المناسبات العجائبية. وهو مثله يجرب الهزل، يضحك الآخرين ويضحك عليهم، دوره الغالب هو الهاؤهم خلال زمن الخطط المشبوهة والمخططات السيئة. مثله وقور لمعرفته بأنه حامل لأثقال العالم في زمن التكنولوجيا والمال. صوت طري وضحك سعيد، وسط قهقهة جرائمة التاريخ، ينضحان ولو بصعوبة من خلال هدير الصراخ لضحايا التنظيم المديني التكنوقراطي. مثله يجتهد في سبيل الحقيقة. مثله في خطر دائم لانه وحيد في مركز مسؤولية ساحقة. هدف مشار اليه لانتقام الجمهور كما ولانتقام السلطة عند تعبها. مثله ليس عنده سلطة فعلية ولكنه يستطيع شتم اسياده نقدهم. ومثله يختفي عندما لا تعود ديمقراطية رأس المال بحاجة الى مهرجها لتتنفس، فتخنق هذا الهزل الأخير بخنقها آخر ممثليه. وهي، أي ديموقراطية رأس المال، اذ تستعمل العمارة لحجب نواياها الحقيقة، ترفض للمعمار حتى لعب الدور الحقيقي للمهرج، أي دور الثقال المعاكس لمؤكداتها اللاانسانية، او دور الناقد البناء. لم يعد مجتمعنا المتعصب والمنغلق يطيق الفكاهة، حتى الاسود منها، ولم يعد بوسع المعمار ان يكون كشاف علل وشاهدا على الازمة بوجه القرارات منذ ان أصبحت هذه القرارات جماعية وانتفت عنها الصفة الشخصية وبالتالي إمكانية المحاسبة. كم هو صائب هذا التوصيف لحالة الأكثرية الساحقة من المعماريين ولحالة العمارة في العالم”.
وأشار الى ان “هنالك مشكلة في انتاج المعمار، فالبرامج والمعون يعدون من خلال تقنيات محددة متعددة المصادر والهويات، مهنيين اختصاصيين في البناء وليس في فن البناء. والفرق بين البناء وفنه كبير. الأول ينتج عن ممارسة وتنفيذ تقنيات علمية محددة، بالإمكان بواسطتها انشاء امكنة محمية من آفات الطبيعة تصلح ملجأ لنشاطات الانسان المتعددة، اما الثاني فيدخل على ما سبق ابعادا رمزية وجمالية وانشائية، فيغير المصنع حجما او شكلا ومكانة ليدخله ضمن ما يعتبره الانسان هويته، وتضاف الى وظيفته النفعية البحتة وظيفة أخرى متسامية تطمح الى ادخال ابعاد أخرى الى معنى الحياة، ابعاد يعتقد الانسان انها بين التي تسعى به الى السعادة. هنالك بناء لا روح فيه، وهو ما اعتدنا على رؤيته بكثافة حولنا أينما كنا، وهنا وفي بلدان العالم، وهنالك آخر روحه بادية للعيان، ندر ان نصادفه في تجوالنا الا في مدننا وقرانا القديمة، وهذا الأخير هو العمارة. انها تقنيات تديرها شخصية تتميز بروح وفكر خاص يتناغم ويتماثل مع روح العام وفكره، فينتج عنهما عمارة متفردة ذات هوية”.
وتابع: “لا اعتقد انني بحاجة الى توصيف حالة بيئتنا المبنية لتبيان حالة السوء التي نعيش فيها. واني اكتفي بالطلب منكم وأنتم المعنيون في هذا المجال ان تنظروا حولكم بانتباه قليل وأنتم تنتقلون من مدينة الى أخرى، او تنتقلون من شارع الى شارع ومن حي الى حي في كل امكنتنا المأهولة دون استثناء. الا تجدون ان الأمكنة التي لا زالت تتمتع بشيء من الجمال والخفر واكاد أقول السعادة، هي تلك التي حافظت على طابعها المعماري القديم بنا وشوارع وازقة وادراجا وساحات عامة؟ … بينما الباقي، وبأكثريته الساحقة، غير صحي، جاف، لا ورح فيه، موبوء، حزين لا يصلح لسكن الناس ولحياتهم العام”.
ولفت الى ان “عمارتنا الحديثة والمعاصرة هي تراكم جامد وميت من الأبنية النفعية، تفيد من ناحية وتخرب من نواح أخرى، وهي لا شخصية لها، وإذا تميزت بشيء فبهذا اللقيط الغريب العجيب من الاشكال والاحجام المجمعة من كافة اقطار العالم من خلال المجلات او المنشورات والكتب المتواجدة وحدها بين أيدينا، حيث لا وجود، الا فيما ندر، لأعمال نشأت عندنا، أصلها من عندنا، وترتبط بنا ارتباطا عضويا، موضحة دون ليس ان الانسان ونتاجه يخضعان لناموس وجودي أساسي يجعل من التاريخ اباه من الجغرافيا امه”.
وأوضح أن “ان أطروحة الجادرجي حول “المسؤولية الاجتماعية لدور المعمار، او المعمار المسؤول” تطرح علينا قبل المتبارين إشكالية دور المعار ومعنى العمارة. وكلما واجهتنا تحديات الحياة وصعابها، وكلما تذكرت الفترات التي كان يمر بها رفعت الجادرجي من عندنا وأحاديثنا عن شؤون وشجون المعمار والعمارة، تذكرت دائما اسطورة بروميتيوس وعذاب هذا المتأله الدائم وهو يجاهد صعودا للارتقاء الى القمة والنسر الغاشم ينهش احشاءه، وتذكرت عذابه وقد انحدر به الصخر الغشيم المكبل به الى الهاوية، ومن ثم عذابه وهو يلملم جراحه معاودا الصعود، لان العظمة كل العظمة في هذا الوجود تكمن في الارتقاء حركة وتجربة قبل ان يكون صولا وتربعا، فقد يكون التربع بعد الوصول هو الموت”.
وختم: “أيها السادة، من وادي الرافدين اتانا منذ ربع قرن مقاوم عنيد يدعونا لنفض الغبار عن كواهلنا، والدخول في معركة استرداد وجودنا واسترداد ذاتنا. ولا غرو في ذلك فهو ابن منطقة الفيض الموسمي فيها طبيعة، وهي اعتادت على مر الزمن إطلاق موجات من التجدد والبحث عن الذات. ولقد اعتاد شاطئنا الاستجابة لهذه الموجات بأخرى مرتدة، يكون الخالق غالبا من نتائجها، فلا عجب ان تلقينا الكرة وواجهنا، فان استنهاض الكامن فينا ضرورة هذه الأيام اذ نكون او لا نكون، تلك هي المسألة”.
النتائج
وسلم النقيب ياسين والدكتور صادق الجوائز للمتبارين جاءت على النحو الآتي:
– المرتبة الأولى: برلا نصر خوري من الأكاديمية اللبنانية للفنون (ALBA)، عن مشروع: “جرة رقمية بؤرة الذاكرة البيولوجية”.
– المرتبة الثانية مشروعان: كرستين فارس من الجامعة اللبنانية كلية الفنون الجميلة والعمارة – الفرع الرابع، عن مشروع: “حلقة الوصل محطة للنقل العام”، وكريستا ماريا الحويك من الجامعة اللبنانية الأمريكية (LAU) عن مشروع: “في مواجهة الهدر والفساد مركز الأبحاث للطاقة المتجددة”.
– المرتبة الثالثة: وائل ظاهر من جامعة العزم، عن مشروع: “العمارة الإنسانية مركز لتعليم الثقافة والتراث”.
– تقدير خاص: يارا مرتضى من الجامعة الأمريكية في بيروت (AUB)، عن مشروع: “حسناء صور”.