شؤون دولية

بايدن يضغط على بريطانيا في قضية الطيار الأفغاني البطل.

أعلن البيت الأبيض الأميركي أنه سيحرص على رعاية [مساعدة] قدامى المحاربين الأفغان الذين دعموا الولايات المتحدة في وقت تواصل الحكومة البريطانية المماطلة في قضية منح اللجوء للطيار الأفغاني الذي هدد بالترحيل إلى رواندا.

وقد بقي الطيار السابق الذي خاطر بحياته في مهام قتالية لدعم قوات التحالف الدولي في أفغانستان، في وضع حرج غير محسوم [معلق من دون البت في أمر منحه اللجوء]، وتعرض للتهديد بالترحيل بعدما كان قد وصل إلى بريطانيا على متن قارب صغير بسبب عدم وجود طرق قانونية آمنة أخرى.

وكانت المملكة المتحدة قد رفضت طلبه الأول للبقاء على أراضيها، فيما تنظر السلطات الأميركية الآن في قضيته، بعدما قدم المشرف الأميركي على مهامه في أفغانستان توصية شخصية به، واصفاً إياه بأنه “وطني حقيقي ووفي لأمته”.

وقد سئلت المتحدثة الرسمية باسم الرئيس الأميركي جو بايدن كارين جان بيار، عن السرعة التي يجرى من خلالها إحضار الأفغان إلى الولايات المتحدة، ولا سيما منهم الموجودون في دول خارج وطنهم، وذلك في ضوء الحملة التي قامت بها “اندبندنت” نيابة عن قدامى المحاربين الأفغان.

وردت جان بيار بالقول: “إن التزامنا مستمر. ونحرص على الاهتمام بالأشخاص الذين ساعدونا خلال أطول حرب في تلك البلاد شهدناها [خضناها] ونرى أننا قدمنا الدعم، وأن المساعي متواصلة في هذا المجال”.

هذا التدخل الأميركي زاد من حدة الضغط على المملكة المتحدة التي لم تتراجع حتى الآن عن قرار ترحيل الطيار إلى رواندا، على رغم صدور حكم من “محكمة الاستئناف” في المملكة المتحدة Court of Appeal بأن اتفاق الحكومة البريطانية مع رواندا “غير قانوني”. ومن دون إزالة الإشعار بالترحيل، فإن أي تقدم في طلب الطيار الحصول على اللجوء في المملكة المتحدة، لن يحدث، ولا يزال منحه ملاذاً آمناً يرفض.

يشار إلى أن عشرات من القادة العسكريين والسياسيين والدبلوماسيين والمشاهير، كانوا قد انضموا إلى حملة “اندبندنت” للمطالبة بمنحه ملاذاً آمناً نظراً إلى التضحيات التي قدمها.

الطيار في سلاح الجو الأفغاني – الذي ما زالت زوجته وطفله مختبئين في أفغانستان – خدم إلى جانب قوات التحالف الدولي في الفترة التي سبقت سقوط العاصمة الأفغانية كابول في يد حركة “طالبان” قبل نحو عامين. وقد قدم وصفاً للمهام التي حلق فيها بطائرته، والتي نسقها ودعمها قادة عسكريون بريطانيون وأميركيون بهدف القضاء على الإرهابيين وعلى شبكات إنتاج المخدرات.

وعندما غادرت قوات التحالف في أغسطس (آب) عام 2021، كان الطيار من بين أولئك الذين وجدوا أنفسهم في خطر، خصوصاً أن “طالبان” سيطرت على مكاتبهم، ووضعت يدها على تفاصيل كاملة تتعلق به، ولا سيما عنوان بريده الإلكتروني ورقم هاتفه ومكان إقامته. وقد قبع لأشهر عدة مختبئاً في أفغانستان، قبل أن يتخذ قراراً بترك أسرته والبحث عن ملاذ آمن.

وقام برحلة طويلة براً وبحراً توجت أخطارها بعبوره “القنال الإنجليزي” في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقد اعتقد الطيار أنه سيكون موضع ترحيب في بريطانيا وأن يشكر على تضحياته، إلا أنه شعر بالصدمة عندما اكتشف أنه مهدد بالإبعاد إلى رواندا.

وفي حديث مع “اندبندنت” أعرب عن خيبة أمل عميقة لديه قائلاً: “لم نكن نقوم فقط بمهام بسيطة في أفغانستان – كنا ننفذ مهامكم. ولولا قواتنا الأفغانية، لما تمكنت المملكة المتحدة والولايات المتحدة من القيام بأنشطتهما العسكرية هناك”.

ويضيف أنه “إذا ما تخلت المملكة المتحدة عنا مرة أخرى، فآمل في أن تقدم الولايات المتحدة المساعدة لنا. هناك كثير من الطيارين الأفغان السابقين الذين يعملون في الولايات المتحدة، ويستخدمون مهاراتهم، على خلاف معاملة المملكة المتحدة لي. ربما إذا وصلت إلى الولايات المتحدة، يمكنني أن أعمل طياراً مرة أخرى، ولديَّ مستقبل هناك من شأنه أن يساعد أسرتي التي لا تزال ترزح تحت الخطر في أفغانستان”.

تجدر الإشارة إلى أنه لا يسمح للطيار بالعمل في المملكة المتحدة، في حين أن طلب اللجوء الذي تقدم به معلق موقتاً، ويتلقى في الوقت الراهن ثمانية جنيهات استرلينية (10 دولارات أميركية و32 سنتاً) في الأسبوع، ليعيش بها خلال إقامته في فندق تموله الحكومة البريطانية.

وتنظر السلطات الأميركية الآن في إمكان منحه ملاذاً آمناً بموجب “مخطط إعادة التوطين بي 1 في الولايات المتحدة” US P1 Resettlement Scheme، الذي يجب أن يحصل مقدمو الطلبات بموجبه على توصية شخصية من أحد المسؤولين الأميركيين.

وكان قد رفض طلبه المقدم بموجب مخطط “سياسة نقل ومساعدة الأفغان” Afghan Relocations and Assistance Policy (Arap) الذي وضعته وزارة الدفاع البريطانية، بحجة أن دوره في إطار مهامه كطيار، “لم يكن ليجعل العمليات البريطانية في أفغانستان أقل فعالية أو أقل نجاحاً على المستوى المادي”.

وقد أعلن وزير الدفاع جيمس هيبي أن أفراد القوات الجوية الأفغانية لن يكونوا مؤهلين “من حيث المبدأ” للاستفادة من المخطط، لأنهم لم يكونوا جزءاً من القوات البريطانية.

ويعد هذا المحارب الأفغاني السابق أحد آلاف طالبي اللجوء الآخرين الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة، والذين قد يواجهون الترحيل إلى رواندا من جانب وزارة الداخلية البريطانية.

وجاء في البلاغ الصادر عن الحكومة، أن طلب اللجوء الذي تقدم به “غير مقبول”، لأنه سافر عبر عدد من الدول الأوروبية قبل وصوله إلى بريطانيا.

وكانت الصفقة التي كلفت 140 مليون جنيه استرليني لترحيل طالبي اللجوء من المملكة المتحدة إلى رواندا، قد اعتبرت غير قانونية في نهاية يونيو (حزيران)، لكن وزارة الداخلية البريطانية رفضت إلغاء الإشعار الذي بعثت به إلى الطيار، وبناءً عليه لا يمكن إعادة النظر في طلب اللجوء الذي قدمه.

وقد تعهد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بالطعن في قرار “محكمة الاستئناف” الذي اعتبره غير قانوني، أمام “المحكمة العليا” Supreme Court.

الرئيس السابق للجيش البريطاني الجنرال السير ريتشارد دانات، اعتبر خطة إبعاد طالبي اللجوء إلى رواندا “سياسة لا تحظى بشعبية”، وألقى باللوم على وزيرة الداخلية سويلا برافرمان “في مواصلة استنفاد ما تبقى من رصيد سياسي لحكومة ريشي سوناك” من خلال المضي قدماً في تطبيقها.

وفي تعليق على ما تقدم، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية: “في حين أننا لا نبدي الرأي في حالات فردية، إلا أننا لا نزال ملتزمين تأمين الحماية للأشخاص المعرضين للخطر الفارين من أفغانستان. وقد أعدنا حتى الآن نحو24500 شخص تأثروا بالوضع هناك، إلى المملكة المتحدة”.

وختم بالقول: “نحن نواصل العمل مع شركاء لنا من ذوي التفكير المماثل، ومع بلدان مجاورة لأفغانستان، في شأن قضايا إعادة التوطين، وتأمين عبور آمن للأفغان المخولين لذلك”.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى