بايدن وعقدة الحرس الثوري

كتب راجح خوري في “النهار”:
كان دخان صواريخ الحرس الثوري الإيراني لا يزال يتصاعد من أربيل على تخوم السفارة الأميركية، عندما وقفت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي أمام الصحافيين، لتردّ على سؤال بالقول، إن موضوع شطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب ما زال جارياً في الوقت الحالي، وإن الوضع الحاليّ، أي تصنيف الحرس المذكور إرهابياً، لم يجعل العالم في وضع أكثر أماناً على الإطلاق!
هذه واحدة، والثانية جاءت قبل أيّام، ففيما كانت #الولايات المتحدة والدول الغربية واقعة تحت طائلة أزمة الطاقة التي تفاقمت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعدما كان الرئيس #جو بايدن يقرع أبواب فنزويلا وليبيا والجزائر وموريتانيا وعدد آخر من الدول بحثاً عمّا يعوّض فرض العقوبات التي فُرضت على النفط الروسي، كانت الصواريخ والطائرات المسيّرة التي يرسلها الحرس الثوري الإيراني الى الانقلابيين الحوثيين، تتساقط على منشآت نفطية ومدنية في المملكة العربية السعودية، في وقت كان فيه الجدال لا يزال يدور حول إمكان رفع الحرس الثوري عن لائحة الإرهاب في سياق العودة الى الاتفاق النووي مع إيران، رغم كلّ ما سبق أن قاله بايدن عند بدء المفاوضات في فيينا، عن تمسّكه باتفاق جديد يحدّ من قدرة إيران الصاروخية ومن تدخلاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وطبعاً على يد الحرس الثوري وأذرعه التي قال أحد المسؤولين في طهران عنها “إننا بتنا نملك ستة جيوش في دول المنطقة”!
مجلس الوزراء السعودي شدّد في جلسته يوم الثلثاء الماضي على أهمية أن يعي المجتمع الدولي خطورة استمرار إيران في تزويد الحوثيين بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة، وأن يضطلع بمسؤوليته في المحافظة على إمدادات الطاقة، وحثّ العالم على الوقوف بحزم ضد ميليشيات الحوثي وردعها عن هجماتها التي تشكّل تهديداً لأمن الإمدادات في هذه الظروف البالغة الحساسية، التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية، وأن المملكة لن تتحمّل أيّ نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظلّ الهجمات الحوثية على مواقع إنتاج البترول والغاز ومشتقاتهما، مذكّراً بأهمّية الدور الجوهري لاتفاق أوبك في استقرار أسواق النفط.
المضحك المبكي أن توزّع وزارة الخارجية الأميركية تصريحات قالت إن هجمات الحوثيين على السعودية تمثّل تهديداً خطيراً للاقتصاد العالمي، وفي الوقت عينه دانت السفارة الأميركية في السعودية الهجوم الذي ألحق خسائر بالبنية التحتية في جنوب وغرب المملكة، ودعت الحوثيين الى وقف محاولاتهم العنيفة لعرقلة التوصّل الى حلّ سلمي للصراع في اليمن بإشراف الأمم المتحدة، مؤكدة التزام الولايات المتحدة الراسخ بدعم الدفاع عن المملكة، كل هذا في الوقت الذي تحاول فيه إدارة بايدن بكلّ الوسائل إخراج الحرس الثوري من لائحة الإرهاب الدولي رغم أن كلّ ما يحصل هو من تخطيطه وتنفيذه!
المستشار في شؤون الطاقة الدكتور فيصل الفايق قال إن العالم لم يشهد مرارة انقطاع النفط ومشتقاته من السعودية، التي هي أكبر مصدّر للنفط بواقع سبعة ملايين برميل يومياً، فكيف ستكون الحال إذا تسبّبت هذه الهجمات بانقطاع إمدادات النفط عبر البحر الأحمر الى أوروبا؟ ربّما على بايدن الذي تحكمه عقدة العودة الى الاتفاق النووي بأيّ ثمن أن يردّ على هذا!