بالصور… “ببغاء الدرّة” طائر استوائي في شباك صيادي غزة
قُرب الحدود الشرقية لمدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، وسط الأراضي الزراعية، ينصُب صيادو الطيور شباكهم في محاولة منهم لإمساك طيور ببغاء الدرّة، التي تتميز بلونها الأخضر ومنظرها الأخّاذ.
هذه الطيور التي لها القدرة على تقليد الكلام، تسللت من موطنها الأصلي “الهند” والمناطق الاستوائية، لتبني مستعمرات لها في الخارج، بحسب خبير تحدث لوكالة الأناضول.
وفي السنوات الأخيرة، انتشرت هذه الطيور في الطبيعة بقطاع غزة، حيث بات السكان يشاهدونها عبر نوافذ منازلهم وفي الأراضي الزراعية بين الأشجار.
وبسبب منظرها الجميل وقدرتها على الكلام بعد الترويض والتلقين، وفي ظل انتشارها بغزة، بات هواة الطيور يعكفون على صيدها لبيعها في الأسواق للأشخاص المولعين بتربية الطيور.
ومع بزوغ أشعة الشمس، يتوجّه صياد الطيور خالد النجار (28 عاما)، إلى المنطقة الحدودية بشكل يومي، لاصطياد “ببغاء الدرّة”.
ينصب النجّار شباكه هناك مستخدما تكتيكا لجذب هذا النوع من الطيور لإيقاعها، وذلك من خلال وضع طيرين من “ببغاء الدرّة” قرب الشِباك وتثبيت أقدامهما بحبل يُمسك هو بطرفه.
يضع النجّار هذين الطائرين قرب أزهار دوّار الشمس، الغذاء المُفضّل لـ”ببغاء الدرّة”، ويعكف على تحريك الحبل بين فينة والأخرى لإجبار الطائرين على الحركة، لجذب الطيور الأخرى من ذات الفصيل.
وفور وقوع أحد الطيور في فخ “النجّار”، يسحب مباشرة حبلا آخرا يمدّه إلى قربه موصولا بشبك الصيد لإغلاقها على الطائر وضمان الإمساك به.
يضع النجّار الطائر الذي اصطاده في قفص صغير، ويبقى يكرر هذه التجربة، حتّى يصطاد أكبر عدد من الطيور في الفترة التي يمكث بها في هذه المنطقة.
لكن، في بعض الأحيان يعود النجّار، كما يقول لوكالة الأناضول، خالي الوفاض إلى منزله دون أي صيدٍ يذكر.
ويضيف: “إنه يخرج يوميا إلى هذه المنطقة، التي تبعد نحو 500 متر عن السياج الأمني الفاصل عن إسرائيل، لاصطياد هذا النوع الجميل من الطيور”.
ويوضح أن الناس يحبون تربية هذا النوع من الطيور داخل منازلهم لـ”مظهره الجميل سواء بسبب لونه الأخضر أو قدرته على تقليد الكلام”.
ويذكر أن هواة صيد الطيور، يبدأون بصيد “ببغاء الدرة”، سنويا من مطلع شهر إبريل/ نيسان وحتى أكتوبر/ تشرين الأول حيث يبدأ هذا الطائر بالاختفاء.
ويشير إلى أنه اتخذ، منذ سنوات طويلة، من صيد الطيور “مهنة له” في ظل ندرة توفّر فرص العمل، وتردّي الأوضاع الاقتصادية.
ويستكمل قائلا: “هذه المهنة تساعدني وعائلتي المكوّنة من 4 أفراد على الاستمرار في الحياة، لكنها لا توفّر كافة المستلزمات الأساسية”.
ويضيف أن ثمن الزوج الواحد من طائر ببغاء الدرّة يتراوح بين (12 إلى 15) دولارا أمريكيا.
ومنذ عام 2007، تفرض إسرائيل حصارا على سكان قطاع غزة، نجم عنه تدهور كبير في الأحوال الاقتصادية والمعيشية.
وبحسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، في نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2021، فإن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت أكثر من 50 بالمئة.
طائر غازي
يصف الدكتور عبد الفتاح عبد ربه، أستاذ العلوم البيئية في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، ببغاء الدرّة بـ”الطائر الغازي”.
ويقول: “قبل نحو 20 إلى 30 عاما، كان هذا النوع من الطيور يتواجد في الهند والمناطق المدارية، وانتقل منها إلى المناطق الأخرى، وبنى مستعمرات له في الطبيعة”.
ويستكمل: “تمكّن هذا النوع من الطيور بالاستيطان في الدول الأوروبية والشرق الأوسط”.
ويتغذى هذا الطائر، بحسب عبد ربه، على “الأعشاب والبذور والفواكه، متسببا في بعض الأوقات بأضرار للمزارعين”.
ويوضح أن ببغاء الدرّة، لا يعدّ من الطيور المُهاجرة والتي وصلت إلى قطاع غزة، إنما من “الطيور الغازية، التي بنت لها مستعمرات في الطبيعة”.
ويزيد: “يفضّل ببغاء الدرّة العيش في الأماكن الحضرية والقريبة من الإنسان، خاصة وأنه أليف قابل للترويض وتعلّم الكلام”.
ويشير عبد ربه إلى بعض سلبيات هذا النوع من الطير، حيث يقول إنه يهاجم أحيانا أعشاش الطيور المختلفة، خاصة الهدهد لاحتلالها.
لكنه في أحيان أخرى، يصنع الجحور ويتركها لتعيش بها طيور أخرى، بحسب عبد ربه.
ويوضح الخبير الفلسطيني أن هذا الطائر يتواجد بأعداد كبيرة للغاية في أراضي فلسطين التاريخية (أراضي السلطة الفلسطينية وإسرائيل)، بحسب ما وثّقته دراسات، وأصبح جزءا من التنوع الحيوي الفلسطيني.
وقبل سنوات، قالت إسرائيل في تقارير بيئية لها إن “أعدادا كبيرة من هذا الطير، تتواجد داخل أراضيها”.
(الأناضول)