
حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
يبدو ان الرهان على امكانية انتخاب رئيس للجمهورية يكون ثمرة حوار برعاية فرنسية في ايلول بدأ في التراجع، وأن الزيارة المقررة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان ربما يتأخر موعدها عن العاشر من الشهر المقبل ، بعد ان لمست باريس ان الظروف في بيروت وعلى المستويين الاقليمي والدولي لم تنضج بعد، وذلك بفعل اشتداد الكباش الاميركي – الايراني على الساحات كافة بدءا من اليمن فالعراق، مرورا بسوريا فلبنان ،وصولا الى فلسطين ، بمعزل عن الحوار غير المباشر بينهما والذي انتهى الى الافراج عن عدة مليارات ايرانية موجودة في مصارف بعض الدول كالعراق وكوريا مقابل ان تفرج طهران عن عدد من السجناء الاميركيين الموجودين لديها.
ووفق المعلومات التي تسربت الى بيروت من العاصمة الفرنسية ان موفد الرئيس ماكرون لا يملك بعد اي معطى ايجابي يمكن ان يؤسس عليه لفتح ثغرة في جدار الازمة الرئاسية وان ما وصله من اجوبة على اسئلته الرئاسية بقي غير كاف لإنجاح مهمته وبالتالي فان الفرنسيين ليس في واردهم الفشل والتنحي عن المهمة التي يقومون بها في سبيل ملء الفراغ الرئاسي الذي يشكل استمراره مدة طويلة بالنسبة لهم ضربة قاضية لكل المؤسسات الدستورية في لبنان، بما يعنى خلخلة بنية النظام وتحلل تدريجي للدولة وهو ما لن تسمح به باريس من موقعها في المنطقة ومن منطلق علاقتها المتينة على مدى عقود من الزمن مع لبنان التي اصبحت بالنسبة له بمثابة الأم الحنون.
ويقول مطلعون على مسار خطوط التواصل حول الشأن الرئاسي بأن اللغم الكبير الذي يعترض مسألة التفاهم على انتخاب رئيس هو هذا الكباش الاميركي – الايراني حول ملفات المنطقة وان استمرار هذا الكباش يعني انه لن يكون هناك انتخاب رئيس للجمهورية اقله خلال الاشهر المتبقية من هذا العام .
ويضيف هؤلاء: ان الاميركي يريد فتح حوار مع ايران حول لبنان، وكان الرد الايراني ولا يزال ان ايران لا تتدخل مباشرة بالملف اللبناني وهم يحيلون اي جهة تسألها عن موقفها من الاستحقاق الرئاسي على “حزب الله” وتقول لهم حاوروا الحزب وما يقبل به هو نحن نقبله فورا ومن دون تردد، مشيرين الى ان الاميركي الذي نجح في استعادة المبادرة في اوروبا من خلال الحشد الى جانب اوكرانيا في الحرب مع روسيا ، عاد للمزاحمة على نفوذ المنطقة والتضييق ما امكن على كثير من الملفات الموجودة ، تعبيرا عن استيائه من التقارب الايراني – السعودي الذي حصل خارج ارادته ومن دون موافقته.
وفي تقديرهم ان فرنسا ستستبق زيارة لودريان الثالثة الى بيروت باجراء مروحة من الاتصالات والمشاورات مع “اللجنة الخماسية” ومع ايران وربما سوريا ايضا ، لكي تكون الصورة أوضح لديها ، ولكي تبلور افكاراً معينة مستخلصة من مواقف هذه الدول لكي يطرحها الموفد الفرنسي في بيروت علّها تُعبد الطريق امام تفاهم على انجاز الاستحقاق الرئاسي في غضون الشهرين المقبلين ، لأن المناخات الموجودة إن في لبنان او المنطقة غير مشجعة وان إطالة آمد الفراغ سينعكس سلباً على مجمل الوضع اللبناني، وهو ما يتنبه اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يكرر امام زواره وجوب ان يكون لدينا رئيس من الان وحتى تشرين المقبل.
اما في شأن الحوار القائم بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” فيؤكد هؤلاء المطلعون على ان النائب جبران باسيل الذي شكل لجنة من خمسة اشخاص مهمتها التفاوض مع “حزب الله” حول عدد من الملفات وفي مقدمها رئاسة الجمهورية يحاول تقطيع الوقت الى حين نهاية ولاية قائد الجيش جوزاف عون ليعود التفاوض حصراً بينه وبين سليمان فرنجية، وفي حال رسيت الامور على فرنجية لينتخب رئيساً ، فانه يطالب بضمانات ان يكون هو الرئيس بعد انتهاء ولاية فرنجية غير ان الحزب اكد انه لا يعطي ضمانات لأي كان بعد 6 سنوات .