باسيل يفتح لميقاتي “ملفات مالية”…
ملاك عقيل- اساس ميديا
“ولعِت” بين الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر. تكمن أهميّة الأمر في توقيت انفجار الخلاف عشيّة تأليف الحكومة، وليس في المضمون، ما دام ميقاتي، في نظر العونيّين، شريكاً دستوريّاً “غير مرغوب به” منذ التجربة الحكومية غير المشجّعة معه عام 2011، وصولاً إلى رفض تكليفه في آخر حكومات العهد “وما قبلها”. وفي المقابل يرى ميقاتي أنّ جبران باسيل “شرّ مطلق يفترض أن ينتهي “عهده” مع انتهاء عهد ميشال عون”.
صارت لائحة الاتّهامات المتبادلة بين الطرفين أكبر من أن تُضبَط رقعة “زيتها”. كان آخر تجلّياتها أبعد من تأليف الحكومة، وتمثّل في اتّهام فريق ميقاتي لباسيل شخصيّاً بإعادة تحريك جهات إعلامية يمون عليها للملفّ المتعلّق بحركة مشبوهة لأموال ميقاتي وعائلته في إمارة موناكو بعد محاولة “الحركشة” بهذا الملف في آذار الماضي من خلال تسريب خبر تبلُّغ وزارة العدل طلب معونة قضائية من إمارة موناكو تتعلّق بملفّات ماليّة لآل ميقاتي في الإمارة.
لم يصدر أيّ موقف من حزب الله يعترض على ما اعتبره عون وباسيل تهميشاً ممنهجاً من قبل ميقاتي لموقع رئاسة الجمهورية و”تعدّياً” على التوازنات داخل الحكومة
تعتبر مصادر ميقاتي أنّ الأمر “يأتي في إطار الابتزاز السياسي، مع العلم أنّ هناك مراسلة رسمية وحيدة في هذا الشأن من موناكو أتت ردّاً على طلب لبناني قضائي سابق في شأن القروض التجارية المدعومة التي حصل عليها أفراد من عائلة ميقاتي، وانتهى الأمر بالردّ على الاستفسارات المطلوبة، ثمّ أُقفل الملفّ”. وقد سبق للقاضية غادة عون أن أعلنت أنّها لم تراسل سلطات موناكو في شأن حركة الأموال المشبوهة لميقاتي.
أين الحكومة؟
لقد بات تأليف الحكومة فعليّاً مُحاصراً بالخلاف المُستحكِم بين ميقاتي ورئاسة الجمهورية، وخلفها باسيل. وتكمن أهميّته في وقوف رئيس مجلس النواب بالكامل إلى جانب الرئيس المكلّف، فيما يقف حزب الله في المنطقة “الرماديّة”. وقد تُرجم هذا الواقع من خلال تلميح رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد إلى مسؤولية مشتركة في تأخير تأليف الحكومة، داعياً إلى “عدم تضييع الوقت ومن دون تنافس على زيادة حصّة من هناك أو زيادة حقيبة من هنالك”، معتبراً أنّ “ما نحن فيه اليوم يدفعنا إلى تجاوز الكثير من العقبات والمعوّقات والإسراع في تشكيل الحكومة، تمهيداً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية”. أمّا نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم فدعا الجميع “إلى تدوير الزوايا”.
من جهة أخرى، لم يصدر أيّ موقف من حزب الله يعترض على ما اعتبره عون وباسيل تهميشاً ممنهجاً من قبل ميقاتي لموقع رئاسة الجمهورية و”تعدّياً” على التوازنات داخل الحكومة من خلال اعتماد مداورة جزئية تستهدف التيار الوطني الحر فقط.
هكذا باتت الاتّهامات بين ميقاتي والعونيين مادّة لتسعير الخلاف حول تأليف الحكومة:
– يتّهم باسيل الرئيس المكلّف بالقضاء على آخر فرصة إنقاذية من خلال المشاركة عمداً، بالتنسيق مع الرئيس نبيه برّي، في تقديم تشكيلة “إكسبرس” تجاوز فيها الشرط الدستوري القاضي بالتشاور مع رئيس الجمهورية حيالها، واستنسب التغيير في وزراء رئيس الجمهورية من دون أخذ رأيه. ووصف باسيل التشكيلة بأنّها مُشبّعة بالاستفزاز والإقصاء لأنّها تنتزع حقيبة أساسية هي الطاقة من يد المسيحيين ومن فريق سياسي له تمثيله الوازن ليكون البديل إعطاء وزارة الاقتصاد إلى أرمني ونقل التمثيل الأرثوذكسي من حقيبة الطاقة إلى حقيبة المهجّرين عبر توزير النائب من كتلة “الاعتدال الوطني” سجيع عطية، إضافة إلى التهرّب من إعطاء أجوبة صريحة في موضوع النازحين وملفّ رياض سلامة وترسيم الحدود وخطّة التعافي المالي. ويذهب بعض القريبين من باسيل إلى حدّ التلويح بمقاضاة رئيس حكومة تصريف الأعمال على ارتكاباته التي قد يُكشف جزء منها من خلال ملفّات التحقيق المفتوحة مع رياض سلامة أو من خلال التدقيق الجنائي، مع تحميل ميقاتي مسؤولية العرقلة منذ حكومته الأولى عام 2011 لخطة الكهرباء.
– أمّا ميقاتي فلن يمنح باسيل أيّ مكتسبات إضافية في الحكومة، رافضاً بشكل قاطع تسمية أيّ وزير مقرّب من رئيس التيار لحقيبة الطاقة من دون التشبّث بالضرورة بتعيين سنّيّ لهذه الحقيبة، إضافة إلى رفضه توسيع الحكومة إلى 30 وزيراً، وإصراره على التعاطي مع باسيل بوصفه “مقاطِعاً للحكومة” تماماً كالقوات والكتائب على قاعدة “ما إلو معي شي”. ويحاول ميقاتي التعويض عن مقاطعة الأحزاب المسيحية وقوى التغيير لحكومته وإلغاء باسيل من المعادلة الحكومية في مرحلة الأمتار الأخيرة من عهد ميشال عون (بوصفه ممثّل المسيحيين) بمحاولة توفير غطاء مسيحي شامل من المرجعيات الروحية. وقد بدأ يوم السبت بزيارة إلى الديمان للقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي واستكمل جولته أمس بلقاء المطران الياس عودة.