باسيل “دونكيشوت” في عصر الإنترنت
كتب امين القصيفي في موقع القوات اللبنانية:
“الأعمى من لا يريد أن يرى لا فاقد البصر”. للوهلة الأولى، قد ينطبق هذا القول على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في نفيه لوجود احتلال إيراني للبنان. لكن إنكار باسيل لا يتأتى من فقدانه البصر، بل لأهداف سلطوية ومصلحية شخصية، على حساب المصلحة اللبنانية العليا.
وفي هذا السياق، تسخر شخصية سياسية مخضرمة، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، من “البطولات الدونكيشوتية الكرتونية التي يدَّعيها بخفّة لافتة رئيس التيار الوطني الحر، محاولاً شدَّ عصب ما تبقى من تياره ورفع معنوياته المنهارة، ومعتقداً أنه لا يزال بإمكانه تمرير الكذب، على طريقة (اكذب اكذب سيعلق شيء ما في أذهان الناس)”.
وتلفت المصادر ذاتها، إلى أن “باسيل يحاول المستحيل لترميم وضعيته الشخصية ووضعية تياره، بعد التراجع الكبير لشعبيته ومؤيديه منذ وصول رئيسه السابق النائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وطريقة إدارة الدولة والتخلِّي عن قرارها السيادي لمصلحة حليفه حزب الله ورهن القرار الوطني لصالح محاور خارجية على حساب مصلحة اللبنانيين، والتي كان لباسيل شخصياً اليد الطولى فيها، ما وضع لبنان في عزلة دولية غير مسبوقة في تاريخه وأوصله إلى الانهيار”.
والمضحك المبكي، بالنسبة إلى المصادر نفسها، التي عايشت انطلاقة العماد عون السياسية في الثمانينيات وتابعت مسيرته حتى اليوم، هو “إنكار باسيل وقوله بأن لا احتلال إيرانياً للبنان، مدعياً عنتريات خنفشارية بأن تياره سيكون أول من يواجهه عندما سيركع أمامه الآخرون، كما واجه الاحتلال الإسرائيلي والوصاية السورية “، معتبرة أن “باسيل يظن أننا في ثمانينيات القرن الماضي حين لم يكن هناك إنترنت وفيسبوك وتويتر وغيرها، وحيث كان يمكن تمرير الكذب والبروباغندا الغوبلزية، إلى حين، على بعض البسطاء”.
وتضيف، “يومها انطلت الأكاذيب على بعض الناس حول تحرير لبنان من الاحتلال السوري وتكسير رأس حافظ الأسد، فيما الجميع يعلم من هم المقاومون الذين حطَّموا الأسد واحتلاله وحفظوا لبنان بالفعل والتضحيات لا بالقول والشعارات الكاذبة، ومَن الذي هرب بعد دقائق من انطلاق المعركة تاركاً جيشه فريسةً في فم الأسد، متخلِّياً ولا يزال عن جنوده المخطوفين المرميين في أقبية التعذيب عند حليفه بشار الأسد. والحقيقة ظهرت اليوم وتوضَّحت الأهداف السلطوية أمام الناس والتاريخ، وكشفت الأيام عن أن العماد عون أطلق الشعارات في النهار وبعث الرسائل إلى الأسد في الليل، متمنياً أن يكون جندياً صغيراً في جيشه العظيم، كما كشف الوزير السابق محسن دلول”.
وتعتبر المصادر، أن “تشويه الحقائق لم يعد يمر في يومنا هذا. وحكاية عودة العماد عون من باريس بصفقة أبرمها مع النظام السوري ورستم غزالة وجميل السيد وإميل لحود لشق الصف السيادي في العام 2005 على أبواب الانتخابات النيابية، باتت معروفة ومنشورة في كتب عدة. وتحالف السلاح ـ الفساد الذي أوصل لبنان إلى جهنم، كان للتيار الوطني الحر، وخصوصاً باسيل، المسؤولية الأساس فيه، جراء ارتمائه في أحضان محور الممانعة منذ العام 2006 وتخلِّيه عن القرار الاستراتيجي للدولة مقابل منحه السلطة والمغانم والمنافع”.
وتؤكد، أن “ورقة باسيل مقطوعة بالنسبة لمعظم اللبنانيين، خصوصاً منذ انطلاق ثورة 17 تشرين وتصدُّره لائحة الهتافات والشعارات التي أطلقها الثوار محمِّلين إياه والعهد المسؤولية الأولى عن انهيار الوضع، وقطع علاقات لبنان مع العالم وعزله في ما يسمى محور الممانعة. فضلاً عن الانطباع العام السائد لدى معظم الشعب اللبناني عن شبهات فساد وصفقات وسمسرات تحوم حوله، على سبيل المثال لا الحصر في ملف الكهرباء والسدود، وهو يرزح بالفعل تحت العقوبات الأميركية جراء اتهامات وتحقيقات حول ضلوعه بالفساد”.
وتقول، “الأحرى بباسيل الذي يتهم خصومه بأنهم يأخذون المال السياسي من الخارج ليكونوا أداة لدول وأجهزة مخابرات خارجية، أن يتصدَّى لحليفه حزب الله الذي يفاخر بأن ماله وأكله وشربه وكل ما لديه هو من إيران، وأنه جندي في جيش الولي الفقيه. ولكان واجه المسؤولين الإيرانيين الذين يفاخرون تكراراً بأن عاصمة لبنان بيروت تحت سيطرتهم وأن طهران باتت تملك حدوداً مع إسرائيل”.
وتسأل، “ألهذه الدرجة يستحقر باسيل عقول اللبنانيين ويستغبيهم؟ وهل يريدنا أن نصدِّق عنترياته وادعاءاته بمواجهة الاحتلال الإيراني؟”، مؤكدة، أن “هذه من سابع المستحيلات، وقديماً قيل (من استغبى الناس كان أغبى الناس). فباسيل بات مكشوفاً على حقيقته، وتياره، العارية، بعد تجربتين في الحكم طُبعتا بالخراب والدمار والانهيار. والجميع يعلم أن السيادة والقرار الوطني الحر آخر هموم باسيل، بالأدلة الدامغة القاطعة وبالتجربة الماثلة منذ اتفاقية مار مخايل”.
وتضيف، “سقطت كل الأخاديع والأضاليل والشعارات، فقضية باسيل الأساس تبقى السلطة والكراسي ولو جاعت الناس وما عادت تجد حبة دواء، ولو ضاع لبنان. فهل سيواجه حليفه ووليّ نعمته في السلطة والمنافع؟ وهل يريدنا أن نصدِّق توبةً وصحوة ضمير متأخِّرة وأنه سيتصدَّى للاحتلال الإيراني للبنان الذي يقوده حليفه الاستراتيجي حزب الله، كما يقول، وهو الذي أسلس له السيطرة على الدولة بكل مرافقها ومرافئها وحدودها وتركها مستباحة للسلاح والمسلحين يسرحون ويمرحون ذهاباً وإياباً، وللتهريب المنظم الذي ساهم في تسريع الانهيار وضياع 17 مليار دولار من ودائع الناس خلال سنتين على دعم المهربين؟”.
وتشدد المصادر، على أن “هذه الحقائق، وغيرها كثيرة، التي يدركها جميع اللبنانيين وكل المراقبين وأصدقاء لبنان في العالم، وحده باسيل يتذاكى بنكرانها، ويقول، إذا وُجد الاحتلال الإيراني!”، معتبرة أن “لا مفاجأة في ذلك، فهذا ديدن التيار الوطني الحر منذ نشأته، شعارات طنانة رنانة للخداع والتمويه وإعماء الأبصار، بهدف الوصول إلى السلطة مهما كان الثمن باهظاً، حتى ولو كان إيصال لبنان إلى الجحيم، المهم هذه الأنا القاتلة، ولو صار الوطن والدولة خراباً”.
“لكن هيهات أن ينجح باسيل في تجديد الكذبة الأسطورة، بعد الصحوة الشعبية التي تجسَّدت غضباً في 17 تشرين والتي يخشى باسيل ترجمتها في الانتخابات النيابية المقبلة”، تقول المصادر. وتضيف، “لعل باسيل يدرك ذلك في أعماقه، من هنا لا يجد سبيلاً لشدِّ عصب من تبقى من أتباعه إلا بمواصلة نهج الأضاليل وبث الأحقاد والاتهامات الباطلة للآخرين. فضلاً عن حماية وتغطية سنده وحليفه الأساس الذي يبقيه على قيد الإنعاش السياسي، أي حزب الله”.
وبرأي المصادر عينها، أن “باسيل أراد عبر نفيه وجود احتلال إيراني، على الرغم من أنه موصوف ومشهود، إيصال رسالة إلى حزب الله مفادها أنه مستعد لتغطيته إلى النهاية، حتى إلى نهاية لبنان، مقابل تجديد الحزب لتفاهم مار مخايل القائم على مبدأين: السلطة والمنافع والمكاسب منك لي، والغطاء لمشروعك الإقليمي ولسلاحك وسيطرتك على الدولة وأخذ لبنان رهينة للمحور الإيراني منِّي لك”، معتبرة أن “لعبة باسيل مكشوفة فضلاً عن أنها خفيفة، والحساب آت في الانتخابات”.
(القوات اللبنانية)