اندفاع العراق نحو العالم يجعله يستعيد نفوذه

العراق أعظم جائزة للغرب، وقد أثبت أنه كنز من الطاقة لا يمكن تفويته سواء للغرب أو للشرق، إلى جانب موقعه الجغرافي المهم والجاذب في قلب الشرق الأوسط.
بعد سقوط نظام صدام عام 2003، تمكن العراق من إعادة ترسيخ وجوده السياسي ومحاولة فرض نفوذه على علاقاته في المنطقة من خلال شبكة عنكبوتية من العلاقات السياسية والاقتصادية والتبادل التجاري بينه وبين الدول الإقليمية والعالم. لذلك ازدادت وتيرة العلاقة والمصالح الاقتصادية بينه وبين الغرب، ما يجعلنا نسلط الضوء على المشاركة الغربية المتزايدة في قطاع الطاقة المهم والحيوي في العراق، الأمر الذي أدى إلى زيادة التأثير السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعراق في عموم القضايا العربية وساعد في إشعال شرارة التحول الديمقراطي وتأثيره على الوضعيْن الإقليمي والدولي.
يمكن القول إن الغرب خسر في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، والذي تركز هذه المرة حول غزة. وخسر الإسرائيلي لأنه في الوقت الحاضر لم تستطع إسرائيل إقناع العالم وحلفائها الرئيسيين بإثبات قدرتها على تحقيق نقاط قوة أو على الأقل إعلان نصر أثناء الصراع مع الفلسطينيين أو اللبنانيين وفتح جبهتين في آن واحد، أو أن يكون لواشنطن تأثير في الصراع الروسي – الأوكراني. ويبدو أن الغرب لم يتمكن من فعل شيء في هذا الصراع الذي يتركز بعضه في الشرق الأوسط أو كان خارج منطقة نفوذه التي ركز فيها على تايوان.
◄ حالة الانفتاح التي يمارسها العراق على العالم تعزز فرص نفوذه في المنطقة وتجعله محطة من محطات التفاهم والحوار بين مختلف الدول الإقليمية والدولية
لقد أثبتت الإطاحة السريعة وغير المتوقعة بالنظام السوري أن الولايات المتحدة وحلفاءها ما زالوا قادرين على تغيير الأنظمة وحشد ونشر مجموعة واسعة من الأصول السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستخبارية لإزالة زعيم حكم سوريا لفترة طويلة الأمد، ليس من خلال الأدبيات الديمقراطية التي ينادون بها، بل من خلال التآمر وحشد القوة الظلامية والخارجة عن القانون. كما أنهم أظهروا أنهم قادرون على قلب توازن القوة الراسخ منذ فترة طويلة عند الضرورة. وهذه دروس بسيطة وقوية يمكن أن تستفيد منها دول مثل الصين وروسيا وإيران وجميع اللاعبين الرئيسيين الآخرين في الشرق الأوسط.
العراق عقد مؤخرا العديد من الاتفاقيات مع الشركات البريطانية، وتحديدا مع شركة شل لمناقشة فرص توسيع التعاون بين العراق وشركة الطاقة العملاقة، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم بين بنك ستاندرد تشارترد البريطاني والمصرف العراقي للتجارة، إلى جانب اتفاقيات أخرى في مجال المياه والبنى التحتية، فضلا عن التعاون التعليمي وتبادل البعثات الأكاديمية، واتفاقية أخرى مع شركة هاليبرتون لتطوير حقلي نهر ابن عمر وسندبان النفطيين.
يعد العراق أعظم جائزة للغرب في الشرق الأوسط بسبب الاحتياطي النفطي المهول الذي يمتلكه والذي يعد الأرخص في المنطقة. وأثبت العراق أنه كنز من الطاقة لا يمكن تفويته سواء للغرب أو للشرق، إلى جانب موقعه الجغرافي المهم الجاذب في قلب الشرق الأوسط.
حالة الانفتاح التي يمارسها العراق على العالم تعزز فرص نفوذه في المنطقة وتجعله محطة من محطات التفاهم والحوار بين مختلف الدول الإقليمية والدولية. وهذا فعلاً ما تحقق خلال السنوات القليلة الماضية في حلحلة الكثير من الملفات العالقة بين دول المنطقة، ويجعله يأخذ مكانه الطبيعي في تهدئة المنطقة وإبعاد العراق عن ساحة الصراع ليكون نقطة الالتقاء لا ساحة صراع.
المصدر: العرب