انتخابات كندية غير عادية

توجّه الكنديون أمس إلى صناديق الاقتراع لانتخاب البرلمان الكندي الخامس والأربعين (343 نائباً)، في أول انتخابات تجري، فيما تجتاز علاقات كندا مع جارتها الجنوبية، الولايات المتحدة، وشريكتها التجارية الأولى، أزمة معقدة غير مسبوقة، على خلفية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الكثير من الواردات الكندية، بعد أن كان قد هدّد بفرضها منذ ما قبل تسلم مهامه الرسمية، وأيضاً بسبب كلامه المتواصل عن أن كندا يجب أن تكون الولاية (ال 51) للولايات المتحدة.
تتنافس أربعة أحزاب رئيسية في هذه الانتخابات هي: الحزب الليبرالي، والحزب المحافظ، والحزب الديمقراطي الجديد، والكتلة الكيبيكية.
وكان رئيس الحكومة الكندية مارك كارني الذي تولى منصبه بعد استقالة رئيس الحكومة السابق جوستان ترودو يوم السابع من كانون الثاني/ يناير الماضي، دعا إلى انتخابات مبكرة يوم 28 الحالي، لاختيار البرلمان الجديد. يذكر أن ترودو استقال على خلفية الأزمة مع الولايات المتحدة، وبسبب تراجع دعم الحزب الليبرالي له، وتقدم حزب المحافظين بقيادة بيير بوليفيير، فضلاً عن استقالة نائبته كريستيا غريلاند احتجاجاً على سياساته.
سوف يحاول الحزب الليبرالي بزعامة كارني الاحتفاظ بالسلطة لفترة ثالثة، على الرغم ممّا يمثله حزب المحافظين من تحدٍّ، من خلال محاولة سد الثغرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أحدثتها سياسات ترودو، وأحدثت قلقاً شعبياً خصوصاً مع ارتفاع تكاليف المعيشة، وأزمة الإسكان وتدني مستوى الرعاية الصحية والتعليم، إضافة إلى تفاقم أزمة الديون.
لذلك عمد كارني الذي عمل محافظاً لبنك كندا من عام 2008 إلى عام 2013، ثم حاكماً لبنك إنجلترا من عام 2013 إلى عام 2020، إلى إطلاق سلسلة من الوعود في محاولة لاسترداد شعبية الحزب، من بينها تخفيض معدل الضريبة الهامشي على الشريحة الأولى من الدخل بنقطة مئوية واحدة، ما يوفر على الأسرة التي تعتمد على راتبي شخصين 835 دولاراً في السنة.
وبشأن الرسوم الأمريكية الجديدة قال كارني، إنه بحاجة إلى «تفويض شعبي» للتعامل مع تهديدات الرئيس الأمريكي الذي يريد «تحطيم كندا حتى يتمكّن من امتلاكنا.. لن ندعه يفعل ذلك».
وبرغم انقسام الكنديين حول من هو الأجدر على قيادة كندا في المرحلة المقبلة، فإن استطلاعات الرأي أظهرت تقدّم الحزب الليبرالي بقيادة كارني بحصوله على 43 في المئة من احتمالات التصويت، مقابل 38.9 في المئة للمحافظين، و8 في المئة للديمقراطيين الجدد، و6 في المئة للكتلة الكيبيكية، بينما نال حزب الخضر 3 في المئة، وحزب الشعب 1 في المئة. ووفقاً لهذه النتائج فإن الحزب الليبرالي قد يفوز ب 190 مقعداً، مقابل 125 مقعداً لحزب المحافظين.. وبالتالي فإن كارني هو الأفضل حظاً لتولي منصب رئاسة الوزراء خلفاً لترودو.
وعلى هامش هذه الانتخابات جرت جهود لتوحيد أصوات المسلمين (نحو 5 في المئة من عدد السكان)، وتمّ رصد منصات انتخابية لهذا الغرض، ووقعت أكثر من 100 منظمة إسلامية في جميع أنحاء البلاد بياناً مشتركاً يحث المسلمين على التصويت، «للدفاع عن العدالة وحقوق الإنسان لكل الشعوب، سواء في كندا أو في فلسطين»، والدعوة إلى «رفض كل أشكال القمع والإسلاموفوبيا والمساس بالحريات في كندا، والاهتمام بكل القضايا التي تؤثر في الضعفاء في المجتمع الكندي مثل العمل والسكن».
المصدر: الخليج.




