رأي

انتخابات تشريعية.. هل تعرقل جدول أعمال رئاسة إسبانيا للاتحاد الأوروبي؟

جاء في تقرير ل برند ريغرت وعارف جابو في صحيفة “دير شبيغل”:

بعد توليها الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي (في الأول من يوليو/تموز)،ستشهد اسبانيا انتخابات تشريعية مبكرة ، ولا يعرف فيما إذا كان رئيس الوزراء الاشتراكي الحالي، بيدرو سانشيز، سيفوز في الانتخابات ويبقى في منصبه أم لا. فاستطلاعات الرأي تشير إلى تقدم المحافظين. ويمكن للمحافظين أن يتحالفوا مع اليمين الشعبوي، ويحصلوا على مقاعد في البرلمان أكثر من تحالف اليسار بقيادة سانشيز، الذي دعا بنفسه إلى انتخابات مبكرة

سانشيز يقلل من تأثير الانتخابات على رئاسة إسبانيا لمجلس الاتحاد الأوربي، وصرح في مدريد أوائل شهر يونيو/ حزيران أن “الديقراطية ليست مشكلة أبدا، إنها ليست المرة الأولى في أوروبا التي تجرى فيها الانتخابات خلال رئاسة الاتحاد الأوروبي. وكان هناك تغيير حكومي أيضكلام سانشيز صحيح، لكن إلى حد ما. ففي عام 2022 جرت انتخابات في فرنسا وترشح ماكرون للرئاسة خلال رئاسة بلاده الدورية لمجلس الاتحاد الأوربي. وفي جمهورية التشيك سقطت الحكومة عام 2009 في الفترة التي كان ينبغي أن تقود فيها الاتحاد الأوروبي.لكن إجراء انتخابات وإمكانية تغيير حكومي في بداية الرئاسة الدورية لمجلس لاتحاد الأوربي التي تستمر ستة أشهر، أمر استثنائي جدا. لذلك قام سانشيز الذي يقود حملته الانتخابية، بتأجيل ظهوره أمام  البرلمان الاوروبي .

إذ كان ينبغي أن يعرض برنامجه لرئاسة الاتحاد في البرلمان الأوربي قبل الانتخابات التشريعية في إسبانيا. والآن سيتم هذا في سبتمبر/ أيلول بعد إجازة الصيف، وربما سيقوم بذلك رئيس وزراء آخر غير سانشيز.

ويؤكد الدبلوماسيون الإسبان في بروكسل، أن الرئاسة الإسبانية لمجلس الاتحاد الأوروبي ستجري بشكل طبيعي وكالمعتاد بغض النظر عن نتيجة الانتخابات. وعلى كل حال فإن مواضيع الرئاسة يتم تحضيرها قبل أشهر إن لم يكن قبل أعوام وبالتشاور مع الدول الشريكة بلجيكا وهنغاريا اللتين ستتوليان الرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي خلال العام القادم 2024.

حرب أوكرانيا حاضرة ومدرجة على كل اجتماعات الاتحاد الأوروبي

ويرى محللون سياسيون وصحافيون في إسبانيا، أن تغييرا حكوميا ومجيء ائتلاف حكومي مكون من المحافظين واليمينيين الشعبويين لن يؤثر على سياسة مدريد الصديقة للاتحاد الأوروبي. “خلال الأشهر الستة القادمة على إسبانيا مواجهة التحديات التي تواجهها أوروبا مباشرة، وهي كثيرة. (…) وقد أدت إسبانيا رئاستها لمجلس الاتحاد الأوروبي في الماضي بشكل مرض، وهذا متوقع الآن أيضا”، حسب ما جاء في تقرير لصحيفة “لا فانغارديا” الإسبانية حول الرئاسة الإسبانية الخامسة لمجلس الاتحاد الأوروبي منذ بداية عضويتها في الاتحاد عام 1986.

يبقى دعم أوكرانيا وصد العدوان الروسي، القضية الأهم، حسب رأي الخبيرة السياسية الإسبانية كارمي كولومينا التي شاركت في مؤتمر لمراكز الأبحاث الفكرية حول التحضير لرئاسة الاتحاد الأوربي عقد في مدريد، وقالت “إن أوكرانيا حاضرة في كل نقاش وقرار للاتحاد الأوروبي”.

ويجب أن يتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا بشأن ما إذا كانت اوكرانيا ومولدوفيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام. وترى كولومينا أن هناك تقدما أيضا لدى دول غرب البلقان التي تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وتقول “هناك زخم كبير للتوسيع، لكننا لا نعرف بعد كيف يمكننا استغلال ذلك لتحقيق شيء ما. وهذا لا يتعلق بالدول المرشحة للعضوية فقط، وإنما يتعلق بنا أيضا” وتشير بذلك إلى ضرورة إصلاح الاتحاد الأوروبي لكي يبقى قادرا على العمل حتى مع مزيد من الأعضاء.

تريد إسبانيا دفع المناقشات حول إمكانية توسيع الاتحاد الأوربي إلى الأمام، حسب ما صرح به وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريز، وقال “يجب أن نفكر بالإصلاحات التي تقود إلى المرحلة التالية من الاندماج. وكمثال على ذلك اتخاذ المزيد من القرارات بالأغلبية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية أو المالية. وخلال ذلك يجب ألا نهمل وجهات النظر الأوروبية للدول المرشحة للعضوية”. 

تريد إسبانيا إنجاز سلسلة من مشاريع القوانين الأوروبية خلال رئاستها ومن بينها إصلاح قانون الهجرة واللجوء

تريد الحكومة الإسبانية حتى نهاية العام، إنجاز سلسلة من مشاريع القوانين الأوروبية الهامة، ومنها تعديل قواعد الدين بالنسبة لمنطقة اليورو ومن القضايا المهمة الأخرى  والتي يجب مناقشتها مع البرلمان الأوروبي. هذا بالإضافة إلى التوافق على إصلاح سوق الطاقة. كما ينبغي أن يصيح الاتحاد الأوروبي أكثر استقلالية عن الصين وعودة المزيد من الصناعات الأساسية إلى أوروبا أو على الأقل الحفاظ على الموجودة هنا، حسب ما صرح به رئيس الوزراء الإسباني سانشيز في مؤتمر صحفي.

وبالنسبة للسياسة الخارجية يركز سانشيز على إعادة إحياء العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية والكاريبي. وعقد اتفاقيات تجارية مع دول مجموعة ميركوسور (البرازيل، الأرجنتين، الأورغواي، باراغواي) ومع تشيلي والمكسيك أيضا. ومن أجل ذلك من المقرر عقد قمة الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية يومي 17 و18 يوليو/ تموز في بروكسل، قبل الانتخابات الإسبانية.

وعلى عكس السويد المتقشفة، التي تولت رئاسة مجلس الاتحاد الأوربي حتى نهاية يونيو/ حزيران، تريد إسبانيا تقديم الاتحاد الأوروبي للرأي العام من خلال عقد الاجتماعات غير الرسمية للاتحاد وقمة خاصة، في 22 موقعا في مختلف أنحاء إسبانيا بما في ذلك جزيرة مالوركا السياحية وجزر الكناري. في حين أن السويد وباستثناءات قليلة، اكتفت بعقد الاجتماعات في قاعة صالة كبيرة قرب مطار ستوكهولم.

لكن هل ستتمكن إسبانيا من التألق وتنفيذ برنامجها كما تريد؟ هذا ما تصعب الإجابة عليه الآن حسب رأي دبلوماسيين في بروكسل. “الرئاسة تريد أن تحدد جدول الأعمال، لكن في النهاية الأحداث الراهنة، هي التي تحدد الأجندة”، يقول ألكسندر ستوب، الأستاذ الجامعي والسياسي الفنلندي السابق، الذي كان عام 2009 وزير أوروبا وشارك في رئاسة حكومة بلاده الدورية لمجلس الاتحاد الأوربي.

ان الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن “رأي سياسي” وإنما تعبر عن رأي صاحبها حصرًا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى