كتب عوني الداوود في صحيفة الدستور.
ونحن على بعد أقل من شهر يفصلنا عن الموعد المقرر للانتخابات النيابية المقررة في 10 أيلول المقبل، وبعد اعتماد الهيئة المستقلة للانتخاب قوائم الترشح للقائمة العامة / الأحزاب (25) قائمة، واعتمادها للقوائم المحلية (174) قائمة.. وبعد أن تم الاعلان أيضا عن بدء الحملة الترويجية والدعائية للانتخابات.. رغم كل ذلك فإننا حتى هذا اليوم لم نسمع أو نقرأ عن أي برنامج انتخابي صدر رسميا عن أي قائمة حزبية كانت أو محلية.. وهذا في حد ذاته يعني ما يلي:
1 – جميع القوائم بما فيها الحزبية، تدرك أن قرار الانتخاب لن يكون استنادا الى البرامج – مع الأسف الشديد – بل اعتمادا على الاشخاص، ولذلك كانت التركيز- بل الصراع الشديد في بعض الاحزاب – على ترتيب الأسماء في القائمة، لأن الاعتماد – كل الاعتماد – سيكون على الاشخاص، بعيدا عن برامج الاحزاب أو توجهاتها أو حتى «اسمها»!
2 – حتى في القوائم المحلية.. فالاعتماد أيضا على الأسماء – وان لم يكن ترتيبها مهما كونها قوائم مفتوحة – لكنّ الاعتماد على الأسماء من أجل ضمان تحقيق نسبة العتبة المطلوبة (7 %)، ولذلك تدرك تلك القوائم بأن الناخبين يصوّتون للأسماء وليس للبرامج.
3 – إذا كان هذا الأمر الأمر طبيعيا ومتوقعا بالنسبة للقوائم المحلية، فانه مستغرب جدّا بالنسبة للقوائم العامة – الحزبية – التي من المفترض أن تكون أهدافها وبرامجها وراء استقطاب تلك الاعداد التي جذبتها للانضمام اليها خلال مرحلة التأسيس، هذه الأعداد التي يعوّل عليها لاستقطاب أعداد كبيرة من الناخبين – يوم الانتخابات تحديدا – بما يؤهل تلك الأحزاب أيضا لتجاوز حاجز العتبة (2.5 %) والحصول على أكبر عدد من الاصوات.
4 – حتى الاحزاب التي تقدمت بقوائم تحالف (5 قوائم نتجت عن تحالف 16 حزبا ) من أجل خوض الانتخابات، كان من الواضح تحالفها بهدف تحسين فرصها بالحصول على «العتبة» تؤهلها للفوز بمقاعد.
5 – حتى في الحملات الدعائية التي باتت تملأ الشوارع، لأحزاب متعددة، نلاحظ فيها ما يلي:
أ)- الأحزاب تركّز على «اسمها » دون مضامين لأن الهدف «ترسيخ» اسم الحزب في أذهان «الناخبين» حتى موعد الانتخابات.. وهذا مهم وضروري واحترافي لأن مدة الدعاية (نحو شهر) قصيرة جدا.. وأتمنى أن تكون المدة لأكثر من شهر في المرّات القادمة للفائدة الكبيرة التي تحققها طول المدة على الناخبين والمرشحين وعلى الاقتصاد الوطني.
ب)- الدعايات للقوائم العامة (الحزبية) تركّز على اسم الحزب وعلى صورة المرشحين.. وحتى هذا اليوم فسؤال كثير من الناخبين المكرّر هو: من صاحب هذا الحزب؟ ولا نكاد نسمع أحدا يسأل عن برنامج ذلك الحزب او تلك القائمة!.
6 – ندرك تماما أن التجربة الحزبية في بداياتها، وليس من الانصاف أن نستعجل الحكم عليها مبكرا، بل نحن على يقين من أن الحكم عليها سيبدأ مع بداية البرلمان العشرين المقبل، ومع متابعة أداء النواب الحزبيين، وأداء السيدات الناجحات وأداء الشباب الفائزين كي ندرك مدى نجاح التجربة وفائدة وجود أحزاب لديها برامج ورؤى تقدمها تحت قبة البرلمان، ومدى نجاعة ذلك الكمّ الذي سيشهده البرلمان المقبل بزيادة عدد السيدات « كوتا و تنافس» وما سيضيفه وجود عدد من الشباب ممن هم دون «الـ 35 » من العمر تحت قبة البرلمان.
– باختصار: حتى لو تمّ الاعلان في الايام القادمة عن برامج انتخابية فمن المؤكد أنها لن تؤثّر على خيارات السواد الأعظم من الناخبين، ولكن اطلاقها مهم جدا للتجربة واثرائها، علّنا نصل يوما الى أن يكون قرار الانتخاب قائما على برنامج يوصل الحزب الى البرلمان بغضّ النظرعن الأشخاص، ويتم محاسبة ممثلي الحزب داخل البرلمان وفقا لذلك البرنامج وليس وفقا لآرائهم الشخصية.. عندها نوقن بأننا نسير في الطريق الصحيح الموصّل الى مرحلة حكومات يشكلها الحزب الفائز.