رأي

انتخابات بطعم الثورات

كتب أنس الشيخ مظهر, في “العرب” :

الحزب الديمقراطي الكردستاني نجح منذ انتفاضة آذار/مارس 1991 في دفع الإقليم نحو الإعمار والازدهار رغم الضغوط التي كان يتعرض لها والمؤامرات الكثيرة التي كانت تحاك ضده من الداخل والخارج.

هناك مفاصل في تاريخ الشعوب تكون مهمة في تحديد مصيرها ورسم مستقبلها، توجب على المواطنين المشاركة في حيثياتها كي يمنعوا تداعياتها السلبية وكي تصب نتائجها في صالحهم. وقد تعتبر انتخابات إقليم كردستان التي ستجرى يوم الأحد أحد تلك المفاصل، فهي لا تقل أهمية عن الثورات التي خاضها الشعب الكردي طوال تاريخه، أو الانتفاضة التي قام بها عام 1991 وصولاً إلى استفتاء عام 2017، وهو ما يحتم على الشعب الكردي بكافة شرائحه وطوائفه وتوجهاته السياسية المشاركة فيها والذهاب إلى صناديق الاقتراع بكثافة يوم 20 أكتوبر الجاري.

فالمتغيرات التي تمر بها المنطقة، سواء في غزة أو لبنان أو سوريا أو اليمن أو العراق، تفرض على القوى الإقليمية والدولية تنظيم أوراقها من جديد في المنطقة. ويبدو أن قوة إقليمية معينة ترى في انتخابات كردستان هذه المرة ثغرة يمكن لها الدخول منها لتعويض الخسارة التي لحقت بها في دول أخرى كانت تهيمن عليها، لذلك تحاول مع القوى المتحالفة معها في العراق الدفع بتلك الانتخابات كي تصب نتائجها في صالح توجهاتها في كردستان والعراق والمنطقة. وإن كانت هذه القوة الإقليمية عليها شبهات بتدخلها في الانتخابات الأميركية، فليس من الصعب عليها أن تتدخل في انتخابات كردستان بوجود الكثير من حلفائها المتغلغلين في جميع مؤسسات الدولة العراقية.

◄ إن وعي مواطني كردستان سيجهض هذه المؤامرة الجديدة مثلما أجهضوا المؤامرات السابقة، ولن يرضوا بأن تتحول كردستان إلى ساحة تهيمن عليها تلك القوى وتحولها إلى بيئة تنتشر فيها أفكار رجعية تدمرها

إننا في كردستان اليوم نقف أمام مفترق طرق، فإما أن تبقى حرة تمتلك قرارها بيدها، أو أن تسيطر عليها تلك القوة الإقليمية التي لم تسيطر على دولة إلا ودمرتها بما لديها من توجهات لا تتطابق مع توجهات المجتمع الدولي والعالم الحر. لذلك، فالانتخابات الحالية في كردستان تتعدى المنافسة الطبيعية بين الأحزاب الكردستانية وتتجاوز الانتماء السياسي لكل مواطن، فهي ستحدد مصير كردستان ومستقبلها أمام محاولات قوى إقليمية وعراقية لإجهاض تجربة إقليم كردستان وإكمال ما فشلت في تحقيقه تلك القوى في مؤامرة 16 أكتوبر عام 2017، حتى إن اقتضى الأمر التلاعب بنتائجها لتفوز الجهة “الكردية” المعروفة بعمالتها لها والتي رضيت لنفسها بأن تكون معولاً لهدم كل توجه كردستاني وطني وجسراً لتنفيذ كل مؤامرة ضد كردستان. فالتسريبات الصوتية التي اطلع عليها جميع المواطنين تثبت أن هناك اتفاقات جرت بين تلك الجهات الإقليمية والعراقية من جهة وبين تلك الجهة “الكردية” لتزوير نتائج الانتخابات المقبلة.

لقد نجح الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ انتفاضة آذار/ مارس عام 1991 في دفع الإقليم نحو الإعمار والازدهار رغم الضغوط التي كان يتعرض لها والمؤامرات الكثيرة التي كانت تحاك ضده من الداخل والخارج. والأهم من ذلك هو نجاحه في إبعاد الإقليم عن سياسة المحاور التي فشلت دول كبيرة في المنطقة في إبعاد نفسها عنها. لكن يبدو أن تلك القوى الإقليمية تحاول اليوم وبجدية إخضاع كردستان وجرها إلى محورها لتعويض فشل تجربتها في اليمن ولبنان وسوريا، وهو ما يفسر اهتمام أذرعها في العراق بفوز “حليفها” الكردي في الانتخابات كي يصبح العراق بكامله تابعاً لها من زاخو إلى البصرة.

إن وعي مواطني كردستان سيجهض هذه المؤامرة الجديدة مثلما أجهضوا المؤامرات السابقة، ولن يرضوا بأن تتحول كردستان إلى ساحة تهيمن عليها تلك القوى وتحولها إلى بيئة تنتشر فيها أفكار رجعية تدمرها. فكردستان وجدت كي تكون واحة للتعايش والازدهار في ظل الحزب الديمقراطي الكردستاني والقوى الوطنية الأخرى.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى