امتعاض سنّي من “الثنائي”… وميقاتي: لن أكون شاهد زور

كتب رضوان عقيل في “النهار”: كان متوقعاً بعد الجواب الحاسم للمجلس الدستوري على الطعن المقدم من تكتل “لبنان القوي” ان يتحدد مصير جملة من الملفات السياسية العالقة بين الافرقاء، أو التعامل معها بناء على الرد الذي انتظره الجميع للبناء على مندرجاته قبل موعد الانتخابات النيابية وربطه بجلسات الحكومة المعلّقة وكيفية سريان اعمال التشريع في مجلس النواب. ولم يكن مفاجئاً انه بعد سقوط الطعن وتجرّع العونيين كأس المرارة السياسية والانتخابية، ان الامور ستتجه الى التصعيد بينهم وبين رئيس المجلس نبيه بري و”حزب الله”، ولا سيما بعد نفض الجميع أيديهم من دم تلك الصفقة او التسوية تلطيفاً للعلاقات بين القوى المعنية.
وكان من الملاحظ ان الفريق السياسي السنّي الممثَّل بالرئيس نجيب ميقاتي، الى “تيار المستقبل”، وصولًا الى المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى، غابوا عن كل الاتصالات التي تسارعت وتيرتها قبل عطلة نهاية الاسبوع، الى ان تكفّل ميقاتي بتعطيلها وإن لم تكن “ناضجة” في الأصل لأن طبّاخيها لم يحسنوا التعاطي معها جيداً، وكان العونيون من مكوناتها الرئيسية الذين يلوّحون من اليوم بعدم مسايرة “الثنائي” بعد خسارتهم الطعن، ولذلك سيضغطون أكثر لمعاودة جلسات الحكومة واتهام كل من لا يشارك بتعطيل المؤسسات.
وتركت ذيول هذه الاحداث وتطوراتها وما رافقها موجة من الارتياب الذي وصل الى حد اطلاق تساؤلات عند اقطاب سنية سياسية ودينية تدور في فلك دار الفتوى، انه من غير المقبول ممارسة هذا النوع من التغاضي “وعدم مراجعتنا”. وثمة ملاحظات توجَّه هنا الى “الثنائي الشيعي”، ولا سيما ان المجلس الشرعي ونادي رؤساء الحكومات السابقين يتشاركون معه في وجهات النظر الرافضة لاداء المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ويقولون ان السياسيين المدعى عليهم يجب ان يحاكَموا تحت قوس المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وعدم السماح بالقفز فوقه. ولم تصدّق جهات سنية مواكبة كلام النائب جبران باسيل حول ما حصل في عين التينة لدى زيارة ميقاتي لها، وتقول انه كان من الابطال الرئيسيين في تلك المسرحية التي تحدث عنها. ويعبّر المناخ السني، وإن اختلف في الخيارات مع ميقاتي او التقى معه، عن تأييده لكيفية تعاطيه مع هذه “الصفقة” وتصديه لها، وهم لا يطلبون منه بالطبع الدخول في ازمة مع بري لا يريدها هو في الاصل.
وثمة من يستوقفه كيف انه جرى طرح اسم قاض سني على رئيس الحكومة ليحلّ في موقع مدعي عام التمييز غسان عويدات، مع الاشارة الى ان ثمة قضاة اكثر خبرة وتجربة وعمراً من الاسم الذي كان مطروحاً وجرى تسويقه، زائد ضرب الاقدمية. وبالنسبة الى عويدات، ثمة جهات سنية مؤثرة في الطائفة تقول بصريح العبارة إنه لم “يكن على قدر المسؤولية والآمال التي عُلّقت عليه”.
وبعد “لا قرار” المجلس الدستوري واتساع مساحة التباعد بين العونيين وافرقاء الحكومة، لم ينفك رئيسها عن القول بأنه لن يقدِم على تخطي الدستور والقوانين او ممارسة اي ضغوط على القضاء انطلاقاً من مسلّمة لن يحيد عنها هي احترامه القضاء والفصل بين السلطات. ولا يمنعه مثل هذا الموقف من عدم تأييده لكل ما يقوم به البيطار على اساس ضرورة عدم تخطي المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وفي الخلاصة يرفض الرجل ان يكون في موقع “شاهد الزور” او السير في اي صفقات او تسويات على حساب المؤسسات، وان همّه الاول يبقى الحفاظ على أعمدتها والعمل على استمراريتها رغم كل التحديات التي تواجهها، وانه سيستمر في تغليب مصلحة البلد على اي مصلحة. ويقول انه لا يحتاج الى تقديم اثبات بان علاقته جيدة مع بري وليست سيئة مع رئيس الجمهورية رغم اختلافه معه في شأن الدعوة الى جلسات للحكومة ولو غاب الوزراء الشيعة.
وتصدر اصوات سنية تقول إنها على رغم كل ما حصل وما رافق رد المجلس الدستوري واسقاطه الطعن، فانها لن تسمح لباسيل بدقّ اسفين في العلاقة بين الرئيسين ميقاتي وبري، واذا ما حصل تباعد في وجهات النظر بينهما، فإنهما لن يختلفا، إذ يدركان حقيقة المسؤوليات الوطنية الملقاة على عاتقيهما.