أبرزرأي

الى متى ستبقى إسرائيل تتمرد على الإرادة الدولية؟

حسين زلغوط – خاص رأي سياسي:

في خلاصة لمواقف الموفدين الذين توالوا على زيارة لبنان بُعيد الحرب الإسرائيلية على غزة ، يظهر أن هناك رغبة دولية قوية بعدم اتساع الحرب بين لبنان واسرائيل، حتى أن الموقفين الإيراني والأميركي يلتقيان كل وفق رؤيته حول هذه النقطة، وقد عاد الموفدون كل الى بلده ولديهم إنطباعاً بأن لبنان على استعداد تام للتجاوب مع هذه الرغبة متسلحاً بالقرار 1701، كون أن تنفيذ هذا القرار بمندرجاته كافة كفيل بإنهاء الوضع المستجد منذ الثامن من تشرين الأول الفائت.
وفي مقابل الموقف اللبناني الإيجابي فإنه بات معلوماً للإدارة الأميركية وكل الدول التي تعمل على خط احتواء هذه الحرب بأن المشكلة تكمن عند الاسرائيليين الذين يرفضون الهدنة في غزة، ولا يعطون أجوبة واضحة في ما خص لبنان، والسبب الرئيسي في اتخاذ مثل هكذا موقف هو وصول رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو الى قناعة بأن انهاء الحرب من دون تحقيق الأهداف التي اعلن عنها مع بداية هذه الحرب، يعني نهايته سياسياً، وهو يعتبر ذلك كمن يصوب المسدس باتجاه رأسه.

ويلاحظ من خلال السلوكيات اليومية لاسرائيل تجاه لبنان، خصوصا لجهة تجاوزها قواعد الاشتباك في عملياتها العسكرية والتي كان أخرها استهداف مسيرة اسرائيلية لسيارة في منطقة جدرا التي تبعد عن الحدود بين ٤٠ و ٦٠ كيلومترا، بأن تل أبيب ماضية في استفزاز “حزب الله” وتجاوز الخطوط الحمر بغية حمله على الرد في العمق الإسرائيلي، وبذلك يكون هناك مبرر لفتح الجبهة مع لبنان على مصراعيها، من دون اعطاء اي اعتبار لما سيكون هناك من ارتدادات على مستوى المنطقة، وأن جل ما يريده نتنياهو من هكذا عمل هو إشراك واشنطن مباشرة في المعركة من خلال المواجهة مع ايران أو ضرب “حزب الله” في لبنان، وقد عبر وزير خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان بوضوح عن الأسباب التي تدفع رئيس الحكومة الاسرائيلية للاستمرار في حربه وهي أن نهاية هذه الحرب تعني نهاية عمل نتنياهو والحكومة المتطرفة في الكيان الإسرائيلي، وأن نتنياهو يسعى لكي يأخذ البيت الأبيض كرهينة ليتبقى له وقت أطول في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وهذا ما يضع ادارة جو بايدن أمام خيارين إما أن تبقى رهينة لنتنياهو أو تتطلع لوقف الحرب في غزة، واحتوائها في الجنوب اللبناني.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الى متى سيبقى نتنياهو يتمرد على الارادة الدولية التي تجنح في اتجاه وقف الحرب؟ حتى الساعة لا يعطي رئيس الحكومة الاسرائيلية أي اعتبار للمناشدات الدولية بوقف الحرب، وهو ربما يكون مستفيداً من الليونة الأميركية في التعامل معه، بغض النظر عن وصف الاعلام الاسرائيلي اللقاءات التي يعقدها وزير خارجية أميركا أنتوني بلينكن بأنها غالباً ما تكون عاصفة، ويتخللها صراخ وكلام عالي النبرة ، لأنه لو كانت واشنطن تعمل بشكل جدي لما كانت تزود اسرائيل يوميا بالأسلحة المتطورة، ولكانت دعمت أي قرار في مجلس الأمن لوقف النار، ولما كانت ترفع سلاح “الفيتو” في وجه اي قرار يُناقش في الأمم المتحدة حول هذا الأمر.

كل ذلك يقود الى القول بأن نتنياهو الذي يتصرف كالثور المجروح، ما كان ليتعنت في مواقفه لو كانت ادارة بايدن رفعت “الكارت” الأحمر في وجهه، وطالما الضوء الأخضر الأميركي موجود فان حرب الإبادة في غزة ستتواصل، فواشنطن همها هذه الفترة عدم اتساع رقعة الحرب مع لبنان ليس خوفاً على هذا البلد، بل خوفاً على مصالحها وقواعدها العسكرية في المنطقة التي ستكون مستهدفة لأن الحرب على لبنان لن تكون نزهة ، وهي ستأخذ شكل بيت العنكوبت لكثرة الجبهات التي ستفتح بوجه أميركا واسرائيل معاً.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى