رأي

الوطن يبنيه المخلصون وليس المتحزبون والطائفيون

كتب أحمد الدواس في صحيفة السياسة.

يحن الإيرانيون الى حكم الشاه، ففي عهده كانت إيران أكثر دول الشرق الأوسط تقدماً ونجاحاً، لكن لما جاءت الثورة سنة 1979 تضررت معيشة المواطن، وانعدمت الرفاهية، وقُمعت الحريات، وفُرضت القيود الاجتماعية، وأصبحت الانتخابات البرلمانية والرئاسية من نصيب الإسلاميين فقط، فيما يعلو صوت كثير من الإيرانيين مطالبين بإعادة الحكم الملكي.
في عهد الملك فيصل الأول، وفيصل الثاني، كان في العراق رفاهية وصناعة وفن، وحياة اجتماعية راقية، وامتلك التجار المصانع، لكن توالت الانقلابات، وبعد إطاحة نظام صدام تفاقم الشعور الطائفي، وانتشر الفساد بين عشرات السياسيين، فيما العراقيون يعانون من أزمة اقتصادية، وشعر كثير منهم بحنين للحكم المستبد السابق، أو العصر الذهبي أيام النظام الملكي، ونادوا بعودة الملكية.
المصريون كذلك يحنون الى عهد الملك فاروق، حين كانوا يعيشون حياة راقية مع تسامح ديني واقتصاد قوي، ويعتقد الليبيون ان الرئيس القذافي لو كان حيا لما ظهر العنف وتنظيم “داعش” في ليبيا.
في سنة 1964 أطاح انقلاب عسكري حكومة البرازيل، وأخذ يمارس القبض العشوائي، فاختفى أشخاص وجرت تصفيتهم جسدياً، وبعد 30 سنة جاءت طبقة سياسية حكمت البرازيل، وكانت أسوأ من الحكم السابق، وهنا شعر البرازيليون بحنين الى الماضي، وتمنوا عودة الديكتاتورية، فقد كانت الشوارع آمنة، أثناء الحكم العسكري.
جنوب أفريقيا كانت مستقرة خلال حكم مانديلا، وبعد وفاته تدهور وضعها الداخلي، وباتت تعاني من الفساد والانقسامات الحزبية، بسبب سوء حكم رئيسها السابق جاكوب زوما، الذي ارتكب أخطاءً كثيرة، فقد استغنى عن المخلصين والمحترفين العاملين بمؤسسات الدولة وعيّن الموالين له.
وفي شرق أوروبا يشعر اليوغسلاف بحنين إلى يوغسلافيا الموحدة التي تفككت، كذلك تفكك السودان الى شمال وجنوب بعد ان كان دولة مستقرة.
ما ذكرناه أمثلة على خطورة تغيير النظام المستقر مما يحطم الوطن، فاحمدوا ربكم على نعمة الأمن والاستقرار، بينما شعوب العالم تعاني الأزمات والفقر، والتمزق الداخلي.
ليت الحكومة تحل مجلس الأمة لبعض الوقت، حتى يستقر الوضع السياسي الإقليمي المحيط بالكويت، فقد كادت تضيع بسبب نواب البرلمان، ثم استغل هؤلاء حاجة الحكومة السابقة للاستقرار ففرضوا توجهاتهم على الدولة، مما أضر بمصالح البلاد والعباد، ورب قائل: لكن الحكومة سيقوى نفوذها في غياب المجلس، نقول: إن ثقتنا عالية بآل الصباح الكرام طوال قرون مضت، ومن يدري لعل حالنا ينصلح إذا أصبحت الكويت بلا مجلس أمة، فها هي الإمارات حققت إنجازات ضخمة دون برلمان.
الكويتيون عاشوا عبر تاريخهم يدا واحدة في المسرات والملمات، لا فرق بين الحاضرة والبادية، أو بين طائفة وأخرى، ولنكن يداً واحدة ضد الفساد، والتعصب الطائفي والقبلي، ونخشى ان يتحرك المتآمرون لإثارة الفتن والتراشق المذهبي لتمزيق المجتمع من الداخل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى يتم خلق الكراهية لضرب الوحدة الوطنية.
لابد ان نفهم اليوم قبل الغد ان الوطن لايبنيه المتحزبون والطائفيون، بل المخلصون الأوفياء.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى