
حسين زلغوط, خاص رأي سياسي:
أسئلة كثيرة تقض مضاجع اللبنانيين حول ابعاد توسعة مروحة الغارات الاسرائيلية التي استهدفت منذ بداية هذا الاسبوع أكثر من منطقة في الجنوب وصولاً الى البقاع ، وما اذا كان هذا الاستفزاز الاسرائيلي لحزب الله مجرد رد على اسقاط مسيّرة كبيرة من جانبه ، وهل اذا تم الاتفاق على هدنة في غزة ستتوقف تلقائياً المواجهات بين الحزب والعدو الاسرائيلي ، أم ستستمر وفق ما صرح به رئيس أركان الجيش الاسرائيلي عند زيارته الأخيرة منذ يومين الى منطقة الشمال المواجهة للجنوب؟
لا شك أن الإعتداءات الإسرائيلية التي باتت تطال العمق اللبناني، ان لناحية الغارات الجوية أو استهداف السيارات في أكثر من مكان بدأت تأخذ أبعاداً خطيرة، خصوصا وأن إسرائيل تجاوزت في الكثير منها ما يعرف بقواعد الإشتباك، وبات الخوف من تدحرج الأوضاع العسكرية الى مناطق أوسع على الجبهتين أمراً مبرراً، سيما وأن العدو الإسرائيلي مصر على استفزاز الحزب ظناً منه أنه بهذه الإعتداءات سيقوم “حزب الله” بتغيير القواعد التي يعمل بها في الميدان وتفلت الأمور من عقالها ويصل رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو الى حيث يريد لجهة توسعة الحرب التي يعتقد أنها ضرورية بالنسبة لمصيره السياسي.
“حزب الله” ما زال الى هذه اللحظة ممسك بالواقع الميداني، وهو قد وضع خارطة طريق منذ اليوم الأول لإعلانه فتح جبهة الجنوب كقوة إسناد لغزة، والى الآن لم يحد عنها وهي تقوم على قاعدة العين بالعين والسن بالسن، وأن أي تغيير محتمل في هذه الخارطة هو من يقدره وفق التطورات الميدانية ، وقد نجح الى الآن في منع اسرائيل من أن تكون هي من تقرر شكل المواجهات، وأن الكشف عن امتلاكه صواريخ أرض جو من خلال اسقاطه طائرة مسيرة اسرائيلية من نوع “هرمز 450” فوق منطقة اقليم التفاح قد اربك الكيان الاسرائيلي وجعله يحسب الف حساب لطلعاته الجوية بعد أن كانت طائراته في السابق تسرح وتمرح في أجواء لبنان.
ويقول أحد الساسيين المتابعين لمسار المواجهات الجارية بأن “حزب الله” كشف عن شيء بسيط مما يملك، وهو يعتبر أن ما هو مخفي أكبر وأعظم، وان الحزب لديه من القوة أن يضرب العمق الاسرائيلي ويحدث زلزالاً داخل اسرائيل ، وان تل أبيب تكاد تكون الجهة الوحيدة التي تعرف حجم القوة العسكرية التي تمتلكها المقاومة في لبنان ، وهي لأجل ذلك وضعت الكثير من السيناريوهات الحربية وأيقنت أنه سيلحق بها خسائر لن يكون في قدرتها على تحملها، وهذا الأمر أحدث ولا يزال إنقساماً كبيراً داخل المؤسسة العسكرية، وبينها وبين السلطة السياسية ، وهو ما يجعلها عاجزة عن اتخاذ أي قرار نهائي بشأن المواجة.
ويلفت هذا السياسي النظر الى أن اسرائيل استخدمت كل قوتها العسكرية وأفرغت كل مخازنها ، وتلك التي تأتيها يومياً من الولايات المتحدة الأميركية على مدى خمسة أشهر في حربها على غزة ، لم تحقق الى الآن أي هدف من أهدافها المعلنة ، وهي خسرت من الضباط والجنود ما لم تخسره في حروبها مع العرب، فكيف سيكون في مقدورها خوض معركة مفتوحة مع “حزب الله” في ظل هذا الاختلاف الكبير من الناحية الجغرافية بين لبنان وغزة، ناهيك عن القوة العسكرية التي تمتلكها المقاومة في لبنان ، والتي حكماً سترفد من قوى المقاومة في المنطقة.
وأمام هذا الواقع يعرب السياسي المذكور أننا سنكون أمام مشهد عسكري هو أكبر من معركة وأقل من حرب، الى حين اتضاح الصورة في غزة، وهو يتوقع انه في حال تم التوصل الى هدنة في غزة قبل بداية شهر رمضان المبارك ، أن تتوقف المواجهات في الجنوب ، اللهم الا اذا استمرت اسرائيل في عدوانها ، ساعتئذ سيكون “حزب الله” مستعداً لأي سيناريو وهو لن يرفع أصبعه عن الزناد بل العكس ستكون صواريخه موجهة الى حيث يجب أن تكون.